ارتباط غريب ذاك الذي يجمع بين خاتم الخطبة وبعض المقبلين على الزواج وإصرار الزوجات على ذلك الخاتم مهما كان الثمن. الأستاذ علي الشعباني يسلط الضوء في الحوار التالي ليكشف مدى صحة هذه العلاقة، وارتباطها بما هو متعارف عليه داخل المجتمع المغربي. ما قيمة خاتم الخطبة وأهميته في مؤسسة الزواج؟ لا توجد قيمة كبيرة لهذا الأمر داخل الثقافة المغربية، خصوصا المستمدة من الثقافة العربية الإسلامية، فالمسلمون عندما كانوا يتزوجون، لا يعطون قيمة كبيرة للخاتم، ولو أنه جاء في كلام الرسول باعتباره قيمة للصداق، وليس كوسيلة لتوثيق الخطبة، لذا فهو مجرد تقليد غربي مسيحي في إطار طقوس خاصة. بعيدا عن التعميم يمكن القول إن قيمته تختلف من فئة لأخرى، ومن شخص لآخر، حسب مستوى الوعي، ومدى تمثل كل طرف للمعنى الحقيقي لقيمة الزواج في الإسلام، الذي يقوم على أساس الرغبة في الإستمرارية من خلال استحضار بعض المواصفات الخاصة التي رسخها المأثور الإسلامي: «تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها»، والملاحظ أنه لا مكان للخاتم ضمن هذه الأولويات، لذا فقيمة الخاتم يعطيها الشخص لهذا الرمز، انطلاقا من خلفيته الثقافية والفكرية. كيف تفسر ارتباط بعض الناس بهذا التقليد لحد التضحية بالزواج أو على الأقل علاقة متوترة بين الطرفين؟ هذا مرتبط بمدى تشبع بعض الفئات بهذا الرمز، لأن وضع الخاتم وفق الثقافة الغربية هو وضع رابطة الزواج إلى الأبد، وضياعه دليل فشل الزواج عاجلا أم آجلا، هناك أشخاص يعتقدون بهذا الإعتقاد الفاسد رغم أنه لا يستند لأي منطق. كما أن بعض النساء يعتبرنه عربون محبة ورغبة، فبقدر ما يكون شكل الخاتم مبتكرا وذا قيمة مادية مرتفعة من الذهب الخالص أو الماس، بقدر ما تزيد قيمة المرأة عند خطيبها، بمعنى أنه ترجمة مادية ملموسة لأمور معنوية غير ملموسة. أما بخصوص الوصول لعلاقة متوترة تصل لحد تبادل التهم بين الطرفين، فهذا مرده لوعي الناس، لأن هناك اختلافا على مستوى العقليات والثقافات، ودرجة الوعي والإعتقادات. لذا لا يجب تعميم أحكام قد تحضر عند بعض الفئات فقط، وأنا هنا أربط هذه الفكرة بدرجة الوعي، ومسألة المعرفة الأساسية لقيمة الزواج، لأنه لا يتعلق بحجم المصاريف التي نخصصها للإحتفال، أو الهدايا التي يمنحها الخطيب، لكن المسألة أبعد من ذلك، لأن استمرارية الزواج ترتبط بمدى تقدير ومعرفة الروح الحقيقية للزواج، وقيمته التي تعتمد على المحبة والإخلاص والوفاء وتقدير المسؤولية، والغاية من هذه الرابطة تكوين أسرة يسودها الأمان والسعادة والفرحة بقدوم الأولاد، وتقارب العائلات مع بعضهم البعض. وليس الوقوف أمام رمزية سطحية لخاتم لا يوجد له وزن حقيقي داخل الثقافة المغربية. هل تشبت البعض بهذا الرمز حوله إلى عرف؟ المسألة من الأساس لا قيمة لها، لأن وجود الخاتم أو عدمه لا قيمة له لأنه لا يختزل المفهوم الحقيقي للزواج، لذا لا يمكن أن نعتبره عرفا، بل هو مجرد تقليد للغرب، لأن العرف هو الذي نتوارثه كالعادات والتقاليد والأعراف التي تتعارف عليها الشعوب عبر التاريخ. ولأن العرف من التعارف، أي ما يتعارف عليه الناس في السلوك والعلاقات وغيرها، فالخاتم لم يكن عرفا لدى المغاربة بل هو تقليد وارد من الثقافات الأخرى، ولا يمكن أن نعطيه هاته القيمة الكبرى، على الأقل في الوقت الراهن. ربما تطرأ تغيرات على الثقافة والمجتمع المغربي وعلى العقليات في المدى البعيد، وقتها يمكن أن يتحول إلى عرف، لكن الآن لم يتعد كونه تقليدا وافدا، لازال يبحث عن مكانه، وكذا عن المكانة التي يراد له أن يأخذها في العلاقة بين الزوجين. حاورته سكينة بنزين *علي الشعباني أستاذ علم الإجتماع