يبدو أن الكاتب الجزائري كمال داوود، الذي كان مرشحا لنيل جائزة «غونكور» الفرنسية إلى جانب الكاتب المغربي فؤاد العروي، سيضطر إلى الاختباء خلال الشهور المقبلة، بعدما استهدفته فتوى أحد السلفيين الجزائريين. إذ اتهم صاحب «ميرسو، تحقيق مضاد» بالارتداد عن الدين ومحاربة الله والنبي والقرآن. تشهد مواقع الشبكات الاجتماعية سخطا عارما، بعدما دعا قيادي سلفي الحكومة الجزائرية، عبر الفايسبوك، إلى إدانة وإعدام كمال داوود، الصحافي والكاتب الذي تناولته الأقلام كثيرا بمناسبة ترشحه لجائزة «غونكور» (الفرنسية)، لأنه ظهر في قائمتها النهائية بروايته «ميرسو، تحقيق مضاد»، الصادرة ضمن منشورات «أكت سود». وقد كتب داوود، مساء الثلاثاء الماضي، على صفحته في «تويتر» ما يلي: «ثمة فتوى تدعو إلى قتلي أصدرتها الحركة السلفية الجزائرية، وقعها عبد الفتاح حمداش. فإلى هنا يقود الشعور بالإفلات من العقاب لدى هؤلاء الناس». وعلى صفحته في الفايسبوك، بلور الكاتب حججه في مقالة عنوانها «فوارق الكراهية الخمسون». إذ يعتبر أن «هؤلاء الذين يدافعون عن الإسلام، بوصفه فكرا وحيدا، إنما يفعلون ذلك في الغالب بكراهية وعنف. فمن يشعرون ويزعمون أنهم عرب أصليون يميلون إلى أن يجعلوا من ذلك تشددا، بدل أن يجعلوا منها هوية سعيدة أو اختيارا عرقيا قادرا على أن يعطي ثمارا. فكل هؤلاء الذين يحدثونكم عن الثوابت الوطنية، والوطنية والدين هم في الغالب عدوانيون، وعنيفون، وحاقدون، ومملون، ومعزولون، وقصيرو نظر. لا ينظرون إلى العالم إلا باعتباره هجمات، ومؤامرات، ومناورات، وخدعا من الغرب. فالرؤية تتجه نحو هذا الشمال الذي يسحقهم، ويدهشهم، ويثير فيهم الغيرة.» ويعتبر عبد الفتاح حمداش زوراوي، الذي يسير جبهة الصحوة الإسلامية السلفية (غير المعترف بها رسميا)، والذي يعتبره البعض زعيما «نصّب نفسه» لا يمثل سوى نفسه، أن كمال داوود، كاتب عمود في «يومية وهران» الفرنكفونية، «يشن حربا على الله ونبيه والقرآن وقيم الإسلام المقدسة». إذ يرى فيه مذنبا ارتكب جريمة الردة، التي يُعاقب عليها بالإعدام، بحسب الشريعة. أما دعوته إلى قتله، فقد جاءت عقب الأقوال التي أدلى بها داوود لقناة تلفزيونية فرنسية، منتقدا علاقة بعض المسلمين بدينهم. وفي الجزائر، تذكر دعوة عبد الفتاح حمداش زوراوي بتسعينيات القرن الماضي، عندما اغتيل عشرات المثقفين، بعد صدور فتوى تزعم أن «الذين يحاربوننا بالريشة يجب أن تضرب أعناقهم بالسيف». وعلى العموم، تذكر كل فتوى من هذا النوع العالم أجمع بالفتوى الشهيرة التي أصدرها آية الله الخميني ضد الكاتب الروائي سلمان رشدي سنة 1989. وقد دعت عريضة وزيري العدل والداخلية إلى «تدشين متابعات ضد هذه الدعوات إلى القتل التي تذكرنا بأسوأ اللحظات في الجزائر في مواجهة الجماعة الإسلامية المسلحة». كما نددت الحركة المعارضة «بركة»، التي أنشئت أثناء الحملة الانتخابية في أبريل الماضي، بهذه «الدعوة البغيضة والإجرامية»، معبرة عن «مساندتها الكاملة» لكمال داوود. عن جريدة «ليبراسيون» الفرنسية