فتح مؤخرا باب النقاش حول التبرع بالأعضاء بعد الموت، لكن الموضوع أثار الكثير من النقاش بسبب التخوف من حرمة هذه الخطوة على اعتبار جسد الإنسان أمانة وليس ملكا له، فهل التخوف له ما يبرره، وهل يختلف حكم التبرع بعد الموت باختلاف القصد، وهل يمكن لأسرة الميت أن تنوب عنه في اتخاذ القرار ؟ فكرة المنع المستندة على كون جسم الإنسان ملك لله قال بها الشيخ الشعراوي رحمه الله، ومن يقول هذا الكلام غاب عن فكره أن كل ما في هذا الكون هو ملك لله و ليس الأعضاء البدنية فقط، والله سخر لنا البدن والكون و ما فيه للانتفاع به، مصداقا لقوله تعالى «هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا»، بل إن الانتفاع يشمل حتى الكواكب في السماء، حيث يقول تعالى، «وسخر لكم مافي السموات وما في الأرض جميعا»، وبالتالي فإن التبرع بأعضاء البدن بعد الموت عمل مشروع ما دام الإنسان الميت لم يعد يحتاج لتلك الأعضاء، كما أن فيه ثواب لصحابه لأنه ينفع أخاه المسلم، وفي الحديث النبوي، « من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل»، لا سيما أنه بعد الموت تنتفي الشروط المطلوبة في التبرع خلال الحياة، حيث يشترط في التبرع بالأعضاء خلال الحياة أن لا تؤثر هذه الخطوة على صحة المتبرع، أو تهدده بالموت، لكن بعد الموت لا يوجد هناك أي شرط، بل يبقى العمل مشروعا مطلقا وبدون أي حرج، وبدون أي تأثم. ويدخل في هذا الباب أيضا التبرع بالأعضاء من أجل البحث العلمي والاكتشافات التي غايتها نفع البشر عموما، ويكون الأمر من باب الصدقة الجارية التي ينتفع بها آلاف البشر في المستقبل، لكن يشترط في هذا الفعل الإرادة الكاملة للشخص، ولا يحل أن يتخذ الورثة قرار التبرع بعد موت المعني دون إذن مسبق منه، إلا إذا كانت هناك أمور اضطرارية .. وهذا العمل عموما لازال غير مألوفا عند الناس، مع أنه لو تم الانتباه إليه لكان فيه الخير الكثير للناس المرضى، والأحياء المحتاجين لعضو ما من أعضاء الجسم، وشخصيا لا مانع لدي بالمرة في هذه الخطوة التي فكرت فيها فعليا لخيرها الكثير، لكن الإجراءات القانونية هي العقبة الوحيدة لحد الساعة. سكينة بن الزين