نساء شابات وبنات كثيرات يتبعن للحصول على أجسام عارضات الأزياء، حمية قاسية دون استشارة طبية، فيبدأ الإحساس بالتعب والشعور بالوهن طوال اليوم، والرغبة في النوم لفترات أطول، فيفقد الجسم الفيتامينات والمعادن وتصاب أغلبهن ب«الأنيميا» وهبوط حاد للظغط. كلما زارتهم أسرة عمها أو حضرت عرسا ولمحت ابنة عمها ذات الجسم الممشوق، أو وهي تمشي بأناقة ورشاقة مثل عارضات الأزياء، إلا وبدأت رانيا تتمتم بكلمات تصل مسامع والدتها التي تنتفض في وجهها «غادي تبقاي تابعة الريجيم حتي تمرضي»، لتبدأ سارة في التذمر وهي تصرخ «شوفي البنات لاطاي ديالهم بحال المانكان وأنا ما حدي وأنا كنغلاض»! فتُرَبت والدتها على كتفها في محاولائ لتهد مضاعفات إنقاص الوزن ما أن تعود البنت الشابة إلى البيت حتى تنطلق في مسلسل التنحيف، دون زيارة طبيب أواستشارة أخصائي تغذية، بل تضع حمية خاصة بها، تحرم نفسها من تناول كل المعجنات والنشويات وتقتصر على السوائل والفواكه، حارمة نفسها من الدهنيات والبروتينات الضرورية للتوازن الغذائي، وكلما ملت من حمية إلا وأبحرت في عالم الأنترنيت تبحث عن أنواع أخرى وكلها رغبة في الحصول على جسم رشيق، وكلما أصابها الجوع إلا والتهمت قطع الشوكولاتة، لتعود بعد نهاية يوم دراسي متعبة على وشك السقوط. بعد صراع طويل، لم تفقد رانيا إلا كليوغرامات قليلة، فانتابها القلق وففقدت الشهية وتعاطت لحبوب الفيتامينات مما جعلها تشعر بتعب شديد مصاحب بغثيان أقلق والدتها التي حاولت مرارا إقناعها بزيارة الطبيب. لكن تعنتها جعلها تستمر في حميتها بشكل قاس، مرة تعتمد على الخضروات دون النشويات ولا اللحوم، وأحيانا كثيرة تدمن على تناول السلطات مع الفواكه، مما جعل جسمها يحمل تظهر عليه بعض التشققات، فتحولت فرحتها بفقدان بعض الكيلوغرامات إلى قلق دائم. تسترجع رانيا صور تلك الصبحية بتوتر شديد، كان أستاذ الرياضيات منهمكا في شرح الدرس عندما انتابها دوران مصاحب بغثيان لتسقط على الأرض فاقدة الوعي، ويسود القسم الخوف والهلع. بعد نقلها إلى المستشفى، تبين أنها تعاني هبوطا حادا في الضغط وفقرا في الدم، وقد جعلتها هذه الإصابة تراجع مفهومهاالخاطئ للحمية الذي جعلها تشعر بالوهن طوال اليوم وترغب في النوم لفترات أطول. حمى التخسيس بعد فترة الحمل والولادة ازداد وزن ابتسام لأكثر من عشرين كيلوغرام، وفقدت رشاقتها المعهودة وهي المعروفة وسط زميلاتها بأناقتها وخفتها إلى الدرجة التي كن يطلقن عليها «طاي مانكان»، لكنهن بعد انتهاء رخصة الولادة أصابتهن الدهشة وأمطرنها بالتوبيخ واللوم «جلستي على ماكلة الرفيسة وسلو حتي وليتي بحال مما غولة»! انزوت ابتسام في مكتبها وهي شاردة تفكر في طريقة سريعة تخلصها من الوزن الزائد، فسارعت إلى شاشة الكمبيوتر تبحث عن حمية ناجعة تخلصها من بعض الكليوغرامات وتمكنها من ارتداء ملابسها القديمة، فاتبعت ريجيم طوارئ للحصول على الجسم الذي تحلم به. تبدأ نهارها بفطور خفيف يغيب فيه الخبز وتتربع فيه الفواكه على طاولة الإفطار، أما الوجبة الرئيسية فتتناول فيها ابتسام السلطة الخضراء وبعض المشويات، وكلما أحست بالجوع التهمت التفاح مقتدية بإحدي نجمات السينما المصرية. سلكت ابتسام كل السبل لإنقاص الوزن دون جدوى، بل ازداد وزنها عن السابق، لتنطلق في ممارسة الرياضة بإحدى القاعات الرياضية، مصاحَبة بالتدليك ثلاثة مرات في الأسبوع للقضاء على «السيلوليت» الذي استوطن أجزاء من جسمها، والتزمت بعد ذلك بنظام حمية متوازن وإجراء تمارين يومية، وبعد أن أيقنت من فشل هذه الطريقة زادت من صرامة حميتها، وأطالت ساعات التمارين الرياضية. وبدلا من أن تفقد الوزن، اكتسبت كيلوغرامات إضافية زاد من مقاس سروالها بدرجتين، فبدأت تشعر بالفشل مما جعلها تخضع نفسها لحمية قاسية جعلتها تتضور جوعا ليومين دون أية نتائج، فازداد جفاف بشرتها والإحساس بتعب دائم. أخذت ابتسام تفقد من وزنها بشكل كبير مما جعل «السخفة» تلازمها باستمرار ودون انقطاع، وغاب عن علمها أن الأطباء يتفقون على أن المطلوب إزالة ما بين 5 إلى 10% من وزن الجسم ما بين 6 إلى 12 شهرا، لأن التخلص من هذه الكمية ثبت أنه يقلل من مضاعفات السمنة، وأن حلول تخفيف وزن الجسم متعددة، تبدأ بوضع نظام غذائي يومي يوفر للجسم حاجته من الطاقة ومن أنواع العناصر الغذائية والفيتامينات والمعادن، مع البدء في برنامج يومي للرياضة البدنية كما تؤكد ذلك الدكتورة عهد عاشور اختصاصية الغدد والسكري والتغذية. وتضيف الدكتورة عهد عاشور أن الجسم يحتاج يوميا مابين 2500و3000 سعرة حرارية، وفي حالة اتباع حمية على الجسم أن يحصل على حوالي 1200سعرة حرارية، لذا توضح الاختصاصية أن تناول كميات عشوائية من الأطعمة وإهمال ممارسة النشاط البدني الرياضي يؤدي إلى مضاعفات خطيرة منها فقدان العضلات ونقص الفيتامينات والسكريات وترسيب التسممات. وتفسر الاختصاصية هذه التداعيات بكون وزن الجسم يأخذ وقتا ويتطلب تناول كميات كبيرة من الأطعمة، وبالتالي فإن الحل في نقص الوزن يكون عبر ضبط كمية الطعام وممارسة الرياضة تحت إشراف طبي، من خلال ضبط كمية ونوعية وجبات الطعام وكيفية تناولها عبر تعديل كمية السكر في الدم، وحث الجسم عبر الرياضة على استخدام السكر لإنتاج الطاقة وفق حساب كمية ونوعية مكونات الوجبات العذائية اليومية. بعد اتباع ابتسام حمية تحت إشراف أخصائية تغذية، فوجئت بانخفاض أربع كيلوغرامات من وزنها خلال أسبوع واحد فقط بعد سلسلة طويلة من الإخفاقات، وحصلت بعد 12 شهرا على جسم رشيق وإن لم يصل إلى درجة «طاي مانكان.