بدأت عمليات التصويت السبت في السعودية في انتخابات بلدية هي اول اقتراع يتاح للنساء المشاركة فيه ما قد يشكل خطوة تمهيدية على طريق تخفيف القيود الصارمة التي تفرضها عليهن المملكة. وبدأ الناخبون دخول مراكز الاقتراع في وسط الرياض حوالى الساعة 8,00 (5,00 تغ)، كما ذكر صحافي من وكالة فرانس برس. وتشارك في الانتخابات اكثر من 900 مرشحة يتنافسن مع قرابة ستة آلاف رجل في انتخابات 284 مجلسا بلديا على امتداد مساحة البلاد. وحتى قبل هذه الانتخابات، كانت السعودية البلد الوحيد في العالم الذي يمنع النساء من التصويت. يضاف ذلك الى سلسلة قيود تشمل منعهن من قيادة السيارات وارتداء الحجاب والعباءة السوداء في الاماكن العامة حيث تطبق معايير صارمة للفصل بين الجنسين. وهذه المجالس هي الوحيدة المنتخبة، علما ان دورها محدود ويرتبط بشكل عام بالاهتمام بالشوارع والساحات وشؤون بلدية اخرى. ونظرا الى انظمة الفصل بين الجنسين في الاماكن العامة، لم يتح للنساء المرشحات لقاء الناخبين الرجال بشكل مباشر، علما ان هؤلاء يشكلون غالبية الناخبين. اضافة الى ذلك، شكت سيدات من ان تسجيل اسمائهن للمشاركة في عمليات الاقتراع شابته صعوبات بيروقراطية، ونقص في الاطلاع على اهمية ذلك، كما انه لا يحق لهن القيادة بمفردهن الى مراكز التسجيل للقيام بذلك. وكانت الحملات الانتخابية التي اختتمت الخميس، محدودة الى حد ما، اذ ان القوانين منعت على المرشحين من الذكور والاناث نشر صورهم. وقال احد الناخبين احمد عبد العزيز الصليبي (78 عاما) ان "المرشحين لم يبرزوا اصواتهم للناخبين لذلك انتخبت على اساس ما احفظه من معلومات في ذهني عن المرشح"، موضحا انه "انتخبت رجل لانه ينقصني معلومات عن المرأة ليس عندي تحفظ على المرأة ويجب ان تأخذ دورها بالكامل" الا انه اكد ان "الانتخابات مهمة ومقدمة لانتخابات اكثر ستأتي لاحقا بعد هذه التجارب البطيئة". واضاف "نحتاج على أقل تقدير الى عشرة سنين او عشرين سنة لننتخب البرلمان بالكامل. لكن حتى لو انتخبنا خمسين بالمئة، سيكون جيدا". – فوز في كل الاحوال – وتبلغ نسبة النساء من الناخبين اقل من عشرة بالمئة، والتوقعات بانتخاب سيدة متواضعة. الا ان ثلث اعضاء المجلس يتم تعيينهم، ما يترك نوعا من الامل للنساء بتسميتهن. رغم ذلك، ترى نساء ان هذه الانتخابات انتصار لهن، أكان في حال الفوز أو الخسارة. وخارج مبنى "مركز الملك سلمان الاجتماعي" قالت طبيبة الاطفال امل بدر الدين الصواري لفرانس برس "كان ثمة حضور نسائي جيد واتوقع ان يكون اكثر خلال النهار". واضافت هذه المرشحة البالغة من العمر 60 عاما ان "الاقبال اقل مما يجب لكن كل شيء في البداية يكون بطيئا". وتابعت "اعتقد ان هذه الخطوة ستكون فاعلة وايجابية جدا"ان وقالت الصواري ان "مجتمعنا الى حد ما ذكوري ظاهريا لكن المرأة تعمل في كل مكان". اما المرشحة الجازي الحسيني فركزت حملتها على الانترنت، وخصصت موقعا الكترونيا نشرت فيه برنامجها الانتخابي. وتقول السيدة البالغة من العمر 57 عاما "قمت بأفضل ما لدي، وقمت بكل شيء بمفردي". الا ان الامور لم تكن ميسرة بالنسبة لكل النساء اللواتي حاولن الترشح الى الانتخابات. فمع بدء الحملة الانتخابية قبل نحو اسبوعين، اعلنت ثلاث ناشطات انهن تبلغن رفض ترشيحهن من قبل اللجنة الانتخابية. ومن هؤلاء لجين الهذلول التي امضت اكثر من شهرين في السجن العام الماضي بعد محاولتها دخول السعودية قادمة من الامارات العربية المتحدة، وهي تقود سيارتها بنفسها، في قضية اثارت جدلا واهتماما عالميا. ووافقت لجنة على الاستئناف الذي تقدمت به الهذلول، لكن قبل يومين فقط من موعد انتهاء الحملة الانتخابية، ما لم يتح لها القيام باي نشاط. وغردت الهذلول عبر موقع تويتر بالقول "تم استرجاعي كمرشحة بعد الطعن بقرار اللجنة المحلية"، معتبرة ان صدور هذا القرار قبل يومين من انتهاء الحملات "غير منصف". اما الناشطة نسيمة السادة التي رفض ترشيحها ايضا، فاشارت عبر "تويتر" الى انه "تم رفض الطعن" الذي تقدمت به، مضيفة "لكني سأشارك بالتصويت يوم السبت القادم، واتمنى من الجميع كذلك وأن لا يتنازلوا عن حقهم في التصويت". الى ذلك، افاد سكان في شمال شرق المملكة ان احدى السيدات التي تقدمت بترشيحها الى الانتخابات، اضطرت للتراجع عنه بعد اعتراض عدد من رجال الدين. ويرى ناخبون ان الولاءات والعلاقات العائلية والعشائرية ستشكل عاملا اساسيا في عمليات الاقتراع. وبحسب ارقام اللجنة الانتخابية، سجل قرابة 1,5 مليون شخص من الذين اتموا الثامنة عشر من العمر، اسماءهم للتصويت. ومن بين هؤلاء، 119 الف امرأة فقط. ولا تزال المملكة تفرض قيودا على النساء اللواتي يفترض بهن الحصول على اذن ذكر (والد او زوج او اخ) لاغراض العمل او السفر، والوالد او الاخ في حال اردن الزواج. ورحبت منظمة هيومان رايتس ووتش الحقوقية بالسماح للنساء المشاركة في الانتخابات اقتراعا وترشحا، مشيرة الى ان المملكة لا تزال تميز بحق النساء في جوانب عدة. وبدأت المملكة بتخفيف بعض هذه القيود في عهد العاهل الراحل الملك عبدالله بن عبد العزيز الذي اقام اول انتخابات بلدية في 2005، وتعهد باشراك النساء في دورة 2015.