هذه المرة لم يكن الموت مجرد إشاعة. في عز الصيف الماضي وبالضبط خلال شهر غشت اشتعل الفيسبوك ومواقع الكترونية بإشاعة قتلت ادريس لشكر الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي ونقلت عن موقع إلكتروني رباطي. كانت حينها الأزمة في أوجها بين لشكر وإخوته والزايدي وتياره، وكادت الاشاعة أن تنهي هذه الأزمة لولا أنها كانت مجرد إشاعة. اليوم لم يكن الموت إشاعة. جاء الخبر مؤكدا من أكثر من مصدر، وجاء في التفاصيل أن أحمد الزيدي فقيد الاتحاديين كان في طريق العودة من الرباط في اتجاه دائرته الانتخابية ببوزنيقة وعندما بلغ قنطرة واد الشراط فوجئ بارتفاع منسوب المياه التي حاصرت سيارته وظل بها محاصرا إلى أن غاب عن الوعي، بعد حضور رجال الوقاية المدنية نقل الزايدي إلى المركز الصحي لبوزنيقة حيث أسلم الروح. ومن المنتظر أن تشيع جنازته يوم غد الاثنين 10نونبر 2014. تاريخ الصراع بين الكاتب الأول ورئيس الفريق النيابي الاتحادي بدأ مباشرة بعد نهاية المؤتمر التاسع الذي انعقد سنة 2012 والذي حمل ادريس لشكر إلى منصب الكاتب الأول. مباشرة بعد نهاية المؤتمر وظهور نتائج التصويت بدأت الاتهامات توجه إلى جهات غير معلومة قيل إنها تلاعبت بالنتائج لتنهي إلى ما انتهت إليه، وبعد أن كان أحمد الزايدي منافسا رئيسيا لادريس لشكر عقب تراجع منافسين آخرين مثل فتح الله ولعلو والحبيب المالكي، تحول إلى ثائر في وجه النتائج التي كانت لصالح غريمه، لتشتعل أزمة الاتحاد والاتحاديين بالاعلان عن تأسيس تيار الديموقراطية والانفتاح. الاعلان عن تأسيس التيار أثار غضب الكاتب الأول الرافض لأي تيارات داخل الحزب والذي سارع بإقالة الزايدي من رئاسة الفريق النيابي، وتوليه نفسه قيادة الفريق بعدما سبق ترشيح البرلمانية حسناء أبوزيد، لتبدأ مرحلة الاحالة على ما سمي ب«المجلس التأديبي» والتي طالت عددا من المناضلين المساندين لأحمد الزايدي. كبرت كرة الأزمة وتناسل عن سخط المناضلين الموالين للزايدي إلى إشاعات جديدة مفادها تأسيس حزب جديد وانشقاقات سرعان ما كانت تكذب من هذه الجهة أو الجهة الأخرى، لأن الطرفين كانا متشبثين بوحدة الحزب رغم الاختلافات العميقة، التي انتهت بتحول جديد في مسار الحزب خلال الأيام الأخيرة. في الأسبوع الثاني من هذا الشهر خرج تيار الزيدي ليعلن عن نية الانفصال عن الحزب لكن ليس لتأسيس إطار جديد بل إحياء الحزب الأم «الاتحاد الوطني للقوات الشعبية». تيار الزيدي وبعد لقاء عقده ودام عدة ساعات وصل إلى قناعة الانفصال. الأخبار التي تم تداولها والتي ألمح إليها بيان للاتحاد الوطني للقوات الشعبية دون ذكر تفاصيل، أشارت إلى إمكانية التحاق أعضاء التيار بالاتحاد الوطني الذي شرع في التهييء لمؤتمر المقبل نهاية شهر دجنبر. انتهت حياة الزيادي قبل مؤتمر الاتحاد الوطني ولم يتمكن من تحقيق رغبة مناضليه، غير أن نهاية حياته قد لا تعني نهاية حياة أزمة عمرت داخل حزب المهدي بن بركة، الذي اعتاد أن يفقد رجاله كلما اشتد الأزمة بداخله.