هو عدل مثل سائر العدول، كان يمارس عمله بنفوذ عمالة تمارة ومحيطها الترابي، لكن الميزة التي يختلف فيها عن زملاء مهنة التوثيق، أنه تمكن خلال مشواره الوظيفي من تزوير أزيد من 50 عقدا، يخص الزواج والبيع والشراء والكفالة والهبة والصدقة واستمرار الملك والتوكيل، وذلك مقابل مبالغ مالية مهمة. مرت سنوات وهذا العدل يحرر ما هو باطل في صفة حق، لكن أمره سوف يفتضح خلال الأشهر الماضية، حيث قام بتزوير عقد بيع إحدى القطع الأرضية بتيفلت نواحي الخميسات. صاحب هذه الأرض تقدم بشكاية إلى الوكيل العام للملك بالرباط، بعد أن تأكد له أثناء محاولة التسجيل بالمحافظة العقارية بالخميسات، أن القطعة الأرضية توجد في ملكية شخص آخر. لتتحرك المسطرة القضائية في حق «العدل المزور»، الذي ثبت تورطه في العملية، حيث اعتقل، ثم أودع بسجن بسلا. بعد جلسات من المحاكمة، أصدرت غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة سلا، في أواخر شهر يونيو المنصرم، في حق عدل تابع لهيأة عدول بالرباطوسلا، بالسجن عشر سنوات نافذة بتهمة تزوير أكثر من خمسين عقدا شرعيا متنوعا، بالإضافة إلى تأييد المحكمة باقي العقوبات المالية الصادرة في حق المتهم، لفائدة الخزينة العامة، والتعويض لفائدة الأطراف المدنية المتضررة. هذا العدل الذي له مكتب بتمارة، سيكون مقامه بجوار العاصمة الإدارية، بعد وضعه رهن الحراسة النظرية من طرف النائب الأول للوكيل العام للملك لدى استئنافية الرباط، رفقة متورطين آخرين، بينهم ناسخ بمحكمة الأسرة بالرباط وكاتب عمومي ومنتخب جماعي كان يصادق عن علم على العقود المزورة. هؤلاء المتهمين خصعوا للتحقيق والمواجهة فيما بينهم، حيث توبعوا جميعا من أجل جناية تكوين عصابة إجرامية مختصة في تزوير المحررات الرسمية واستعمالها، والنصب والمشاركة. كان من ضحاياها حوالي 200 شخص، بعضهم تمكن من كشف حقيقة التزوير، والبعض الأخر ما يزال يجهل أن عقاره تعرض للنصب والتزوير في الملكية. وكانت الأبحاث التي باشرتها الفرقة الجنائية للشرطة القضائية بالرباط على مدار ثلاثة أشهر، قد كشفت أن هذا العدل زور العشرات من العقود الشرعية، وذلك على امتداد سنوات من مشواره المهني، حيث كان عمله المخالف للقانون والمخل بأخلاقيات مهنة العدول، ينجز تحت الطلب لفائدة نافذين في الجهة، نظير مبالغ مالية مغرية. وعندما اكتسب خبرة وجرأة في مجال التزوير، انضم عبر علاقات مصالح مشبوهة بعصابة مختصة في السطو على العقارات، عن طريق التزوير والنصب، وبيعها بعقود غير صحيحة وشهادات لفائف عدلية وهمية، إلا أن الحكم الصادر على المتهم الرئيسي ومن معه جعل الإدانة بالسجن النافذ والغرامات واقعا حقيقيا، سيكون لا محالة بمثابة كابوس في عتمة الزنازن، يقاسي من هوله كل مذنب لسنوات طويلة وعصيبة. وفي تفاصيل سابقة كان النائب الأول للوكيل العام للملك لدى استئنافية الرباط، قد أمر قبل شهور خلت بإيداع أحد العدول من دائرة تمارة، ومتورطين معه في السجن المحلي بمدينة سلا. فيما توبع أخرون على خلفية نفس الملف في حالة سراح، وذلك بتهم الإنض إلىمام عصابة إجرامية مختصة في تزوير المحررات الرسمية واستعمالها، والنصب والمشاركة. مجريات هذه القضية ابتدأت أول الأمر في إصدار النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالرباط، أمرا بإيقاف عدلين مشتبهين بتورطهما رفقة عدلين آخرين بمدينة تمارة، وناسخ بمحكمة قضاء الأسرة، ومنتخب جماعي في تزوير عقد عدلي لشراء أرض تقع في شارع بئر أنزران بتيفلت، وذلك بعد شكاية تقدم بها المواطن مهنته تاجر، الذي تبين له، أثناء محاولته تسجيل عقاره لدى المحافظة العقارية بالخميسات، أن هذه الأرض التي توجد في ملكيته، قد بيعت إلى مسؤول حزبي بتيفلت، دون علمه، وذلك عن طريق الاستعانة بالعدول الموقوفين، وباقي أطراف القضية. ونظرا لخطورة هذا الملف، وتشعب حيثياته، فقد أحيلت القضية على قاضي التحقيق لدى استئنافية الرباط، لتعميق البحث مع المتهمين. واستنادا إلى نتائج التحقيقات، فإن عدل تمارة، استطاع على مدى سنوات، تزوير عشرات العقود الشرعية، مقابل مبالغ مالية مهمة، وعندما وصل خبر احترافيته في مجال التزوير في محررات رسمية إلى علم أفراد العصابة، قرروا الاستعانة به للاستيلاء على أراضي وعقارات في ملكية مواطنين، وبيعها عن طريق عقود مزورة ولفائف عدلية وهمية، الأمر الذي خلف عشرات الضحايا، منهم من علم بفصول القضية والأضرار التي لحقت به، ومنهم من لازال يجهل أن ملكه العقاري قد بيعت بطرق تدليسية إلى مشترين لم يعقد معهم أي عقد بيع صحيح.