أعلن المعطي منجيب، دخوله في إضراب مفتوح عن الطعام، بمبرّر منع الأمن له من مغادرة التراب المغربي، و قال انه لن يرفع الإضراب إلّا بالسماح له بحرية التنقل، ويإيقاف ما اعتبرها حملة إعلامية تشهيرية تطاله وتطال أسرته من بعض المنابر. وقال منجب الذي يترأس جمعية "الحرية الآن" المدافعة عن الصحافة وحرية التعبير، في بيان صحفي، إن إضرابه بدأه منذ السادس من أكتوبر 2015 بعدما "منعه الأمن المغربي للمرة الثانية من مغادرة المغرب، وبالتالي من الحضور في مؤتمرات علمية بالنرويج واسبانيا". لكن مصادر أحداث أنفو القريبة من الملف ،نفت بشكل قاطع ادعاءات المعطي منجيب و اعتبرتها بعيدة جدا عن الواقع ، بل انها اعتبرت اضرابه عن الطعام مجرد تمثيلية في اطار هروبه الى الأمام ، خصوصا بعد عجزه عن الاجابة عن العديد من الأسئلة التي تهم ذمته المالية، كما نفت بشكل حاسم أن تكون عائلته قد تعرضت لأي نوع من أنواع المضايقات كما يدعي المعطي منجب رغبة منه في استدرار تعاطف الناس بشكل فج، تضيف مصادرنا، كما أن الاتصال بهذا الأخير و زيارته هي كما كانت دائما، أي مفتوحة و حرة و دون أي موانع. و كان المعطي منجيب قد كذب في وقت سابق تعرضه لمحاولة قتل وألصق الاتهام بموقع مغربي، وألح على أنه تعرض فقط للتهديد بالقتل حسب زعمه. وها هو اليوم يدعي أنه (ممنوع) من السفر كما لو أن الأمر يتعلق بشطط في استعمال السلطة، في الوقت الذي يعلم الجميع أنه لايزال خاضعا للتحقيق، و عدم مغادرة التراب الوطني في هذه الحالة هي مسطرة جنائية عادية و قانونية يتم اتخاذها في حق أي متابع رهن التحقيق. اضراب المعطي عن الطعام، تضيف مصادرنا، يأتي في اطار البحث عن حصانة من المتابعة القانونية، وهو يواصل بذل جهود كبيرة لضمان التضامن معه وتحويل قضيته إلى قضية حرية رأي وتعبير، لكن هل القضية حقا هي قضية حرية رأي وتعبير وتفكير؟ أم أن وراء الأكمة ما وراءها من أسئلة يفترض أنها ستثير شهية أي صحافي استقصائي لكي يبحث فيها قليلا ويعود منها بإجابات شافية؟ و كانت "أحداث.أنفو" قد حصلت بشكل حصري من مصدر مقرب من ملف التحقيق مع المعطي منجيب على الأسئلة التي رفض تماما أن يرد عليها وبخصوصها أمام المحققين ملتزما بالصمت ومتلفعا بعدم الرغبة في قول أي شيء، وهي أسئلة حقيقية تتعلق بصفاء الذمة المالية وتؤكد أن الملف كله ذو صبغة مادية ولا علاقة له بأي نقاش حول مايؤمن به أو ما لايؤمن به المعطي من أفكار أو مايقوم به المركز من دراسات أو نقاشات. أول سؤال رفض المعطي منجب نهائيا الرد عليه هو سؤال الوضعية القانونية لمركز إبن رشد، هذا المركز الذي يفترض أنه مؤسسة فكرية للنقاش السياسي تم تحويله قانونيا إلى شركة ذات هدف نفعي (A BUT LUCRATIF)، وهو أمر لم يقدم عنه منجب أي تفسير. ثاني الأسئلة يتعلق بمصادر تمويل المركز ومن أين يأتي بالمال لإقامة أنشطته وندواته وتحقيقاته