دفع ارتفاع وتيرة الاحتقان الاجتماعي، الذي سببه ارتفاع فواتير أثمنة الماء والكهرباء بمراكش، بمحمد مهيدية والي الجهة، إلى دق ناقوس الخطر، خلال ترؤسه صباح الاثنين الماضي لاجتماع استثنائي للمجلس الاداري للوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء (الراديما). المسؤول الأول بالجهة، لم يتردد في إزاحة ورقة التوت، عن عورة الاختلالات التي ما انفكت تعرفها المؤسسة المذكورة، إن على مستوى طريقة الفوترة، أو على مستوى تدبير الصفقات، التي باتت حديث الخاص والعام. حقائق صادمة أصبحت الساكنة على علم بكل تفاصيلها كما أكد المسؤول المذكور. ومن ثمة إعلانه على ضرورة احترام ذكاء المواطن وجيبه. تفهم ظروف الساكنة، وأسباب احتجاجاتها المتواصلة، كشفت افتقار الوكالة لأطر قادرة تدبير هذا المرفق الاستراتيجي، ومواكبة قضايا الناس وظروفهم الاجتماعية، مع التأكيد على وجود عدة اختلالات وعيوب لم يعد ممكنا السكوت عنها،ومن ثمة إعلان الوالي بصفته رئيسا للمجلس الإداري، على إحالة ملف «الراديما» بمختلف مصالحها، على مكتب تدقيق خارجي، ذي خبرة عالية نزولا عند مطالب المحتجين، الذين ما انفكوا ينادون بضرورة محاسبة الوكالة عن أخطائها. ولأن أمن المدينة واستقرارها الاجتماعي، قد أصبح مهددا جراء الاحتجاجات الناجمة عن تصرفات الوكالة، فقد أصر والي الجهة على ضرورة تفعيل كل القرارات الاجرائية التي تم اتخاذها لمسايرة الظروف الاجتماعية والاقتصادية للساكنة المراكشية، مع الاصرار على وضع إدارة الوكالة أمام مسؤولياتها، في صياغة مقاربة تراعي كل هذه الشروط، لنزع فتيل التوتر. استنكار الوالي لمجمل الاختلالات المحيطة بتدبير الوكالة، وإصراره على تحقيق مطالب المحتجين، بعيدا عن أي تذرع بالاكراهات المالية، كشف وبشكل واضح، عن تفاصيل صراع مرير، ظل طي الكتمان، حين انبرى ممثلا وزارتي المالية والداخلية، للدفاع على طريقة تسيير الوكالة، مع التنويه والإشادة بالوكالة وأطرها، وبالمجهودات التي تبذل في سبيل توفير حاجيات المدينة من ماء وكهرباء، مع التلويح بضرورة عدم جعل القرارات المتخذة لرأب صدع ما خلفه غلاء الفواتير، تتعارض وتؤثر على التوازن المالي للوكالة. الوالي الذي لم تفته معاني ودلالات هذه التدخلات، انبرى للرد بشدة، عبر تأكيده على ضرورة احترام حقوق المواطن، باعتباره حجر الزاوية في مداخيل وأنشطة الوكالة، التي تعتبر بحسبه مصلحة عمومية، وحق من حقوق الناس كسائر الحقوق من صحة وتعليم، ومن ثمة التذكير بأن الجهود المبذولة المنوه بها، تدخل في خانة الواجب المؤدى عنه. الإصرار على مراعاة التوازن المالي ، قبل أية مقاربة اجتماعية تروم الحد من حدة الاحتقان، أخرجت المسؤول المذكور عن طوعه، ليؤكد بانفعال شديد بأن كل القرارات المتخذة لن تؤثر ولو بدرهم على مالية الوكالة، وأن مراعاة ظروف الساكنة تأتي في المقام الأول. تدخلات صارمة وحادة، كشف مهيدية عن بعض أسبابها حين تلويحه ببعض أوجه الاختلال، التي أدت لارتفاع الفواتير بشكل سريالي بلغ سقف العشرة الاف درهم لاستهلاك الماء، وألف وخمسمائة درهم لاستهلاك الكهرباء، بالنسبة لأسر لم يكن ثمن استهلاكها يتجاوز المائة والخمسين درهما. محمد الهبطي المدير العام للوكالة، الذي وجد نفسه محاصرا بهذه الصرامة الحادة، قرر بدوره رد الصاع صاعين، حين كان يشير لبعض أطره بتسجيل الكلمات الحادة لممثل جلالة الملك بالجهة، قبل أن يعمل تقنيو الوكالة على اقتطاع بعض الكلمات من سياقاتها، وتضمينها قرصا مدمجا تم توزيعه على نطاق واسع، على كافة المستخدمين، لإظهار المسؤول المذكور بمظهر المتحامل، الذي يدفع في اتجاه تلفيق التهم. اسماعيل احريملة