تحت أشعة الشمس الحارقة خرج أول أمس الأحد الآلاف من مريدي الطريقة القادرية البوتشيشية في مسيرة بالدار البيضاء، أفواج منهم حجوا من مختلف مدن المملكة من الشمال والشرق والجنوب والوسط ومن القرى والمدن حاملين سبحتهم ومرددين الأذكار تأييدا لمشروع الدستور. منذ الساعات الأولى من صبيحة الأحد بدأت الوفود تصل تباعا عبر حافلات النقل العمومي والسياحي و السيارات الخاصة، البعض منها رابط بحديقة حي الإدريسية والأخرى بالقرب من السوق التجاري مرجان. كان المسؤولون عن الطريقة قد نصبوا خيمة كبيرة وسط الحديقة بشارع أبا شعيب الدكالي لكنها لم تكن كافية لاستيعاب الأعداد الكبيرة من المريدين ليغادرها غالبية الذكور لتتحول إلى خيمة نسائية تقيهن من أشعة الشمس التي لفحت وجوه الكثير منهن. بعد أن تقرر تغيير موعد المسيرة للزوال، لم تجد الكثير من الأفواج غير البحث عن ظل بين أشجار حديقة الإدريسية أو بالقرب من الأزقة المجاورة وللإحتماء بظلها بعيدا عن أشعة الشمس، أو الجلوس في مقهى مجاور، كثير منهم بدت علامات العياء عليهم وتصببوا عرقا، لكن كلهم حرص على الإمتثال لتعلميالت شيخهم حمزة بن العباس. في مدار شارعي أبا شعيب الكالي وعبد الله الصنهاجي تجمعت الكوكبة الأولى من مريدي الطريقة، فيما امتلأت جناب الشارع بأعداد أخرى منهم، وبدأت الحافلات التي فاق عددها الألف تصل تباعا إلى عين المكان الواحدة بعد الآخرى، وتغادر إلى مقربة من ثانوية الخوازمي بعد أن ينزل القادمون عبرها ليلتحقوا بالأفواج الأخرى. حوالي الساعة الثالثة بدأ العد العكسي للحظة الإنطلاق وتقدمت للأمام سيارة من نوع مرسيديس تحمل مكبر الصوت، وبدأت اللجنة في توزيع لافتات صغيرة وأخرى كبيرة كتب عليها «شباب الطريقة البوتشيشية مجندون وراء جلالة الملك نعم للدستور»، وأخرى «الطريقة القادرية البوتشيشية تدعو للتصويت على الدستور». بدأ شباب الطريقة في ترديد شعارات عديدة ك «الشعب يقول نعم للدستور» والنشيد الوطني و«الملك ملكنا والصحراء صحراؤنا» وترديد شعار المملكة، وحمل الكثير منهم صور جلالة الملك والأعلام الوطنية من مختلف الأحجام. الشيخ حمزة كان اضرا بدوره المسيرة ليس بذاته ولكن من خلال ما يوصله لكبار مسؤولي الطريقة، فقد أبلغ التحية و السلام لمريديه وهو ما ردد عبر مكبر الصوت ليذكر هم أن «أنهم خرجوا ليقولوا نعم صادقة للدستور لا مواربة فيها»، وأيضا أن «الطريقة طريقة التسامح وطريقة الإعتدال». مع اقتراب موعد الإنطلاق بدأء الشباب من اللجنة المنظمة في توجيه المريدين للإنضمام إلى صفوف المسيرة، ولجأوا لاستعمال حبال في أطرافها، فيما بدأ أحدهم في تذكيرهم عبر مكبر الصوت بالإنضمام إلى الصفوف وضرورة الإنتظام، وخاطبهم قائلا «سيدنا الشيخ تيطلب منكم تكونو قدوة وتعطيو صورة جيدة للطريقة المباركة»، فيما الحافلات لا تزال تلتحق بنقطة انطلاق المسيرة. امتلأت جنبات شارع أبا شعيب الدكالي بأفواج من النساء والشباب والشابات، وامتدت الكوكبات منهم على امتداد أربع كيلومترات، انضم إليها عدد من الجمعيات البيضاوية وأعضاء من حركة 20 فبراير الداعمين للدستور خلافا لآخرين فضلوا المشاركة في مسيرة بالحي المحمدي، تلك جمعيات أحياء ونوادي رياضية حرصت بدورها على الحضور إلى جانب مريدي الطريقة البوتشيشية. حوالي الساعة الرابعة والنصف تحركت الكوكبة الأولى من المريدين وبدأوا في ترديد «المنفرجة»، وفي تلك الأثناء صاح أحدهم في الميكرفون «بشرى لنا لقد تجاوزنا المائة ألف»، لينظم إليهم آخرون عبر الآزقة المجاورة ، وسار الجميع ذكورا وإناث يتلون الأذكار والأدعية إلى أن وصلوا إلى مدار شارع محمد السادس وشارع أبا شعيب الدكالي، هناك فسح البوتشيشيون المجال لبقية المشاركين المنتمين لجمعيات بيضاوية للتقدم نحو الأمام، قبل أن يواصلوا السير ببطء وهم يواصلون قراءة أذكارهم إلى أن بلغوا المدار الطرقي لشارع الفداء. توقفت الكوكبة الأولى، لتلاوة دعاء المنفرجة والإعلان عن انتهاء المسيرة، وفي تلك اللحظات كانت طائرات هيلوكبتير تحوم على علو منخفض اعتقدها البعض منهم أن شيخهم قد حضرها لمساندتهم، وبدوا منشرحين بعد أون أبلغوا رسالتهم بأنهم مع الدستور الجديد.