لم تخطئ عيونهم المتيقظة أن بعض السيارات المرقمة بالخارج، التي صادفوها مركونة بالشارع العام تثير نوعا من الشكوك. ففي جولاتهم اليومية خلال الأسبوع الجاري، رصد عناصر كوكبة من الفرقة المتنقلة ودراجي الشرطة القضائية لأمن البرنوصي أن هناك تشابه في أرقام لوحات سيارتين من نوع «ترافيك» كبيرة الحجم. العرباتان التجاريتان، اللتين كانت الأولى متوقفة بمشروع السلام بسيدي مومن، والثانية قرب ملعب الجماعة لكرة القدم بالبرنوصي، لا اختلاف بينهما إلا في صباغة هيكليهما. اللون الأزرق لواحدة والأبيض للأخرى لم يكن لهما أي مفعول في تمويه يقظة رجال الأمن، الذين توزعوا في فريقين للمراقبة المستمرة لكلا السيارتين المشبوهتين، حيث تمت ملاحظة اصطفاف مجموعة من السيارات المتشابهة في الحجم والترقيم الأجنبي بالمكانيين المراقبين، مما أثار مزيدا من الريبة والتوجس حول هذه «الطوموبيلات» المستقدمة من الجارة إسبانيا. آخر عملية للمراقبة الأمنية السرية، كانت زوال الثلاثاء الماضي. فبعد ترصد لمجموعة من عناصر الشرطة القضائية، الذين ظلوا يراقبون السيارات المشتبه فيها ابتداء من الرابعة زوالا إلى حدود التاسعة ليلا، لاح فجأة شبح شخص يقترب من سيارة «الترافيك» المركونة بأحد الأحياء المحاذية للطريق السيار بالبرنوصي. وما كاد يفتح الباب ويهم بتشغيل محركها، حتى طوقته العناصر الأمنية ووضعت الأصفاد في معصميه. التحقيق الذي باشرته على الفور الفرقة الجنائية بمقر الشرطة القضائية بحي أناسي، كشف أن الشاب الثلاثين الموقوف، هو مهاجر مغربي بالديار الإسبانية. وبعد انتقال فرقة أمنية إلى مسكنه بالبرنوصي، تم العثور داخل حقيبة على حوالي 140 صفيحة معدنية خاصة بترقيم المحركات (يصطلح عليها لدى العامة ب«بسرينا»)، بالإضافة إلى مجموعة من المعدات التي تستعمل في نقش الأرقام وعدد من لوحات السيارات وبعض الوثائق. هذا الكتشاف لعصابة تهرب السيارات من الخارج وتزور لوحاتها، ثم تبيعها في الغالب للتجار قصد استعمالها في نقل البضائع. سقط من أفرادها في المرحلة الأولى المهاجر المغربي، وبعده ألقي القبض على «سمسار» في الأربعينات من عمره، يتوسط في عمليات البيع والشراء، بينما لازال البحث جاريا على شقيق «الفاكنسي»، الذي يشتغل هو الآخر بإسبانيا. عملية تفكيك العصابة، التي ابتدأت منذ عدة أيام قليلة، أسفرت لحد الآن عن حجز سبعة سيارات من الحجم الكبير، لكن التحقيقيات فيها لم تتوقف بعد، حيث تم تمديد الحراسة النظرية للمتهمين الموقوفين إلى غاية يومه الجمعة من أجل تجميع كل المعطيات والدلائل للوصول إلى جميع المتورطين، وحصر لائحة السيارات المزورة، والبقية سيكشفها لا محالة التحقيق القائم على قد وساق بمقر الشرطة القضائية لأمن البرنوصي زناتة.