من شأن المشاريع التنموية المهيكلة الكبرى التي انخرطت فيها مدينة سلا والتي تتوخى النهوض بأوضاع الساكنة وجعل المدينة أحد الأقطاب الحضرية الكبرى، تغيير تلك الصورة النمطية التي ارتبطت بالمدينة لسنوات طوال، والتي وضعتها في خانة مدن للمبيت فقط. فجوارها لمدينة الرباط التي تعرف نهضة عمرانية لافتة ، وتاريخها العريق وموقعها الجغرافي المطل على نهر أبي رقراق ، كلها عوامل ستساهم لا محالة في تغيير ملامح هذه المدينة الضاربة في عمق التاريخ وتحويلها إلى مركز حضاري مهم . وما برنامج التأهيل الحضري المندمج للمدينة، الذي أعطى انطلاقته صاحب الجلالة الملك محمد السادس في فبراير الماضي ، إلا واحدا من عدة مشاريع تنموية تحت تروم تطوير النسيج الحضري لمدن المملكة بشكل متناسق ومتوازن . ويسعى هذا البرنامج الممتد على مدى ثلاث سنوات ( 2014/2016) إلى جعل المدينة أحد الأقطاب الحضرية الكبرى عبر إدماج النسيج الحضري العتيق في الدينامية السوسيو – اقتصادية التي تعرفها المدينة. ويرتكز هذا المشروع التنموي التشاركي الذي رصدت له استثمارات بقيمة مليار و38 مليون درهم ، على محاور رئيسية تتمثل في تأهيل المدينة العتيقة لسلا ، وتأهيل الفنادق والإقامات العتيقة، وترميم المآثر التاريخية، ومعالجة الدور الآيلة للسقوط، وتهيئة الكورنيش والطريق الساحلية ، وتأهيل الطرق ومداخل الجهة الشمالية والمنشآت الرياضية، وتهيئة طريق القنيطرة، وتأهيل الأحياء الناقصة التجهيز. ويهم محور المآثر التاريخية ، تهيئة دار القاضي، ودار البارود، وزاوية النساك، وقصبة اكناوة، والأسوار التاريخية وشطر من القناة المائية الأثرية ، كما يشمل تحديث المدارات الثقافية وإحداث مركز للتعريف بالتراث، وذلك في إطار دعم السياحة الثقافية بالمدينة . ويشمل محور تأهيل "الدور الآيلة للسقوط " إضافة إلى تأهيل الفنادق والإقامات ، الذي رصدت له وزارة السكنى وسياسة المدينة ، 5ر175 مليون درهم إعادة التأهيل و الترميم، وهدم الخرب، وإعادة إيواء قاطني هذه الدور، وكذا في محور "الأحياء الناقصة التجهيز"، والذي يتضمن إعداد البنيات الأساسية وشبكة الماء والكهرباء، وإنجاز الطرقات والمرافق العمومية للأحياء ناقصة التجهيز. وسيضفي مشروع تهيئة ضفتي أبي رقراق ، الذي دشنه جلالة الملك تغييرا ملموسا على تراث المدينتين العتيقتين للرباط وسلا ومجالاتهما العمرانية، بفضل المكونات الأساسية للمشروع على مستوى البنيات التحتية المتمثلة في الترامواي وقنطرة مولاي الحسن الجديدة ونفق الأوداية ومشروع "باب البحر"، ويغطي هذا المشروع الضخم وعاء عقاريا يناهز 6 آلاف هكتار. كما ستجعل المواقع التاريخية المتمركزة حول ضفتي النهر من هذا الفضاء ملتقى ثقافيا وسياحيا بامتياز. وسيساهم هذا المشروع في إقامة مناطق مهمة للتنمية السياحية والتنشيط الثقافي والترفيه والاستجمام مشكلا بذلك قطبا للتنمية الحضرية، وسيحقق وحدة المجموعات السكانية للرباط وسلا. ومما لا شك فيه، أن برامج تنموية مهيكلة من حجم برنامج التأهيل الحضري المندمج لمدينة سلا ومشروع تهيئة ضفتي أبي رقراق ، سيكون لها انعكاس إيجابي على المدينة وساكنتها ، وبنياتها التحتية.