التقارير التي تتحدث عن ظاهرة تهريب الأموال من المغرب كثيرة ومتنوعة، غير أن أهمها هو التقرير الذي أصدرته مؤسسة «بوسطن» الاستشارية الأمريكية، في يونيو 2012، والذي أكد أن أكثر من 30 في المائة من الثروات التي تمتلكها الأسر الغنية في المغرب توجد أساسا في حسابات خاصة في بنوك سويسرا وبريطانيا، وهو ما جعل المغرب يحتل الرتبة الثانية في شمال إفريقيا بعد تونس في ما يخص تهجير الثروات. وأكدت الدراسة، التي اعتمدت في نتائجها على معطيات ترتبط بصناعة إدارة الثروات العالمية والحجم الحالي للأسواق المالية وحجم الثروات والأصول الموجودة في الخارج، فضلا عن مستويات نتائج المؤسسات الرائدة، أن المغرب يتبوأ رتبة متقدمة بين الدول العربية في مجال تمركز أموال أغنيائه في البنوك الأوربية بعد الكويت والإمارات والبحرين ولبنان. لكن، من حيث الأرقام، يظل التقرير الأخير الذي أصدره مكتب «النزاهة المالية العالمية» أكثر دقة، حيث أكد أن المغرب يحتل الرتبة 45 من بين 143 دولة في ما يخص تهريب الأموال إلى الخارج، إذ تم خلال الفترة ما بين 2001 و2010 تهريب حوالي 12 مليارا و832 مليون دولار، أي أزيد من 109 مليارات درهم. ويعتبر التقرير أن المعدل السنوي لتهريب الأموال إلى الخارج انطلاقا من المغرب، بلغ حوالي مليارا و283 مليون دولار، أي حوالي 10 مليارات و905 ملايين درهم، وأن حجم الأموال المهربة سنة 2010 بلغت 980 مليون دولار، مقابل حوالي 2.4 مليار دولار سنة 2009. و1.8 مليار دولار خلال 2008، وحوالي 688 مليون دولار سنة 2007، وحوالي 792 مليون دولار خلال 2006، في حين سجلت 2005 أعلى نسبة خلال العشر سنوات حيث ناهزت قيمة الأموال المهربة 3.7 مليارات دولار. هذا الأمر جعل تقرير«هيئة النزاهة المالية العالمية» يذهب إلى أن تهريب الأموال من المغرب أصبح يعتمد أكثر من سبيل وخدعة، فقد يتم عن طريق تهريب السلع والمخدرات والرشوة وغسيل الأموال، وهذا ما يمثل في نظر معدي التقرير ما بين 30 و35 في المائة من مجموع المبالغ المهربة، في حين تصل نسبة رؤوس الأموال المهربة بواسطة الرشوة والمسؤولين الكبار في الدولة إلى أكثرمن 3 في المائة. وتظل حصة الأسد من الأموال المهربة تتم بطريقة تبدو «عادية» وتجتاز المراقبة التي تقوم بها أجهزة الجمارك بسهولة فائقة، وذلك باعتماد تزوير التصاريح المدلى بها. وهو ما جعل واضعي التقرير يستخلصون أن ما بين 60 إلى 65 في المائة من رؤوس الأموال المهربة ناتجة عن التهرب الضريبي، إذ يكفي النفخ في قيمة الواردات والتقليل من قيمة الصادرات، حتى تصبح ملايير الدراهم خارج المغرب رغم أنف عيون المراقبة. وبالإضافة إلى هذه العمليات هناك أيضا التهريب السري لأرباح الأسهم والشركات، والتلاعب بالمساعدات الدولية، سواء في المصدر أو بعد وصولها إلى خزينة الدولة. وقد دفع تهريب الأموال عن طريق التحايل في التصريحات الضريبية والمعاملات التجارية وأرباح الشركات إلى دق ناقوس الخطر مع التنبيه إلى أن الأنظمة البنكية «تخترقها اختلالات تساعد على تسهيل تهريب الأموال، حيث تستغل بعض المؤسسات المصرفية أوضاع الأزمة المالية العالمية لعدم كشف أرقام معاملاتها الحقيقية».