وبقية الأمور. هنا أيضا كان الصمت سيد الموقف. الأسئلة مع المعطي منجب امتدت إلى القيمة الإجمالية للمبالغ المالية المحولة للمركز من طرف المنظمات الأجنبية. مرة ثالثة لا جواب، ولا وضوح. الصمت سيد الموقف، والحكاية لم تتوقف هنا. سؤال آخر هم هذه المرة عدم التصريح بالتحويلات القادمة من المنظمات الأجنبية إلى المركز لدى المديرية العامة للضرائب. لا جواب مرة أخرى. وعن سؤال هل تم إشعار الأمانة العامة للحكومة بهاته التحويلات كان الرد هاته المرة كالمرات السابقة: الصمت. سؤال آخر أكثر دقة هاته المرة هم حسب مصادرنا خمس عمليات تحويل بين 2012 و،2014 ولم يتم إشعار الأمانة العامة للحكومة بها، وطبعا لم يشذ الرد عن الردود السابقة، إذ بقي مندرجا في نفس الإطار الصامت من الكلام. بعد ذلك مرت الأسئلة إلى الذمة المالية الشخصية وانتقلت من المركز إلى الحسابات البنكية الخاصة بالمعطي منجب، وهنا كان السؤال دقيقا للغاية يستفسر عن السبب الذي يجعل المعطي يفتح أربعة حسابات بنكية جارية شخصية باسمه؟ وبعد التلفع بعدم الرد، انتقل السؤال إلى سؤال آخر أكثر إحراجا يهم الحساب البنكي الخاص بالراتب الجامعي للمعطي منجب وسبب عدم سحبه لأي مبلغ منه سواء كان صغيرا أو كبيرا لمدة طويلة قبل المرور إلى سؤال يهم سبب تحويل أموال قادمة إلى المركز إلى الحسابات الشخصية للمعطي منجب وسؤال مرتبط عن سبب استعمال أموال المركز الأجنبية في مضاربات مالية. ومع تواصل الصمت وعدم الرد، كان السؤال الآخر شبه محسوم في إجابته لا ينتظر منه من طرحوه أي جواب وهو سؤال: سبب تحويل جزء من تحويلات الخارج يقدر بمئات الملايين إلى حسابات شخصية للمعطي أو حسابات شخصية لأقاربه وذويه، وبالتحديد لحساب باسم زوجته وحساب ثان باسم أخته؟ عدم رد قد يكون صالحا للتعامل الأول مع الملف، لكنه بالتأكيد لن ينفع طويلا إذ يلزم الخروج إلى الرأي العام وتوضيح ملابسات هاته القضية والرد عليها خصوصا وأنها أسئلة واضحة محددة تهم الذمة المالية لمركز يبدو في وضعية "المناضل والمعارض" ولايجب أن تشوب تصرفاته أي شائبة خصوصا من الناحية الأخلاقية. مصادرنا قالت إن المحققين لديهم إجابات عن هاته الأسئلة كلها، لكنهم ينتظرون من المؤرخ ورئيس المركز الحامل لهذا الإسم الرمزي والكبير للرئيس إبن رشد أن يساعدهم في الرد وتنوير الرأي العام والوصول بهذا الملف إلى خلاصته النهائية: ملف ذو طبيعية تضييقة سياسية؟ أم مجرد ملف مالي تحوم حوله العديد من الشبهات؟ وكانت وزارة الداخلية المغربية قد أصدرت بيانًا قالت فيه إن حديث منجب عن منعه من السفر وتعرّضه لمضايقات كلها تصريحات "لا أساس لها من الصحة"، وإن المعني بالأمر "متابع في ملف مرتبط باختلالات مالية خلال فترة تسييره لأحد مراكز الدراسات". وتابعت الوزارة في بيانها الذي عمّمته الشهر الماضي أن الملّف معروض حاليًا أمام القضاء المختص.