هل انتهى عصر المباشر، يوم كان للجمهور والمشاهد قوة المطالبة بحق التمتع بالفن الراقي والالحاح على الاستمتاع بلحظة مايقدم له سواء عبر المذياع و التلفاز او المسرحّ، بعيدا عن الplay back الذي يختبئ وراءه بعض الفنانين للتغطية عن النواقص والعيوب والنشاز التي يشوب اصواتهم واختلال الايقاع والميزان من خلال الاداء، حيث تصبح مهمتهم جد سهلة لاقناع الجمهور عبر تشغيل اسطوانة تضم الاغنية المختارة المسجلة مسبقا ،والشروع في تتبع مقاطعها ،مع تواطئ واضح للفرقة الموسيقية الموجودة في البلاطو التي تتقمص الدور باتقان،رغم ان ملامح اعضائها التي تظهرها الكاميرا تقول اشياء اخرى،ونظراتهم تكشف الاحراج البين الذي يسقطون فيه. بعض البرامج التي تبثها القنوات التلفزية العربية او المغربية على الخصوص ،تقترف جريمة فنية في حق المشاهد والمستمع،يكون فيها المغني الجاني الرئيس الذي يضحك على ذقون المتتبع،هذا الاخير الذي يكون في موقف لايحسد عليه وتكون الاغنية المغربية بالتالي فاقدة لعناصر الارتجالية والعفوية والطلاقة، احدى اهم ركائز الحكم على المغني وانتقاد ادائه ويكون استعمال playback هروبا الى الامام لتزوير الاداء الحقيقي واختلاس حق الجمهور في الاستماع بالاداء الراقي وتشذيب ذوقه والرفع من نسبة صبيب التمتع والانبهار. قليل من الفنانين من (يغامر) لتادية اغانيه خلال البرامج التي تبثها القنوات المغربية بالمباشر بعيدا عن طريقة plyback ،وان حصل ذلك تكون الخسائر جد فادحة،يفقد معها ثقة معجبيه. وهذا ماحدث للفنانة لطيفة رافت،عندما طلبت منها منشطة برنامج "تغريدة" بشكل عفوي تادية اغنية على المباشر في حق المناضلة عائشة الشنا ،حيث اختارت مقطعا من اغنية (ستي الحبايب) للفنان الراحل محمد عبد الوهاب،فكانت الصدمة قوية عندما فشلت في تادية الجملة الموسيقية الاخيرة من المقطع الاول الموضوعة اصلا على الطبقة الصوتية العالية، امام ذهول المتتبع الموسيقي. صحيح ان اداء لطيفة رافت جاء في سياق لحظة احساس رهيف وجياش في حق المناضلة الشنا وتاثير واضح اربك اداءها الذي لم يكن ناجحا. كثيرة هي الامثلة التي سقط فيها بعض الفنانين الذين قرروا في لحظة من اللحظات خلال بعض السهرات والبرامج الفنية الاداء بشكل مباشر ليجدوا انفسهم في اوضاع حرجة. نفس الشيء سقط فيه ابن الراحل محمد بسطاوي خلال نفس البرنامج ،عندما كان خارج اللحن والميزان والايقاع، لتكون المرة الثانية التي يقع فيها ،حيث فشل فشلا ذريعا وهو يؤدي عبر المباشر احدى الاغاني المغربية خلال مهرجان موازين. القرار والطبقة العالية والجواب ،كلها مصادر ازعاج بالنسبة للفنان الذي لايتوفر على مساحة صوتية فسيحة، وغير متمكن من امكاناته الفنية ،يجد راحته في الاختباء وراء playback ، ليعطي صورة وهمية للمشاهد والمستمع والمتتبع. الاستعانة بالتقنيات الحديثة وعلى الخصوص طريقة البلاي باك ،تكون الوسيلة الاسهل من اجل التخلص من النشاز والظهور بمظهر المغني المتمكن لاقناع معجبيه باداء هو في اخر المطاف مزورا مع سبق الاصرار والترصد، تتحكم فيه عوامل تقنية تقوم بتحسينه وتنقيته من كل الشوائب،ليصل بالتالي الى اذان المستمعين في حلة نظيفة. البلاي باك هو وسيلة للاختباء وراء التقنيات الحديثة وتزوير الاداء الحقيقي لبعض الفنانين الذين اصبحوا نجوم شكل وليس نجوم صوت ،وهو في اخر المطاف اطار جاف ،خالي من الاحاسيس الجياشة . حسن حليم