أثارت «الفتوى» التي أطلقها عبد الفتاح حمداش زيرواي الذي يعتبر أحد رموز السلفية في الجزائر ضد الكاتب كمال داود بخصوص هدر دمه، على خلفية تصريحات أدلى بها الكاتب خلال استضافته في برنامج تلفزيوني فرنسي، والتي تحدث فيها عن نظرته ككاتب للإسلام وللغة العربية. كمال داود كاتب صحافي جزائري استقطب كل الأضواء مؤخرا، بعد ترشيحه للفوز بجائزة الغونكور أرقى الجوائز الأدبية الفرنسية، والتي خسرها بفارق صوت واحد، وذلك بمناسبة إصداره أول رواية له وهي «مورسو.. تحقيق» مضاد، والتي انطلق فيها من رواية «الأجنبي» لألبير كامو، التي تحكي قصة مورسو ذلك الفرنسي الذي قتل عربيا دون أسباب واضحة، ثم يلقى عليه القبض ويحاكم على جريمته، ثم يحكم عليه بالإعدام ، وهي الرواية التي نالت جائزة نوبل للأدب، داود انطلق من هذه الرواية ليحكي قصة العربي المغيب في رواية كامو، الذي أعطاه اسما، وهو موسى. كمال داود يقول دائما أن الكاتب يجب أن يكون مستفزا، وكتاباته كانت دائما مستفزة، ولكن الجدل جاء من فرنسا عندما نزل داود ضيفا على قناة فرانس2 وعلى برنامج « أوني با كوشي»، الذي يقدمه الإعلامي لوران روكييه، داود كعادته تحدث عن العربية وعن علاقته بالدين الإسلامي، موضحا أن العربية ليست جنسية وإنما هي ثقافة وتراث، وأنه كان في بداية شبابه إسلامي التوجه، لأنه لم يكن هناك شيء آخر في المقابل، والآن أصبح متدينا فقط. هذه التصريحات وغيرها فتحت الباب أمام موجة من الانتقادات على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي والجرائد، خاصة من الكتاب المعروفين بتوجه قومي إسلامي، والذين هاجموا داود بشدة، ونددوا بما اعتبروه هجوما على الدين وعلى الهوية العربية، متهمين داود بكل التهم، فيما ذهب البعض الآخر إلى انتقادات موضوعية، لما قاله داود، مع رفض خطاب التخوين الذي ردده البعض تجاه الكاتب كمال داود. ولكن الذي فجر ضجة كبيرة هو منشور على صفحة عبد الفتاح حمداش زيراوي أحد رموز السلفية في الجزائر، اتهم فيه الكاتب بالزندقة والكفر والإلحاد، وبإهانة الذات الإلهية، والرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه يفترض إقامة الحد عليه وقتله في الساحات العامة، حتى يكون عبرة لمن لا يعتبر. هذه «الفتوى»الفايسبوكية فجرت ردود فعل غاضبة على شبكات التواصل الاجتماعي، وعلق عليها كمال داود بالقول إن هذه النوع من الفتاوى هو نتيجة لسياسة اللاعقاب التي تنتهجها السلطات في الجزائر مع هذا النوع من الناس. وقال كمال داود إنه قام برفع دعوى قضائية ضد عبد الفتاح حمداش زيراوي بتهمة التحريض على القتل، وهي دعوى قام داود برفعها أمام محكمة جزائرية. وندد الكثير من الأدباء والكتاب والصحافيين بالفتوى التي أصدرها حمداش زيراوي، واعتبروها عودة إلى سنوات سابقة، عندما أدت فتاوى مثل هذه إلى اغتيال كتاب وصحافيين لا ذنب لهم سوى أن «شيخا» في مكان ما سمع كلاما فأصدر فتوى، دون أن يقرأ بالضرورة ما كتب هؤلاء الكتاب والصحافيين والمبدعين.