أعطى رئيس الهيئة انطلاق أشغال الجلسة، وبإشارة من هذا الأخير تم إحضار المجموعة الأولى من المعتقلين مصفدين ومحاطين برجال الشرطة، معظمهم شبان تتراوح أعمارهم بين العشرين والثلاثين سنة، ومن بينهم مجموعة أخرى دون سن الثامنة عشرة، وبعد تصفح الرئيس لجميع الملفات أعلن عن جاهزية بعضها والإقرار بتأخير البعض الآخر لسبب من الأسباب. شرع القاضي في المناداة على المتهمين في حالة اعتقال تم استقطابهم من السجن الفلاحي بمدينة إنزكان، كان أغلب الحاضرين تتراوح أعمارهم بين العشرينات والثلاثينات، تتقدمهم مجموعة من الأطفال دون سن الثامنة عشرة من العمر، وبعد التأكد من حضور جل المتابعين، وكان أول ملف تم التأكد منه يعود لمجموعة من المتهمين وصل عددهم أربعة، وبعد التأكد من هويتهم جميعا، أعلن عن جاهزية ملفهم، وهو الإجراء الذي من خلاله طالبهم بالعودة إلى أماكنهم، وبعد ذلك نادى على صاحب الملف الثاني ثم الثالث وهكذا إلى آخر الملفات التي من المنتظر أن تعرض على أنظار الهيئة في ذلك اليوم، حيث يتم الحسم فيها في نفس اليوم، وبعد هذا الإجراء الأولي، أنهى رئيس الهيئة إلى كافة الحضور برفع الجلسة قصد التداول في الملفات الجاهزة للمناقشة، وبعد أقل من عشرين دقيقة، عادت الهيئة مرة أخرى إلى القاعة معلنة استمرارها، وبعد تفحص أول ملفات تلك الصبيحة، نادى القاضي على المتهم في حالة اعتقال ورقم ملفه الجنائي، فحضر أمام هيئة المحكمة مؤازرا بدفاعه في إطار المساعدة القضائية، وبعد تحديد هويته كاملة والتي جاءت مطابقة لما جاء في محضر الضابطة القضائية ومحضر قاضي التحقيق، ومن خلال الحديث الذي دار بين المتهم والقاضي، يتبين أن المتهم سبق وأن كان ضمن مجموعة من الأشخاص سبق وأن تم اعتقالهم فيما بقي المعني بالأمر في حالة فرار، ويحاكم حاليا بنفس التهمة التي يوجد زملاؤه رهن الاعتقال بالسجن المدني بإنزكان. القاضي للمتهم: أنت متابع من النيابة العامة بهذه المحكمة بتهمة السكر العلني واعتراض السبيل والضرب والسرقة، أش كتكول، سبق ليك كنتي في الحبس وبنفس التهمة؟ المتهم: راه كان عندي حكم سابق في هاذ النازلة. القاضي: إيه، ولكن راه ملي خرجتي من الحبس راه رجعتي تتمارس نفس الجريمة. المتهم: لا أسيدي راه ما تلقينا ليه، راه هو لي جا لعندنا. القاضي: ملي جا لعندكوم، ضربتوه أنت أوفلان وفلان أوسرقتو ليه الفلوس في إشارة إلى باقي المعتقلين الذي سبقوا وأن صرحوا بوجوده أثناء ارتكابهم للجريمة التي يعاقب عليه القانون. المتهم: والله أسيدي ما سرقناه. القاضي: ملي قبطوك البوليس، لقاو عندك الموس؟ وكما هو متعارف في مثل هذه الحالات، نفى المتهم المنسوب إليه، وأمام هذا النفي، تلا رئيس الجلسة على مسامع المتهم، تصريحات هذا الأخير التي أدلى بها أمام الضابطة القضائية. القاضي: أش كتكول، هاذ الشي كولتيه عند البوليس؟ المتهم: لا أسيدي ما كولتوش، والله أسيدي إلا تعداو عليا. القاضي: كيفاش تعداو عليك، راه أنت اللي ما بغيتي تدخل سوق راسك. ومن أجل الوقوف على حقيقة الأمر ووضع المتهم أمام الأمر الواقع، تمت المناداة على أحد المصرحين الذي حضر هو الآخر من السجن المدني في حالة اعتقال لكونه يقضي عقوبة حبسية سالبة للحرية. القاضي: واش أنت معتقل؟ المصرح: إيه أسيدي. القاضي: بشحال محكوم؟ المصرح: أربعة أشهر. القاضي: ارفع إديك ليمنا أوحلف حتى تشهد بالحق، أكول لينا أشنو اللي وقع؟ وبعد أداء المصرح لليمين القانونية، أخذ في سرد الواقعة من أولها إلى يائها، من خلالها صرح بأن المشتكي كان في ذلك اليوم يسير في الطريق في اتجاه مسكنه، فاعترضوا سبيله وانهالوا عليه بالضرب وسلبوا منه ما كان يملك وهو عبارة عن مبلغ مالي قدره خمسون درهما. القاضي: أش درتوا بهاذوك الفلوس؟ المصرح: قسمناهم وشرينا بهم الشراب. القاضي: راه ماشي غير الفلوس اللي سرقتو ليه، راه سرقتو حتى البورطابل وهددتوه بالموس اللي كان معاكم. المصرح: هاذا اللي كان عندو الموس ماشي أنا، مشيرا إلى المتهم الذي سبق وأن نفى اقترافه للاعتداء. كانت الأدلة المدلى بها غير كافية لإدانة المتهم، وعليه قرر رئيس الهيئة تأخير الملف وتكليف النيابة العامة بإحضار المشتكي. نادى القاضي على المتهمين المواليين، ويتعلق الأمر بأحد أعوان السلطة برتبة مقدم وزميل له متابعين بتهم هتك عرض طفل دون سن الثامنة عشرة بالتعدد. حضر المتهمان في حالة اعتقال، فحضر إلى جانبهما دفاعهما في حين حضر الطفل القاصر مرفوقا بوالده ومؤازرا بدفاعه. القاضي: أنتما متابعين من طرف قاضي التحقيق بتهمة هتك عرض قاصر بالتعدد، أش كتكول، موجها سؤاله إلى المتهم الأول؟ نفى المتهم تهمة الممارسة مؤكدا عدم معرفته حتى بالطفل. القاضي: كيفاش؟ واش مكتعرفو كاع؟ المتهم: لا أسيدي، كانشوفو واحد النهار اللي طلب مني نوصلو للدوار وأنا نوصلو. القاضي: وصلتيه وصافي؟ إذن كتعرفو؟ المتهم: وصلتو، أوطلب مني التليفون باش هضر مع هاذا في إشارة إلى زميله المقدم. القاضي: ها أنت ولتي كتعرفو، فالأول كلتي لنا عمرك ماعرفتيه، المهم، شحال من مرة مارستو عليه الجنس؟ مرة أخرى يعود المتهم لينفي التهمة المنسوبة إليه، مضيفا إلى أن الشكاية التي من أجلها تم اعتقاله كيدية تدخل في إطار النزاعات الانتخابية السالفة، نافيا ما ورد فيها، كما نفى جملة وتفصيلا ما جاء في محضر الضابطة القضائية بعد أن تلا عليه رئيس الجلسة تصريحاته المدلى بها والمدونة بمحضر تصريحاته. أما بالنسبة للمتهم الثاني (عون السلطة) فهو الآخر تشبث بالإنكار، ليواجه المتهمين بعد ذلك بتصريحات المشتكي التي كانت بمثابة زمرة من الاتهامات موجهة للمتهمين اللذين وجدا أنفسهما في مأزق يصعب الخروج منه، خاصة وأن الطفل يتحدث بكل طلاقة، حيث أكد لهيئة المحكمة أن العون كان السبب في مغادرته للمدرسة، وكان أول لقاء به، قاما بتخديره وممارسة الجنس عليه من الدبر، مضيفا إلى أن العملية توالت عدة مرات بينه وبين المتهم الثاني وهناك متهم آخر لا زال في حالة فرار من قبضة العدالة، ويضيف مسترسلا في الحديث أن عملية الاعتداء كانت تدور رحاها مرة في أحد المنازل في ملكية عون السلطة ومرة أخرى بمنزل الظنين الأول، وفي سؤال موجه إلى المشتكي حول عدد المرات التي كان يمارس فيها الجنس عليه، أشار الضحية إلى أن علاقته بالمتهم الثاني دامت سنوات، مشير إلى أنه في أحد الأيام وبينما كان موجودا مع المتهمين الثلاثة، تعرض لهتك العرض بالتناوب على يد الجميع بمن فيهم الشخص المبحوث عنه في نفس التهمة، مضيفا إلى أن المجموعة كانت بين الفينة والأخرى تقوم بإحياء ليال حمراء حيث كؤوس مسكر ماء الحياء، وكان كل مرة يطلب منه احتساء بعض الكؤوس، وتحت تأثير المسكر تقوم المجموعة بممارسة الجنس عليه. القاضي: فين سكرتو؟ الضحية: فدار فلان في إشارة إلى المتهم الأول. القاضي: شكون اللي جاب الشراب؟ الضحية: المقدم. القاضي: شكون اللي مارس عليك الأول؟ الضحية: المقدم. القاضي: واش كنت كتمشي وكيمارسو عليك الجنس بالخاطر أو بالزز؟ الضحية: كانوا كيمارسو علي بالزز. القاضي: منين كانوا كيمارسو عليك؟ الضحية: من اللور. القاضي: هاذ التنازل اللي اعطيتي للمتهم واش أنت اللي كتبتيه؟ الضحية: أخو المقدم اللي كال ليا كتبو أوسنيه. وقبل إقفال فصول الملف وإعطاء الكلمة للدفاع، وكرد على ما جاء على لسان المستمع إليه، طالب القاضي من المتهمين ببعض التوضيحات المتعلقة بما جاء على لسان الضحية، خاصة فيما يتعلق بالتهم المنسوبة إليهما، وكردة فعل على الأسئلة الموجهة إليهما، تشبثا مرة أخرى بأقوالهما وتصريحاتهما المدلى بها أما الهيئة، نافيان كونها اقترفا أي جريمة في حق المشتكي.