شهدت إحدى قاعات السينما في نيويورك العرض الأول للفيلم الوثائقي "سيتيزن فور" (المواطن الرابع)، الذي يتمحور حول موظف وكالة الأمن القومي الأمريكية السابق إدوارد سنودن، المطلوب للعدالة، بتهمة إفشاء أسرار الدولة. "عفوًا، ما هو اسمك مرة أخرى؟ إدوارد سنودن، الناس ينادونني إد". يبدو هذا الحوار الذي يفتتح به الفيلم الوثائقي من منظور اليوم سخيفًا، لأن الموظف السابق لدى وكالة الأمن القومي أصبح اليوم مشهورًا في كل بلدان العالم. ولكن العالم لم يكن يعرف حتى يونيو 2013 إدوارد سنودن، ولا برامج المراقبة، ولا الممارسات التجسسية للمخابرات الأمريكية. وحتى ذلك الوقت لم يسمع أحد ببرامج التجسس بريزم PRISM أو تيمبورا Tempora أو إكس كي سكور XKeyscore. في يونيو 2013، وكانت لورا بواتراس وجلين جرينوالد، أجريا أول حوار لهما مع سنودن في غرفة إحدى الفنادق بهونج كونج، وكان حينها سنودن يستخدم الاسم المستعار: "سيتيزن فور" (المواطن الرابع). تنقل لورا بواتراس مخرجة الفيلم الوثائقي "سيتيزن فور" (في تقرير عن الفيلم قدمته قناة "الألمانية")، صورة قريبة عن سنودن الإنسان. كما تقرب المخرجةُ المشاهدين من الحياة الخاصة لهذا المخبر، ومن مخاوفه المتواصلة بسبب مراقبة تحركاته أو إمكانية القبض عليه من طرف المحققين الأمريكيين. فعندما يدخل سنودن إلى غرفة الفندق لإعطاء حوار صحفي يسحب كابل جهاز الهاتف من المكبس، وعندما اشتغل جهاز إنذار الحريق، ظن سنودن أن عملية مراقبة عن بُعد هي التي تقف وراء ذلك الإزعاج، بعد أن عرف أصحابها أنهم لن يتمكنوا من التنصت عليه في تلك اللحظة. وأخبر سنودن صديقته في هونج كونج والدموع على وشك أن تسيل من عينيه لماذا اختفى؟ وأنه من الممكن ألا يتمكن من العودة إلى وطنه من جديد. بعد مرور الوقت بدأ سنودن يتواصل مع جلين جرينوالد، الصحفي بصحيفة "الجارديان" البريطانية، عبر مراسلات تحمل رؤوس الأقلام فقط، خوفًا من التنصت على أحاديثهما. في هذا الصدد تقول المخرجة لورا بواتراس، خلال العرض الأول للفيلم بمدينة نيويورك، للتلفزيون الألماني في نشرة أخبار"دي تاجس شاو": "لما عرفت أن سنودن يتمتع بمصداقية، عرفت أننا سنثير غضب أهم الشخصيات في العالم. وعرفت أن ذلك شيء خطير وأن سنودن عرض نفسه للخطر". ويشارك في إنتاج الفيلم الوثائقي "سيتيزن فور" إذاعة شمال ألمانيا وإذاعة بايرن. وخوفًا من مضايقات السلطات الأمريكية قامت المخرجة التي استقرت في برلين، بإنهاء عملية مونتاج الفيلم بالعاصمة الألمانية. يكشف الفيلم للمشاهد بشكل تدريجي متسلسل عن حجم عمليات التجسس التي قامت بها وكالة الأمن القومي الأمريكي. وحسب الفيلم فإن واشنطن قامت برصد 1.2 مليون شخص في العالم. كما ورد في الفيلم أن الولاياتالمتحدة توجه طائراتها بدون طيار من قاعدتها العسكرية في مدينة رامشتاين الألمانية. كما أنه يرجح وجود مخبر آخر قام إلى جانب سنودن بتسريب معلومات سرية حول برامج التجسس الأمريكية. في فيلم "سيتيزن فور" يحكي سنودن أيضًا عن توتره، وفقدانه لشهية الأكل أثناء عملية الهروب. وفي أحد مشاهد الفيلم يقوم سنودن بتجريب الملابس، وفي الخلفية يمكن رؤية جهاز تلفاز يبث برنامجًا حول قضية سنودن. ويتم عقد مقارنة في البرنامج بين سنودن وجون لو ماريه، كاتب روايات التجسس الأكثر شهرة. ولا يزال سنودن يحتفظ بعلاقته مع شريكة حياته وصديقته بليندساي ميليس حتى بعد هروبه المفاجئ من الولاياتالمتحدةالأمريكية، وبعد نشره للوثائق السرية الأمريكية. وفي إحدى مشاهد فيلم "المواطن الرابع" يظهر سنودن مع صديقته في روسيا التي يعيش فيها كلاجئ. ويؤكد المحامي أناتولي كوشيرينا القريب من الكريملين، أن صديقة سنودن "تأتي باستمرار إلى روسيا". غير أن ميليز، لا تسكن معه باستمرار بسبب مشكلة التأشيرة. ومن المنتظر أن يفتتح فيلم "سيتيزن فور" المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بمدينة لايبتسيغ الألمانية، نهاية الشهر الحالي (المقام من 27 أكتوبر إلى الثاني من نوفمبر). ففيلم لورا بواتراس يبين كيف أن ما يسمى الحرب ضد الإرهاب، هي أيضًا موجهة ضد مواطني البلد نفسه، كما جاء على لسان أحد المتحدثين باسم مهرجان لايبتسيغ. أما كلاس دانيلسن مدير المهرجان، فيصف الفيلم قائلًا: "سيتيزن فور" هو من بين أهم الأفلام الوثائقية التي ليست فقط ذات وزن سياسي كبير، بل هو أيضًا عمل فني رائع ومثير للاهتمام. وسيشارك الفيلم في المسابقة الرسمية للمهرجان، حيث سينافس أفلامًا أخرى على الحمامة الذهبية في صنف الأفلام العالمية. وسيعرض الفيلم في القاعات السينمائية الألمانية ابتداءً من 6 نوفمبر المقبل.