قبل أن يجلس، خلع عبد الاله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية سترته ووضعها على الكرسي، وبعدها شرع في مسح العرق الذي بدأ يتصبب من جبينه، ثم شرب كوبا من الماء، استعدادات أولية، قام بها قائد حزب المصباح، وهو يتأهب للاجابة على سيل من الأسئلة لمحاوريه، بمقر البورصة الجمعة الماضي، بالدار البيضاء. كل المؤشرات كانت توحي لبنكيران أن النقاش سيكون ساخنا، لما نزل ضيفا على المائدة المستديرة التي نظمتها جمعية قدماء العلوم السياسية بشراكة مع جريدة «الأحداث المغربية»، و«تيل كيل»، لكن مع توالي الاسئلة، بدأ بنكيران يرتاح لها، وأخذت توجساته، التي كانت تسيطر عليه في البداية تتبدد ليبدأ في الاجابة باللغة العربية، إذ سرعان ما سينتقل إلى الكلام بلغة موليير نزولا عند رغبة إحدى السيدات التي لاتفهم العربية. أسئلة محاوري بنكيران التي حلقت به في سماء الوضع السياسي الحالي، وإن كانت قد انطلقت به من موقف الحزب من اتفاقية «سيداو»، التي قال عنها« راه مايمكنش تكون عندنا المساواة في الارث، را القضية فيها حكم شرعي قطعي»، فإن حديثه عن الملك قد فصل فيه بنكيران الكلام إلى قسمين، وهو يحدق في محاوره ، «شوف أولدي، الملك كشخص، نكن له الاحترام الكامل، وحنا مربين على هذا الشي»، ويسترسل بنكيران في الكلام «أما الملك كمؤسسة فوجوده ضروري»، تم رفع سبابته في اتجاه محاوره يخاطبه « شوف راه رئيس الحكومة المقبل كيف مبغا يكون نوعو، بدون الحضور الفعلي للملك راه مايدير والو». أما سؤال الخمر، وإن كان حزب العدالة والتنمية سيقوم باغلاق الحانات، إن أصبح في الحكومة، فقد استقبله بنكيران باطلاق ضحكة طويلة قائلا «حنا حزب واقعي نريد فقط حكامة جيدة لمحاربة الفساد، والناس لمبليين كنطلبو ليهم حنا غير الهداية من عند الله»، ثم استطرد قائلا « راه حتا الاسلام حرم الخمر، ولكن لم يمنعه» أمين عام حزب المصباح، الذي ظل يستعين بشرب الماء، بين الفينة والأخرى للمحافظة على النفس، ظل على امتداد أكثر من ساعة من الزمن يجيب على الأسئلة، والتي عرجت به على الموقف من حركة 20 فبراير«لقد تريثنا في النزول إلى جانبها حفاظا على الاستقرار في البلاد»، أما حديثه عن امكانية تحالف حزبه مع الكتلة الديموقرطية، فلم يتردد في القول« واش بغيتوني نبدا ندلل في الحزب على عباد الله، إلى بغات الكتلة تتحالف، مرحبا»، في حين طيلة كلامه عن الانتخابات، ما فتىء يشدد على أن المشكلة الكبيرة تكمن في الفساد، وأن المغرب «محتاج اليوم إلى رجال يدبرون الشأن العام بنوع من الشفافية والحكامة الجيد». وقبل أن ينتهي من الاجابة على أحد الأسئلة حتي فوجىء بسؤال، ماذا ستفعلون لو أصبحتم رئيسا للحكومة المقبلة؟، ابتسم ابتسامة عريضة في وجه الحضور، ليلتفت بعد ذلك إلى مخاطبه وبلغة حازمة، «أشوف آسيدي، المشكل ليس هو الوصول إلى الحكومة، ولكن في، من يستطيع الاجابة على الأسئلة التي يطرحها الشارع اليوم» وإذا كان العياء قد بدأ يأخذ طريقه إلى بنكيران مع مرور الوقت، وهو يجيب بكل حماسة على الأسئلة، فإن سؤالا جاء من الحضور حول المثلية الجنسية قد جعله، يغير نبرته، التي صارت حادة وصارمة، «أن يتظاهر المثليون في الأماكن العامة، لايمكنني أن أقبل هذه الفكرة وبالتالي فأنا أعارضها اطلاقا» ، هو يشير بيديه دلالة على عدم التساهل مع هذه المسألة