لقد أثارت ولازالت قضية إدوارد سنودن تير انقسامات ونقاشات داخل اوساط المجتمع الامريكي. مؤخرا صدر كتاب تحت عنوان « لا مكان للاختباء « مؤلفه غلين غرينوالد الصحفي المعروف الدي نشر لأول مرة ملفات إدوارد سنودن في صحيفة الغارديان البريطانية هذا الكتاب اشبه برواية جورج أورويل1984 غير ان احداث « لا مكان للاختباء « ليست من صنع الخيال بل واقعية بطلها شاب في ربيعه 29 المعروف بإدوارد سنودن. و الوكالة الامن القومي الامريكي بمثابة الأخ الأكبر , تلك الشخصية الخيالية في رواية جورج الذي يراقب كل شيء ويعرف كل شيء. تعتبر تسربات إدوارد سنودن من بين اشهر القصص التي اثارت جدلا واسعا في العالم, فهي اشبه بقصة من صنع خيال هوليود, حيث لم يتخيل احد ان هذا الشاب البالغ من العمر 29 عاما قادر على سرقة عشرات الآلاف من الوثائق السرية من الوكالة» الامن القومي الامريكي» و تسريبها للصحافة ادت فعلة ادوارد سنودن الى تقسيم المجتمع الامريكي الى مجموعتين, فهناك من يعتبرإدوارد سنودن خائن ويجب انزال اقصى العقوبات عليه ليكون عبرة للآخرين, و هناك من يعتبره بطلا ويستحق وسام الشرف لانه ضحى بالغالي والنفيس من اجل حماية الحريات الشخصية و الحفاظ على سرية الحياة الخاصة للمواطن و ذلك بفضح الممارسات السرية لوكالة الامن القومي الامريكي . ونظرا للضغط الامريكي واجه إدوارد سنودن صعوبات في الحصول على اللجوء السياسي في كثير من الدول و بعد مد وجزر تمكن إدوارد سنودن ان يحصل على الاقامة في روسيا. هذه الوثائق التي سربت العام الماضي من قبل إدوارد سنودن الذي كان يعمل لصالح وكالة الأمن القومي, تبين مدى قدرة وكالة الامن القومي الامريكي في اختراق جميع اليات التواصل داخل و خارج امريكا اثارت هذه التسريبات ضجة صاخبة في كل انحاء العالم ووضعت امريكا في موقع دفاع, لأن برنامج التنصت اطال الاعداء والاصدقاء على حد سواء. لم تسلم منه لا القاعدة كوريا الشماليةفرنسا وحتى الهاتف الشخصى لأنجيلا ميركل المستشارة الالمانية, رغم انها تربطها علاقة جيدة مع الرئيس الامريكي. هذه الوثائق تكشف على قدرة وكالة الأمن القومي للتجسس بشكل غريب على الحياة اليومية للاشخاص وأن الوكالة لديها القدرة على رصد أو جمع المعلومات من مئات الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم . الجديدة في هذه القصة, هو ان الصحفي غلين غرينوالد ، الصحفي الذي نشر ملفات إدوارد سنودن في صحيفة الغارديان البريطانية لاول مرة , نشر كتابه هذا الاسبوع تحت عنوان « لا مكان للاختباء «للاشارة فالصحفي غلين غرينوالد وهو كاتب عمود في صحيفة الغارديان والمحامي الدستوري السابق الذي كان قد كتب كثيرا عن الحريات المدنية ، ومخاطر تعزيز السلطة التنفيذية ، و انتهاكات المراقبة في ما بعد سبتمبر 11 أمريكا. « لا مكان للاختباء « ، كتاب حماسي يروي فيه غرينوالد بشكل مفصل اطوار هذه المسرحية و الكيفية التي ارتمت هذه القصة على احضانه من حيث لا يدري كما تطرق بشكل مفصل الى بداية علاقته