كانت أول الملاحظات التي أبداها كل من اطلع على مشروع القانون الجنائي الذي نشرته وزارة العدل والحريات على موقعها، أن المشروع شدد من العقوبات في قضايا «الإرهاب» ومُحاولة الالتحاق بالمنظمات ذات العلاقة به، أو الترويج لها. كما نص المشروع على «تجريم» التعذيب، وخصص لذلك عقوبات «ثقيلة». وتهتبر الأفعال التالية جرائم إرهابية وهي «الالتحاق أو محاولة الالتحاق بشكل فردي أو جماعي في إطار منظم أو غير منظم، بكيانات أو تنظيمات أو عصابات أو جماعات، إرهابية أيا كان شكلها أو هدفها أو مكان وجودها، ولو كانت الأفعال الإهابية لا تستهدف الإضرار بالمملكة المغربية أو بمصالحها»، كما أن التدريب أو التكوين أو التجنيد اعتبرها المشروع جرائم إرهابية وحدد عقوبتها بالسجن من 5 إلى 10 سنوات. وتتضاعف إذا تعلق الأمر بتجنيد أو تدريب أو تكوين قاصر، في حين ستصل العقوبة للإعدام إذا تعلق الأمر بأعمال إرهابية أدت إلى موت شخص أو أكثر. ورغم تقليصه لعدد الجرائم الموجبة لعقوبة الإعدام من 36 جريمة إلى 10 جرائم، احتفظت مسودة مشروع القانون الجنائي بالعديد من الحالات الموجبة للإعدام، تم حصرها في الاعتداء على شخص الملك وأفراد أسرته، وبعض حالات الإرهاب. ونصت المسودة على أن «الاعتداء على حياة الملك أو شخصه يعاقب بالإعدام، ولا تطبق أبدا الأعذار القانونية»، وتطول هذه العقوبة كل «اعتداء على حياة ولي العهد أو أحد أفراد الأسرة الملكية». كما نص المشروع على عقوبة الإعدام ضد كل مرتكب لجناية الخيانة، في وقت الحرب أو السلم، و«كل من حمل السلاح ضد المغرب، أو باشر اتصالات مع سلطة أجنبية بقصد حملها على القيام بعدوان ضد المغرب». ويدخل ضمن الخيانة، حسب المشروع، كل من زود سلطات أجنبية، بمعلومات أو سهل دخولها إما بزعزعة إخلاص القوات المسلحة أو بأي وسيلة أخرى، بالإضافة إلى تسليم سلطات أجنبية أو عملائها قوات مغربية، وكذلك كل من أفسد عمدا آليات للدفاع الوطني». وبالنسبة للتحرش الجنسي، يظهر أن مشروع القانون الجنائي استجاب للدعوات المنادية التي طالما رفعتها الجمعيات النسائية للحد من ظاهر التحرش الجنسي، واستفحاله بالمجتمع، حيث عرف مشروع القانون الجنائي المتحرش الجنسي بأنه «كل من أمعن في مضايقة الغير في الفضاءات العمومية، أو غيرها، بأفعال أو أقوال أو إشارات ذات طبيعة جنسية، أو لأغراض جنسية»، أو «كل من وجه رسائل مكتوبة أو هاتفية أو إلكترونية أو تسجيلات أو صور ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية». وخصص مشروع القانون عقوبات لهذا الفعل الجرمي حين نص على أن كل مرتكب لهذه الأفعال يعاقب بالسجن من شهر واحد إلى ستة أشهر، وغرامة من ألفي إلى 10 آلاف درهم، وتضاعف العقوبة إذا كان مرتكب الفعل زميلا في العمل، أو من الأشخاص المكلفين بحفظ النظام والأمن في الفضاءات العمومية أو غيرها. وذهبت المسودة إلى معاقبة بالحبس من سنة واحدة إلى ثلاث سنوات، وغرامة من 5000 إلى 50 آلاف درهم، من ارتكب التحرش الجنسي من طرف أحد الأصول أو المحارم أو من له ولاية أو سلطة على الضحية، أو مكلفا برعايتها أو كافلا لها، وإذا كان الضحية قاصرا دون الثامنة عشر من عمره. وبخصوص جريمة الإجهاض فإن المواد المقررة لعقوبتها والمتضمنة في المواد من 449 إلى 458 ضمن الفرع الأول من الباب الثامن لم ترد في المشروع، لتتم الإشارة إلى أنها متروكة (في انتظار المشاورات حول الموضوع) التي صدرت بخصوصها تعليمات ملكية. والملاحظ بالنسبة للمشروع إنه تمت إضافة جرائم وعقوبات جديدة مع حذف بعض الفقرات المعمول بها حاليا لاسيما المتعلقة بالتدابير التنظيمية التي أصبحت من اختصاص المؤسسات السجنية، ويمثل إقرار العقوبات البديلة، أهم تعديل سيعرفه التشريع الجنائي الجديد، فضلا عن التغييرات التي شملت مدد العقوبات الحبسية والغرامات المالية. رشيد قبول