لم يعد البيضاويون يخشون من بأس الحديد كلما امتطوا سياراتهم الخاصة أو كانوا من ضمن ركاب الطاكسيات والطوبيسات. إلا الوقوع في مطبات الاختناقات المرورية، التي تتحول عند الملتقيات الطرقية والإشارات الضوئية إلى كماشة من العربات بمختلف أحجامها، تكون عصية على الإنفلات منها حتى بالنسبة لأمهر السائقين وأكثرهم خبرة في التعامل مع مشاكل حركة السير الخانقة.ففي ساعات الذروة لحركة السير داخل شوارع الدارالبيضاء، التي تزداد حدة الاختناق والعرقلة المرورية فيها في الفترات الصباحية والزوالية والمسائية، حيث تمتلئ المسالك الطرقية عن آخرها بأعداد هائلة من السيارات والحافلات والشاحنات، مما يربك دور كل العلامات والإشارات المنظمة للمرور والعبور، ويحول الوضع عند ملتقيات الشوارع والمدارات والممرات إلى تشابك للأجسام فولادية، لا يمكن تحرك أو انسلال أي منها إلا بتدخل عناصر محنكة من شرطة المرور. فعلى سبيل المثال تعبر يوميا الطريق السيار الحضري بين البرنوصي ومقر المكتب الشريف للفوسفاط ما بين 80 ألف و130 ألف سيارة، و بشارع عبد المومن مرور 60 ألف سيارة، شارع غاندي حوالي 42 ألف سيارة، شارع الزرقطوني 80 ألف سيارة، طريق أولاد زيان ما يناهز 86 ألف سيارة. هذه المشاكل المرورية المزعجة لأصحاب السيارات ومستعملي وسائل النقل وللمارة أيضا، بدأت تزداد حدتها يوما بعد يوم في سائر شوارع العاصمة الاقتصادية، حيث تضاعف في السنوات الأخيرة أسطول العربات المتحركة في شوارع المدينة العملاقة، بينما ظلت الشبكة الطرقية الحضرية متخلفة عن نمو الكثافة السكانية المهولة، والارتفاع الصاروخي لعدد مالكي السيارات الخاصة. فحسب معطيات رسمية أن الرقعة الجغرافية للدار البيضاء تتمطط كل سنة بما قدره 1000 هكتار، مما يفاقم من الضغط على المجال العمراني، وبالتالي الزيادة الحادة في صعوبة التنقل بين أحياء وعمالات الولاية الكبرى، سواء عبر الطرق الجانبية أو الشوارع الداخلية أو الطريق السيار الحضري. وأمام هذه الاختناقات المرورية الفظيعة، التي لا تتوقف على مدار ساعات اليوم، حيث هناك توقعات في تضاعف مشاكل حركة السير بكافة شوارع الدارالبيضاء خلال الأعوام القليلة لقادمة في حال عدم تنزيل وتنفيد حوالي 20 مشروعا، كانت السلطات المحلية قد برمجتهم منذ سنوات كحلول لفك الحصار عن المدينة، منها نموذج الطريق الدائرية الرابطة بين شاطئ واد مرزك والمدار الجنوبي وصولا إلى بدال أوطوروت بوسكورة، الطريق الرابطة بين سيدي مسعود وسيدي مومن مرورا بحي سباتة وحي الأسرة والمدينةالجديدة سيدي عثمان والتشارك لتخفيف الضغط عن الطريق السيار القديم، فتح ممر طرقي تحت أرضي للسكك الحديدية لارميطاج لربط شارع أنوال بشارع موديبوكيتا، لتخفيف الضغط عن شارعي لالود والإسكندرية، فتح ممر طرقي تحت أرضي للسكك الحديدية بمصنع بيرلي بالبرنوصي، لتخفيف الضغط عن شارعي ميموزا بعين السبع وعلى شارع الشفشاوني بالحي الصناعي البرنوصي، إنجاز نفق محطة القطار الوازيس لربط شارعي موديبوكيتا وعبد الرحيم بوعبيد، لتخفيف الضغط عن شارعي عبد المومن وباشكو وطريق الوازيس، إنجاز نفق «شيميكولور» لربط ساحة دكار بساحة الزلاقة، لتخفيف الضغط عن شوارع ابن تاشفين وخريبكة وإميل زولا، إنجاز قنطرة مرجان كاليفورنيا لرفع الاختناق عن هذا المدخل الحيوي بجنوب الدارالبيضاء، فتح منافذ طرقية بين كورنيش عين الذئاب وشارع مصطفى عكاشة، فتح طريق المرسى الرابطة بين باب 4 بالميناء وحي عكاشة، لتخفيف الضغط عن شارعي السفير بن عائشة ومولاي سليمان، ترحيل أنشطة المركز التجاري «درب عمر» نحو المناطق اللوجستيكية المحدثة بضواحي البيضاء لإبعاد الشاحنات وسيارات نقل البضائع عن وسط المدينة، توسيع قناطر الأوطوروت (شارع الناضور، كابلام، قنطرة فولفو بحي القدس)، بالإضافة إلى مشروع توسيع الطريق السيار داخل المجال الحضري بكلفة 500 مليون درهم، الذي أعلن عنه في الشهر الماضي وزير الداخلية خلال جلسة برلمانية، وذلك ضمن مشاريع أخرى، سيتم برمجتها من أجل التخفيف من حدة الاكتظاظ واختناق السير والجولان بالعاصمة الاقتصادية. وفي انتظار تطبيق هذه الحلول النظرية، سيظل البيضاويون في حالة استنفار قصوى مع الاختناقات المرورية اليومية، التي يعيشونها مكرهين بشكل ملموس وواقعي أكثر من اللازم.