جرائم قتل بشعة هزت عدد من المدن المغربية، لم تستثن الأصول في كل من حي الفرح بالدار البيضاءوالصويرة حيث كان الإدمان والعطالة الدافع الأساسي وراء الإجهاز على حياة أقرب الناس ألا وهي الأم. لم تكن فاطمة تظن أن ابنها الذي لم تبخل عنه للحظة بحبها، سينهي حياتها بطعنة بسكين أصابتها في بطنها، ثم ذبح الشاب الذي لم يتجاوز الثلاثين من العمر، والدته من رقبتها بعد شجار بسيط بينهما فقد فيه الشاب صوابه بعد أن أصابته حالة هستيرية، ولم يعد يتحكم في تصرفاته. تسببت الواقعة في حالة هلع بين المقيمين في الحي الذي وقع فيه الحادث، وسارع بعضهم إلى إخبار رجال الأمن. لم يكتف الإبن بقتل والدته، بل حاول أن يضع حدا لحياة والده لولا لطف القدر وتدخل الجيران الذين استجابوا لاستغاثة العائلة. وبعد تنفيذ جريمته حاول الإبن الهرب، لكن الجيران تمكنوا من القبض عليه، واحتجزوه حتى وصول رجال الأمن الذين عاينوا مسرح الجريمة، فيما نقلت والدة المتهم للمشرحة. القتل بدم بارد كان محمد يعيش رفقة والدته التي تجرعت مرارة الفقر والمعاناة مع ابن عاطل اعتمد عليها في تأمين تكاليف المعيش من خلال إرغامها على مده بالنقود بالقوة والغصب. كان يعتدي على والدته التي تلجأ إلى الصرخ طالبة النجدة من الجيران الذين ما أن يسمعوا استغاثتها حتى يهرعوا لإنقادها، لكن ما كل مرة تسلم الجرة، ففي ذلك اليوم ما أن ذهبت المخدرات بعقله حتى انطلق في الإعتداء على والدته بالضرب بعدما رفضت مده براتب التقاعد، ولم تنفع توسلاتها في ثنيه عن ارتكاب جريمة سيقضي بعدها بقية حياته وراء القضبان. بعدما أنهى حياته الزوجية بأبغض الحلال، اعتمد على والدته في تأمين مصاريف الحياة، دون نسيان أن المسكينة أفنت شبابها في رعايته من خلال تدبير تكاليف تمدرسه، لكن إدمانه المفرط جعله يغادر فصول الدراسة مبكرا ليشتغل بمعامل التصبير بمدينة الصويرة، ليدمن شرب الخمر ومختلف أنواع المخدرات، كلما حصلت على راتب التقاعد يبدأ بابتزازها للحصول على المال، وإذا ما امتنعت أبرحها ضربا إلى أن يرغمها على تلبية جميع طلباته. في ذلك اليوم الذي ودعت فيه الأم دار الفناء، طلب الإبن كالعادة من والدته مبلغا من المال، فرفضت تسليمه، ليدخلا في شجار تطور إلى اشتباك بالأيدي، مادفع الإبن إلى توجيه ضربات قوية لوالدته، لتسقط أرضا جراء الكدمات القوية التي تعرضت لها في رأسها. تعالى صوتها بالصراخ علها تجد من ينقذها، لكن باب المنزل كان مغلقا، حيث تسنى له مواصلة الإعتداء على والدته إلى سقطت جثة هامدة بعدما أجهز عليها بواسطة سكين كان بحوزته، وجلس أمامها مصدوما لفعل أزهق روح أقرب الأشخاص إليه، وزج به في السجن لفترة طويلة. رفضت تزويجه فقتلها تلقى الجيران والأهل والأحباب بصدمة قوية خبر قتل الإبن لوالدته بخمس طعنات، جعلتهم يحتشدون رفقة أبنائهم أمام المنزل بحي الفرح لمعرفة تفاصيل جريمة صارت هي موضوع حديث الجيران. كانت عقارب الساعة تشبر إلى العاشرة صباحا عندما سمع الجار صراخ استغاثة الضحية. التحق بمنزل الضحية حيث دخل في عراك مع الجاني بعد أن أقدم علي طعن والدته بخمس طعنات غادرة على مستوى البطن، وحاول الفرار بعدما استولى علي حلي ومجوهرات والدته. باغته الجار في الطابق الأول وحاول شل حركته، لكنه أصابه إصابة خطيرة على مستوى البطن لينقل إلى مصحة خاصة لتلقي العلاج، فيما نقلت جثة الأم هامدة في كيس بلاستيكي رمادي إلى مركز الطب الشرعي حيث ستخضع للتشريح. فتحت الشرطة القضاية