المقرئ العيون الكوشي في مجال تلاوة وتجويد القرآن الكريم، من أفضل الأصوات العذبة والمتمرسة بالمغرب، بل إن شهرته فاقت الحدود، واسمه أصبح معروفا في العالم العربي وبعض الدول الغربية، حتى صار سفير القراءة المغربية في بلاد المشرق. هذه الموهبة المتجلية في الصوت الرخيم والقراءة المبهرة والأخاذة للقرآن التي يملكها المقرئ الكوشي، أبان عنها منذ نعومة أظافره في بداية السبعينات، حيث كان يميل بشغف كبير إلى القرآن من خلال الاعتكاف في البيت والكُتاب، عكس اهتمام الأطفال في سنه باللعب. فهو لم يعرف أزقة مدينته إلا بعد أن أنهى حفظ القرآن، كما يقول عن نفسه. ازداد العيون الكوشي في مارس عام 1967 بمدينة آسفي، حيث لم تكن له إلا أخت وحيدة تكبره، كان لزوجها عليه الأثر الكبير، عندما أخذه معه إلى الكتاب الذي يشرف عليه، وهنالك غرس فيه حب القرآن، الذي ختمه ثلاث ختمات ونصف الختمة وهو لم يكمل العاشرة من العمر. واصل ابن عاصمة عبدة التوفيق بين التعليم بالمدارس العمومية وبين حفظ القرآن في الكتاب، ونظرا لامتلاكه صوتا جميلا، فقد صب تركيزه على عالم القراءات وعلمها، بعد أن غادرها فصول الدراسة عند مستوى الباكلوريا. وقبل أن يحط الرحال بمسجد «الأندلس» في حي أناسي بالبرنوصي بالدارالبيضاء، حيث ذاع صيته بين الناس، قضى الكوشي أكثر من عشرين سنة متنقلا بين مساجد الدارالبيضاء التي قدم إليها من «المسجد الأعظم» في مدينة آسفي، حيث ظل يؤم الناس لمدة ناهزت خمس سنوات. وكان مسجد «الهدى» في حي سباتة أول محطة للوافد الجديد على العاصمة الاقتصادية، وهنالك كتب القدر للكوشي أن يقيم بالمحراب لمدة خمس سنوات. توجه المقرئ بعدها، في عام 1997، إلى مسجد في حي الأسرة ليمكث به حوالي سنتين، طار بعدهما بعيدا خارج حدود الوطن، وبالضبط إلى أمريكا التي عانق فيها مسلمي مدينة نيويورك بأحد المساجد في عام 2000. وفي السنة الموالية، أمّ الكوشي المصلين في مسجد «آل سعود» بسيدي عثمان، لكنه في السنوات اللاحقة سافر إلى بلجيكا، وأقام هنالك في مسجد «الخليل» إلى حدود عام 2005، تاريخ التحاقه بمسجد «الأندلس» بحي أناسي بالبرنوصي، حيث كانت رغبة المحسن الذي بنى هذا المسجد بمقاطعة سيدي مومن بالدارالبيضاء، في أن يكون طاقمه من إمام وخطيب ومؤذن في المستوى الذي يمنح للمسجد الإقبال المطلوب. فلم يكن القادم لقيادة هذا التحدي سوى المقرئ الشاب العيون الكوشي الذي رددت مساجد الهدى بسيدي عثمان ومسجد السلام بعين الشق ومسجد آل سعود بحي مبروكة، أصداء تلاوته الشجية وقراءته العذبة، قبل أن يستقر به المقام بمسجد الأندلس. ومن هنا كانت بداية جديدة سطع فيها نجم الكوشي ابن مدينة آسفي الذي ارتبط اسمه لسنوات بالمسيرة القرآنية التي كانت تبثها القناة الأولى في شهر رمضان، بصفته أحد أهم المقرئين الشباب، الذين لمعت أسماؤهم خلال السنوات الأخيرة. إعداد: سعيد لقلش