في سنة 2003، كان الراحل محمد بوزوبع، وزير العدل في ذلك الوقت، قد قدم نص مشروع قانون يندرج في سياق التحولات العميقة التي كان المغرب يعرفها، خصوصا في مجال الاعتراف بحقوق الطفل والمرأة على الوجه الأخص. وكان مشروع القانون الذي قدم للبرلمان من أجل المصادقة عليه، يهدف الى ادخال تعديل على القانون الجنائي، وقد نص على معاقبة كل شخص يستعمل ضد الغير أوامر أو تهديدات أو وسائل للإكراه أو أية وسيلة اخرى مستغلا السلطة التي تخولها مهامه لأغراض ذات طبيعة جنسية. ونص القانون، في عام 2003، على معاقبة كل شخص من الأسرة، سواء كان امرأة أو رجلا، بالحبس من سنة الى سنتين وغرامة مالية تتراوح ما بين 5 آلاف درهم و50 ألف درهم، إذا ما ثبت تورطه في جريمة التحرش الجنسي. عشر سنوات بعد ذلك ستقدم وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن بالتعاون مع وزارة العدل، مشروع قانون يجرم التحرش الجنسي، تم التسويق له على أنه سابقة في مجال القوانين المتعلقة بمحاربة العنف الممارس ضد المرأة بالمغرب، و أثار بذلك الكثير من اللغط في أوساط المجتمع المغربي. و قد اقترح المشروع، رغم تحفظ الجمعيات الحقوقية و النسائية عليه، أن يعاقب المتحرش بالحبس من شهرين إلى عامين وبغرامة مالية تتراوح بين 1000 درهم و3000 درهم، أو بواحدة من العقوبتين. و بعد رفض الأطراف التقليدية داخل الحكومة لهذا المشروع المجرم للتحرش الجنسي، تم ادخاله الى الثلاجة، ليخرج سنتين بعد ذلك، في اطار تعديل القانون الجنائي، و قد خفف العقوبات الحبسية على المتحرشين. و ينص مشروع القانون الجنائي في نسخته الجديدة على معاقبة كل مرتكب لجريمة التحرش الجنسي بالسجن من شهر واحد إلى ستة أشهر، (عوض عقوبة من شهرين إلى عامين في النسخة السابقة)، وغرامة من ألفي إلى 10 آلاف درهم، و تضاعف العقوبة إذا كان مرتكب الفعل زميلا في العمل أو من الأشخاص المُكلفين بحفظ النظام والأمن في الفضاءات العمومية. و جاء تعريف مرتكب جريمة التحرش الجنسي فضفاضا على الشكل التالي، "كل من أمعن في مضايقة الغير في الفضاءات العمومية، أو غيرها، بأفعال أو أقوال أو إشارات ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية"، و "كل من وجه رسائل مكتوبة أو هاتفية أو إلكترونية أو تسجيلات أو صور ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية". و ينتظر أن يلاقي هذا المشروع في جوانب مهمة منه، معارضة حقيقية من طرف الجمعيات الحقوقية و النسائية، التي تشتكي أغلبها من ابعادها عن موضوع هو من صميم انشغالاتها و عملها اليومي.