صوته الشجي لا تلوين يطبعه ولا تكلُّّف يسبغه، فهو يأتي مُنسابا إلى أذن السامع بدون مشقة ولا عناء، يتسم بالطابع المغربي الأصيل الذي لا يخفى على كل منصت لبيب..إنه صوت القارئ المتميز العيون الكوشي، حيث اعتاد آلاف المصلين التوجه إلى مسجد الأندلس في حي أناسي بالبيضاء للاستمتاع بصوته الجميل في رمضان. ويغص مسجد الشيخ الكوشي، أو "سي لعيون" كما يحلو للبعض أن يسميه، بالعديد من المصلين الذين يشدون الرحال إليه من مدن مجاورة للدار البيضاء، خاصة الرباط والمحمدية وسطات وبرشيد، حتى ينعموا بسماع صوت هذا الإمام الذي يضاهي صوت جاره القزابري تأثيرا وجمالا. ولد الكوشي، 45 عاما، في مدينة آسفي حيث أكمل حفظ القرآن الكريم وهو طفل لم يبلغ العاشرة عاما بعد، حيث كان لصهره حينها أكبر الأثر في تعليمه القرآن وحفظه لكلام الله، فجعله هذا السبق في إتقان الحفظ يشارك مبكرا في عدد من المسابقات القرآنية داخل المغرب وخارجه. وتدرب الكوشي، وهو صغير في الثانية عشر من عمره، طيلة سنوات على إمامة المصلين أحيانا في مسجد "الأعظم" في آسفي، حتى اكتسب ثقة في النفس وتجربة طيبة في تلاوة القرآن أمام آلاف الناس في صلاة التراويح كل سنة. وعندما بلغ الكوشي 35 عاما شرع في إمامة المصلين في عدد من مساجد الدارالبيضاء التي سطع نجمه فيها بشكل كبير، حتى استقر به المطاف في مسجد الأندلس بحي أناسي مباشرة بعد تدشينه، حيث صار إماما رسميا بالمسجد، الشيء الذي "منعه" من التوجه إلى بلدان أجنبية كان يصلي فيها التراويح بالناس من قبل مثل بلجيكا وأمريكا. واشتهر الكوشي كثيرا بفضل قراءته الشجية للقرآن الكريم في برنامج المسيرة القرآنية الذي تبثه القناة التلفزية الأولى وقناة السادسة، حيث كان المشاهدون المغاربة يتساءلون في بداية بث ترتيل الكوشي لحصة المسيرة القرآنية، بمقدار حزبين كل يوم، عن اسم القارئ ذي الصوت الرقيق الجميل الخالي من التكلف والتنميق.