مع هذا الشاب الشجاع إدوارد سنودن الذي سلم له عددا ضخما من الوثائق السرية حول برنامج التنصت الذي تديره وكالة الامن القومي الامريكي دون علم الشعب . في سياق هذا الكتاب، يصف السيد غرينوالد كيف انه تلقى أول اتصال له في 1 ديسمبر 2012 ، من شخص يطلق على نفسه اسمCincinnatus ليكتشف بعد دلك ان Cincinnatus هو إدوارد سنودن. ثم تحدث عن قراره السفر رفقة صديقة له السيدة بواترا ، مخرجة أفلام وثائقية ، ثم الشروع في نشر مقالات التي ظهرت في صحيفة الغارديان و صحيفتي واشنطن بوست و نيويورك على أساس الوثائق التي قدمت لهم المقاطع الأكثر إحكاما من « لا مكان للاختباء « حين يصف السيد غرينوالد مغامراته التي دامت 10 ايام للوصول الى هونغ كونغ، ليتقى السيد سنودن في غرفته بالفندق و الاجراءات والاحتياطات التي اتخذها (إزالة البطاريات من الهواتف المحمولة الخاصة بهم ، أو وضع الهواتف في الثلاجة ميني بار ) لتجنب الكشف كتب السيد غرينوالد نقلا عن السيد سنودن» كانت هناك نقطة الانعطاف و التي قرر فيها سنودن أن يسرب الوثائق, ذلك في عام 2010، عندما كان يعمل بوكالة الأمن القومي في اليابان.قال سنودن «الاشياء التي رأيتها بدأت حقا تزعجني»، وأضاف: « أدركت الحجم الحقيقي لهذا الجهاز عندما شاهدت كيف ان و كالة الامن القومي NSA تجسس على أنشطة الناس على الإنترنت واكتشفت كيف أصبحت الوكالة قادرة على مراقبة واقتحام الحياة الشخصية للمواطنين. ولا أحد تقريبا على علم بما يحدث «يحكي الصحفي غلين غرينوالد ان السيد سنودن استغرق عامه الاخير داخل وكالة الامن القومي NSA يراقب انشطتها وعمل من أجل الوصول إلى وثائق دامغة أكثر حول برنامج التنصت بالنسبة للدافع قال الصحفي ان سنودن اراد ان يدق ناقوس الخطر و أن يفجر النقاش في جميع أنحاء العالم حول حماية حريات الافراد الخاصة بما في ذلك حرية الإنترنت و التنبيه الى مخاطر مبالغة الدولة في المراقبة وإساءة إستعمال هذا البرنامج كما اراد ان يكشف للراي العام الامريكي بالدليل القاطع على أن مسؤولي الأمن الوطني على مستوى عال كذبوا في تصريحاتهم للكونغرس حول عمل برامج التجسس الداخلي كما خصص.غلين غرينوالد جزءا من الكتاب للحديث عن موقفه من برنامج التنصت و مدى دستوريته والحذر من خطر التجاوزات في استعمال السلطة الحكومية وخصوصا في مجال الحريات المدنية. اما الجزء الاخير فيقيم فيه الصحفي رد فعل وسائل الإعلام و السلطات الرسمية الانتقاد الموجه لهذا الكتاب هو انه يعبر عن وجهة نظر واحدة و هي نظرة سنودن بطل القصة صعوبة في قبول كل شيء. في هذا الكتاب حتى من القراء المتعاطفين مع إدوارد سنودن . و على اعتبار الكاتب عنصر اساسي في هذه القصة الدرامية, يمكن ان يغب عنصر الحياد في سرد الاحداث . فالسيد غرينوالد لم يعط الفرصة للقراء الوصول إلى استنتاجاتهم الخاصة حول وكالة الأمن القومي و سلوك السيد سنودن ، لكنه فضل فرض وجهات نظره الحزبية . ربما هذا أمر متوقع عند الراوي لانه ليست مجرد رسول ولكن أيضا بطل الرواية.