التي حلت بمسرح الجريمة، تحقيقا حول دوافع الإبن الذي أقدم على قتل والدته، وتوصلت إلى الوقوف على أن الواقعة انطلقت بمشاداة كلامية بين الأم وابنها فباغتها وهاجمها وشرع في طعنها أكثر من خمس طعنات في أنحاء مختلفة من جسدها فأصابها في الوجه والعنق والبطن، ولاذ بالفرار بعد أن استولى على مدخراتها واضعا إياها في كيس بلاستيكي. تفاصيل الجريمة أثناء الاستنطاق الذي انطلق مباشرة بعد الحادث، بدا الجاني هادئا وعاديا ولم تظهر عليه علامات القلق أو التوتر، بل أصر على تناول الدواء بعد إشهاره أمام المحقيقين وصفة طبية تؤكد خضوعه للعلاج النفسي منذ 2002. اعترف أن والدته كانت تعتزم يوم الحادث المأساوي عرضه على طبيب نفسي، لكن الأجل المحتوم كان لها بالمرصاد. من حين لاخر كان «يدخل ويخرج في الهضرة»، وتشبت بأن سبب القتل هو رفض والدته المتكرر لفكرة زواجه، وأنها انطلقت رفقة الجار في ممارسة طقوس من الشعوذة والسحر، جعلته يفقد صوابه وينتفض مهددا والدته بالقتل. لم يتوقف أثناء التحقيق عن ترديد عبارة »هي كتدير لي السحور باش مانتزوجش وما نسكنش معاها»، ثم ظهر عليه التعب وتوقف للحظات كي يلتقط أنفاسه قبل أن يواصل الحكي ملتمسا من المحقيقين منحه فرصة لتناول الدواء مصحوبا بما تيسر من الأكل. نهض هشام ذلك اليوم المأساوي من النوم على الساعة العاشرة صباحا، توجه نحو الأم للحصول على مبلغ مائة درهم ليصرفه على مزاجه حيث عرف وسط أبناء الحي بتعاطيه المخدرات من قرقوبي وحشيش وماحيا. رفضت الأم الانصياغ لطلب ابنها فاتجه صوب المطبخ وحمل سكينا ذا حجم صغير وتوجه نحو الأم وشرارة الغضب تتطاير من عينيه، وفي غفلة منها طعنها على مستوى العنق. حاولت المقاومة لكنها عجزت ففقأ عينيها ثم استمر في طعنها بشكل عشوائي في البطن والوجه والعنق. لم يتوقف إلى أن سقطت جثة هامدة، وببرودة دم نزل الأدراج متوجها نحو الطابق السفلي حيث بحث في الدولاب عن محتويات والدته من الذهب والنقود وأفرغها في كيس بلاستيكي وحاول الفرار، لينقض عليها الجار محاولا إمساكه فطعنه على مستوى البطن. كان الصراخ كافيا ليحتشد الجيران وتستطيع سواعد شباب الحي القبض على الجاني وتكبيله. مشهد روع سكان الحي وأصابهم بالذعر والهلع، فبادر البعض إلى إخبار مصالح الأمن التي انتقلت إلى عين المكان وألقت القبض على الجاني، الذي بدا مشدوها ملطخا بالدماء، ولم يستفق من الصدمة إلا وأفراد الشرطة القضائية بالدائرة الأمنية بمرس السلطان الفداء تمسك به. خبر القتل انتشر كالنار في الهشيم، فسدت منافذ الزنقة 71 من حي الفرح وأصبح الولوج إلى المنزل رقم 30 مسرح الجريمة، صعبا حيث لا يسمع سوى أصوات النحيب والبكاء. لم يستطع أفراد العائلة والجيران تحمل الفاجعة، ولم يتوقف غالبيتهم عن ذكر محاسن الضحية بكلمات مؤثرة نفذت بسرعة إلى قلوب المحتشدين، فارتسم الحزن والتذمر على الوجوه. قبل أسبوع من وقوع الجريمة، كانت الضحية في زيارة لابنتها بالديار المقدسة، ولم تعتقد أن الأجل المحتوم كان ينتظرها لتسلم الروح إلى باريها بشكل كان بشعا، جعل شباب الحي يسترسلون في الحديث عن مغامرات الجاني مع الخمر والتعاطي للقرقوبي وإفطار رمضان. اعتاد هشام كلما أنهى جلسة خمرية إلا ويثير رفقة أصدقائه عربدة بالزقاق لينال نصيبه من الضرب والركل، لكنه يعود مرة ثانية لنفس السيناريو، لكنهم لم يعتقدوا يوما أن يتحول الشاب من مجرد مدمن على المخدرات إلى قاتل لم يرق قلبه وهو يقدم علىالفعل الشنيع. شاغل سعاد