وقف أمام الباب الموصد لحظات دون أن يتلفظ بكلمة قبل أن يبدي امتعاضه بإلقاء غضبه في وجه الحشد الواقف . الذي تحلق حول الباب متسائلا عن أسباب الإغلاق ،فعادوا بعدها بخفي حنين بعد علمهم أن الأربعاء والخميس والجمعة أيام إضراب بالجماعات المحلية . جلال الشاب الكفيف حل رفقة زوجته يوم أمس إلى ملحقة أنوال للحصول على عقد الازدياد لصغيرته،بغية إتمام ملف الإلتحاق بوزارة الأسرة والتضامن في إطار التشغيل المباشر ،اعتبر إضراب أيام الأربعاء والخميس 21و22 و 23دجنبر، والذي تخوضه الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد المغربي للشغل مجحفا ،سيحرمه من الوظيف ،لكون يوم الجمعة هو آخر أجل لإيداع الملفات . لم تبالي فاطمة أول الأمر بهذا الإغلاق، فانطلقت تعد الخطوات كي تغادر المكان ،لتتوقف متسمرة ، شاردة بعدما التقطت مسامعها أن الإضراب مستمر إلى يوم الجمعة ، فتساءلت باستنكار » واش بصاح » لتقترب منها خديجة التي لم تكن سوى عاملة نظافة ، اقتطعت من دوامها ساعة لإنجاز عقد الازدياد . كانت فورة غضبها شديدة ، لم تتوقف طوال الوقت عن التذمر وإبداء الضجر ،إلا أن استوقفت حديثها إحدى المواطنات ، وهي تدلها على مقاطعة الفداء بدرب السلطان كي تنجز الوثائق الإدارية. مصلحة تصحيح الإمضاءات بهذه المقاطعة كانت تعج بالمواطنين ،أتوا من كل صوب وحذب في صراع مع الزمن للحصول على الوثائق الإدارية . لم تكن هذه المصلحة هي الوحيدة التي فتحت أبوابها لاستقبال المواطنين، فمقاطعة سيدي بليوط هي الأخرى كانت في الموعد. لكن ماميزها صبيحة أمس هو الاكتظاظ والازدحام .... كانت سعة صدر الموظفين كافية لامتصاص هذا الغضب ، فببعض من الصبر يمكن تجاوز هذا الإكراه كما صرح بذلك أحد الموظفين ،فيما ارتسمت الحسرة والقلق على كثير من المواطنين الذي وقفوا في طابور الإنتظار سلاحهم الوحيدة الصبر ثم الصبر. الكاتب العام للجامعة الوطنية للجماعات المحلية سعيد الشاوي والتي ستنظم لمعركة الاحتجاج اليوم وغدا، فقد عبر عن أسفه لما يعانيه المواطنون من إكراهات خلال أيام الإضراب ،لكننا مكرهون وليس مخيرون .فالإضراب حق مشروع للضغط على المسؤولين لتحقيق مطالب شغيلة الجماعات المحلية » ليضيف بلغة حازمة «اختيارنا للإضراب لا يتعلق بأجندة سياسية ، بل بمطالب مستعجلة طرحناها مرات عديدة على المسؤولين ووقعنا حولها اتفاقيات لكن بقيت حبيسة الرفوف دون تفعيل » ليختم تصريحه بصرخة أمل موجهة للحكومة المقبلة علها تنظر بعين الجدية والاهتمام إلى مطالبهم المشروعة . للإشارة فهذا الإضراب هو الثالث من نوعه في ظرف لم يتجاوز الشهر تخوضه شغيلة الجماعات المحلية، لحث الوزارة على مراجعة المفعول الإداري والمالي لوضعية الموظفين المجازين وفق الجدولة الزمنية والحصص اللذان تم تحديدهما في مرسوم وزارة تحديث القطاعات، ليطالبوا وزارة الداخلية باحترام تاريخ إجراء امتحانات الكفاءة المهنية والاستفادة من التعويض عن المسؤولية لفائدة رؤساء والأقسام والمصالح والكتاب العامين بالجماعات الحضرية والقروية وإلغاء المراسيم من 1إلى 4. ففترة الإضراب ستمتد إلى يوم الإثنين المقبل لمصادفتها مع عطلة نهاية الأسبوع ، وهي مدة اعتبرها المواطنون طويلة ستعطل مصالحهم . ليعبروا عن غضبهم من النقابات التي تتعمد هذا الاختيار ضاربة عرض الحائط مصالح المواطنين ،الذين تتضاعف مشاقهم بسبب الإضرابات المتكررة والمتتالية . عمر الذي لم يتجاوز العقد الثالث كان من بين القلائل الذين تفهموا دعاوي الإضراب بقوله« الموظفين ديال الجماعة راه محكورين كيعطيوهم جوج ريال راه من حقهم يديرو الإضراب » ما كاد ينتهي من دفاعه حتى تعالت أصوات المعارضة ، تحاول شجب رأيه ، ولتشنف مسامعه بالعشرات من الأسباب والمسببات التي تجعل الإضراب هو مجرد قرارمزاجي غايته » الراحة والاستجمام ». فيما تعتبره الشغيلة حقا مشروعا دونه لن تتم الاستجابة لأبسط المطالب . . سعاد شاغل