أدانت غرفة الجنايات الأولى أخيرا، المقاول المدعو "ع.ش"، والمنعش العقاري المدعو "م.ع"، بخمس سنوات سجنا نافذا، لكل واحد منهما، ومعاقبة المتهم الثالث المدعو "م.ب"، بثلاث سنوات حبسا نافذا، من أجل التزوير في محرر رسمي واستعماله، والمشاركة في ذلك بالنسبة للمتهم الثالث. وقضت هيئة المحكمة بأداء المتهمين الثلاثة تضامنا في ما بينهم تعويضا قدره 400 مليون سنتيم، لفائدة المطالبين بالحق المدني، أصحاب الأرض الحقيقيين، ورثة المواطن الإنجليزي "باكلييتو"، وبإرجاع القطعة الأرضية الكائنة بحي "مسترخوش"، ذات الرسم العقاري عدد 45771-06، للورثة، تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها ألف درهم عن كل يوم تأخير من تاريخ الامتناع عن التنفيذ بعد التشطيب على اسم شركة المدانين في هذا الملف، وتسجيل العقار في اسم أصحابه. وتعود وقائع الملف إلى شهر يونيو من سنة 2003، حين تقدم أصحاب الأرض بشكاية مفادها أن المواطن الإنجليزي "كارلوس لازارو باكلييتو"، كان اشترى قيد حياته جميع الغرسة الواقعة بحي "مسترخوش"، البالغة مساحتها 11 ألفا و656 مترا مربعا، ونظرا لوجود ورثته خارج أرض الوطن، فإنهم عمدوا إلى توكيل مغربي وإسباني ليحلا محلهم في تفقد جميع ممتلكاتهم والعقارات التي آلت إليهم عن طريق الإرث، منها القطعة الأرضية موضوع النزاع، التي قام المتهمون في هذا الملف بتزوير وثائقها. وأوضحت الشكاية بأنه اتضح للوكيلين على القطعة الأرضية، أن المتهمين الرئيسيين حفظا العقار بوثائق مزورة، إذ أصبح يحمل سندا عقاريا جديدا في اسم شركتهما، وبعد التحقيق بمصالح المحافظة العقارية، اتضح بأن الأمر يتعلق بتزوير عقد شراء مؤرخ في 11 نونبر 1990 مدرج بمذكرة الحفظ عدد 12 صحيفة 105 عدد 210، واتضح بأن عقد الشراء المزور، مضمونه أن القطعة الأرضية فوتت من طرف المتهم الثالث، الذي كان يعمل بمكتب شركة المنعشين العقاريين المتهمين في هذا الملف، بناء على توكيل ادعى بأنه سلم له من طرف زوجة الإنجليزي صاحب الأرض، مسجل من طرف الموثق الإنجليزي "أوسكار بروسكرت"، المقيم بصخرة جبل طارق. وأثناء البحث في الملف، جرى انتداب قاض بمحكمة الاستئناف بطنجة، من أجل التأكد من هذا المحتوى، وتأكد أن الموثق الإنجليزي لم يحرر هذا التوكيل بصفة نهائية، والأكثر من ذلك، أنه يوم تحرير هذه الوثيقة المزورة، صادف يوم الأحد الذي لا يشتغل فيه أحد بمنطقة جبل طارق. وعند الاستماع إلى المتهمين، أجابا قاضي التحقيق بأنه يوم 21 أكتوبر من سنة 1988، اشتريا العقار من زوجة المواطن الإنجليزي، التي أوكلت حسب قولهما كاتبها الخاص الذي يعد المتهم الثالث في القضية، إذ صرح أنه يشتغل كاتبا بشركة التي يسيرها المقاول والمنعش العقاري، وأنه سبق أن طلبا منه نسخة من البطاقة الوطنية لتسجيل وكالة في اسمه من طرف أجنبية يجهل هويتها لكي يتولى مهمة إتمام عملية البيع نيابة عن هذه الأجنبية التي لا يعرفها. وتراجع المقاول المتهم أثناء التحقيق معه عن تصريحه الأول، ليصرح من جديد أمام قاضي التحقيق، أنه يجهل كل شيء عن هذه العملية التي قام بكل إجراءاتها، المتهم الثاني، ليقرر قاضي التحقيق بتاريخ 16 مارس 2004، متابعة المتهمين الثلاثة من أجل التزوير في محرر رسمي واستعماله والمشاركة في ذلك، بعدما أحال الملف على غرفة الجنايات الأولى، وأدرجت في العشرات من الجلسات العلنية، طيلة 6 سنوات.