ملف عقارات الأجانب بالبيضاء يدخل منعطفا جديدا. فبعد شهر على إسدال الستار على الملف في مرحلته الابتدائية، بإدانة منعشين عقاريين وموثق بالبيضاء بالسجن النافذ. وزير العدل والحريات، يأمر بإجراء بحث في موضوع مقالين نشرا حول الملف ب«الأسبوع الصحفي» و«الاتحاد الاشتراكي»، وذلك حسب بلاغ لوزارة العدل والحريات. البلاغ الصادر، أول أمس الأربعاء، استند على ما ورد في جريدة «الأسبوع الصحفي»، والتي ركز عليها المحامي جلال الطاهر، كاتب مقال «ما موقف وزير العدل من تدخلات "القوة الخفية" في القضاء؟» بجريدة الاتحاد الاشتراكي، وبالتحديد في العبارات التالية، «طبعا لا تتولى القوات الخفية فقط، إرسال القنابل السرية إلى الأقطاب السياسيين، وها هي نفس القوة، تعمل لإرسال التعليمات السرية إلى القاضي، في محاكمة عصابة المستولين على الأملاك»، بالإضافة إلى «وكان كل ذلك من جهتنا بدافع الغيرة على القضاء، ورغبة في عدم ترك مجموعة من أقطاب العصابات العالمية الكبرى تفرض أسلوبها، حتى خرج القاضي المكلف بالملف في أول جلسات الاستئناف وقال "لا نخاف إلا الله"». وصرح مصدر مسؤول بوزارة العدل والحريات في اتصال هاتفي معه، بأن مهمة البحث أوكلت لجهاز النيابة العامة، التي يبقى لها صلاحية اتخاذ القرارات المناسبة في ضوء ماتراه مناسبا، من قبيل استدعاء من له علاقة بمضمون المعطيات الواردة في المقالين. وأضاف المصدر، أن الغاية من وراء الإجراء المذكور، هي الوقوف على مدى صحة الادعاءات بوجود تدخلات جهات خفية لإعطاء تعليماتها في الملف، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة على ضوء ذلك. وينتظر أن تفجر الاعترافات المثيرة للطرف المشتكي في جلسة 8 يناير الماضي، حول شخصيات من العاصمة الرباط، عرضت عليه خدماتها من أجل التدخل لصالحه في ملفه القضائي، وهي المعطيات التي استند عليها كاتبي المقالين، جدلا واسعا حول المسار الذي اتخذه الملف خلال مناقشته، في ظل عدم تسمية المشتكي، الذي توبع في حالة سراح، وتم تبرأته من تهمتي النصب وخيانة الأمانة، لتلك الجهات. وهي التصريحات التي طرحت علامات استفهام كبيرة أمام دفاع المتهمين والرأي العام. نقطة التحول الأخرى التي سبقت نشر المقالين المذكورين، هي استقبال رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب عبد الله بووانو، إلى جانب محمد يتيم ونزهة الوافي، مساء الأربعاء 6 مارس الجاري، مغاربة يهود قدموا أنفسهم، باعتبارهم ضحايا لمافيا العقار بمدينة الدارالبيضاء، حيث طلبوا من نواب «البيجيدي»، حسب الموقع الرسمي للفريق البرلماني للحزب على الأنترنت، التدخل لاسترجاع أملاكهم العقارية، كما وجهوا «شكرهم لحزب العدالة والتنمية على ما قدمه من نصائح لأحد أعضاء الوفد الذي تمكن من استرداد أملاكه عن طريق القضاء». وكانت جلسات الملف موضوع البحث، شهدت تقديم دفاع المتهم مصطفى حيم، الذي يحمل الجنسيتين المغربية والفرنسية، مداخلة حول المطالب المدنية لموكله، باعتبار قبول انتصابه كطرف مدني، حسب غرفة المشورة التي عللت قرارها، بأن تقدير المراكز القانونية للأطراف في النزاع، وتحديد المسؤولية الجنائية والمدنية وتقييمها يعود النظر فيه لمحكمة الموضوع. كما صرح الطرف الموصى له خلال الاستماع إليه، أن النيابة العامة رفضت سفره إلى فرنسا، من أجل جلب وثائق سرية تثبت براءته. وأثارت الوصية التي حازت على مجموعة من الأحكام والقرارت القضائية، العديد من التساؤلات حول الضوابط القانونية الواجب اعتمادها خلال تحرير وصايا تركات الأجانب، خاصة عندما أظهرت الخبرات التي أنجزها كل من مختبر الدرك الملكي والشرطة العلمية بالرباط، صحة وثيقة الوصية، التي بمقتضاها أوصى صاحب العقار جورج بريسو ممتلكاته إلى صديق العائلة مصطفى حيم. وتعود تفاصيل الملف إلى قيام زوجين فرنسيين، يملكان عقارا مبنيا مساحته 3400 متر مربع، بمنطقة عين الذئاب، بإجراءات منع قريبهما من تسيير تركتهما المشتركة، وتكليف مسير قضائي بذلك، حيث قام الزوجان بتفويت الفيلا إلى منعش عقاري بواسطة عقد عرفي. للإشارة فملف عقار عين الذئاب، عرف إدانة موثق بعقوبة سجنية مدتها 12 سنة، من أجل «التزوير في محرر رسمي»، فيما قضت المحكمة بسبع سنوات نافذة على باقي المتهمين وهم أربعة، بمن فيهم حارس الفيلا، الذي كان متابعا في حالة سراح من أجل جناية «التزوير في محرر عرفي واستعماله واستعمال محرر رسمي مزور»، وحكم على محام متابع بدوره، ب «خيانة الأمانة من قبل وكيل وإخفاء شيء متحصل من جنحة»، بسنة موقوفة التنفيذ وإرجاع مبلغ 37 مليونا و57 ألف درهم، كما أمرت غرفة الجنايات الابتدائية التي يرأسها القاضي مصطفى قابيل، بإتلاف الوثائق المزورة بمقتضى الخبرات الخطية الرسمية وإرجاع الأشياء المحجوزة لمن له الحق فيها، وبرأت، المشتكي جرار بنيطاح، من التهم التي كانت منسوبة إليه، وبعدم الاختصاص في المطالب المدنية المرفوعة ضده، وقبول المطالب المدنية المقدمة من قبله والحكم على كافة المتهمين المدانين بأدائهم تضامنيا في ما بينهم لفائدة المطالب بالحق المدني جرار بنيطاح، تعويضا قدره مليونا درهم. وهي الأحكام التي جعلت دفاع المتهمين يعتبرون أن الملف قضية قانون وليست قضية رأي عام. محمد كريم كفال