موعد مباراة أسود الأطلس ضد تنزانيا في تصفيات كأس العالم والقنوات الناقلة    إيطاليا.. حجز أكثر من 10 كلغ من الكوكايين في مطار فلورنسا    أوراق من برلين .. رسالة فرانز كافكا: جروح قديمة ما زالت تنزف    اكتشاف جديد يحدد الأجزاء المسؤولة عن تذكر الكلمات في الدماغ    ملياري شخص غير مشمولين في إحصاءات عدد سكان الأرض    الحوض المائي اللوكوس .. 4 سدود تسجل معدل ملء يصل إلى 100 في المائة    إعفاء مديرة مستشفى بني ملال    بأزيد من 3 مليارات درهم.. توسعة مطار طنجة ابن بطوطة لرفع طاقته الاستيعابية إلى 7 ملايين مسافر    بعد عمليات الهدم.. تلاميذ بالرباط يقطعون 30 كيلومترا للتمدرس    أمنيّون يتنافسون في تجويد القرآن    الخلوي: "الدوري الإماراتي تنافسي"    الأسود" ينهون التحضير للقاء تنزانيا    نهاية سوق پلاصا جديدة بطنجة    قمة التناقضات: الجزائر وجنوب أفريقيا تدعمان حق تقرير المصير في الصحراء المغربية لكن ترفضان تطبيقه في أراضيهما    بعد 17 شهرا من الزلزال... النشاط السياحي في "الحوز" يتحسن ب48 في المائة بداية 2025    ملعب الأمير مولاي عبد الله يحتضن منافسات كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات    كسوف جزئي للشمس مرتقب بالمغرب يوم السبت القادم    تبون يغير موقفه ويمد غصن الزيتون لفرنسا بعد الاعتراف بمغربية الصحراء    مراكش تحتضن كأس العالم لسلاح سيف المبارزة ما بين 27 و30 مارس    بعد تولي توخيل.. المنتخب الإنجليزي يواصل انطلاقته القوية في تصفيات المونديال    استشهاد صحافي متعاون مع الجزيرة في غارة إسرائيلية بغزة    طنجة.. المصادقة على هدم "البلاصة الجديدة" وتعويضها بمركب تجاري ومرائب وعلى توسعة طرق رئيسية استعدادا للمونديال    عمرو خالد يحث المسلمين على عدم فقدان الأمل في وعد الفتح الرباني    مجاهد يلجأ للقضاء ضد الريسوني    قائمة منتخب أقل من 17 سنة ل"الكان"    المنصوري تترأس مجلس رقابة العمران    السعودية تحين الشروط الصحية لموسم الحج 2025    بوريطة يتباحث بالرباط مع ستافان دي ميستورا المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء المغربية    محاميد الغزلان تحتضن المهرجان الدولي للرحل    الوزارة تؤكد التزاما بالقضاء على داء السل    طنجة تحتضن لقاءً حول "تدبير الموارد البشرية وتحديات المقاولة الصغرى" ضمن دائرة نقاش رمضانية    الملك يعين مسؤولين على رأس ثلاث مؤسسات دستورية هامة    تعيين ملكي يضع قياديا سابقا في حزب العدالة والتنمية رئيسا للمجلس الاقتصادي    جلالة الملك يعيِّن محمد بنعليلو رئيسا للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها    السعودية تُحدّث الاشتراطات الصحية لموسم حج 2025 لضمان سلامة الحجاج    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    سيدة تصفع قائد.. والنيابة العامة تتحرك وتحدد موعد المحاكمة    الإعلان عن تسجيل 4 سدود بجهة الشمال معدل ملء يصل إلى 100 في المائة    منظمة الصحة العالمية تحذر من تنامي معدلات السل لدى الأطفال في أوروبا    المغاربة يتضامنون مع غزة، وحصيلة ضحايا العدوان الجديد تصل إلى 730 فلسطينيا    بدر سلطان يلتقي جمهوره في بروكسيل    بورصة البيضاء تغلق بتعزيز الأرباح    ذعر في بريطانيا بعد تعرض المارة للطعن    اليوم الدولي للحقيقة يسلط الضوء على انتهاكات البوليساريو والدسائس الجزائرية    المعارضة تشكو الحكومة ل "الهاكا" وتتهمها بخرق قواعد الاتصال السمعي البصري    جدل "إهانة طبال" .. هذه كواليس حفل سلمى الشنواني في فاس    سعد موفق ل" رسالة 24 ": على الممثل أن يختار أدواره بعناية لتجنب النمطية    مسلسل "الدم المشروك"… يثير الجدل بسبب بطء أحداثه    مهرجان باريس للكتاب.. تفاصيل البرنامج الخاص بالمغرب    محادثات أمريكية روسية في الرياض اليوم لبحث هدنة بحرية    أمطار وثلوج ورياح قوية مرتقبة اليوم الإثنين بعدد من مناطق المملكة    مهنيون يعددون أسباب ارتفاع سعر البصل في أسواق الجملة بالمغرب    دوري الأمم الأوروبية: المنتخب الفرنسي يتأهل لنصف النهاية على حساب نظيره الكرواتي (ض.ت 5-4)    الرئيس ترامب يعلن تأييده للمرشح الجمهوري لمنصب شاغر في المحكمة العليا لولاية ويسكونسن    إتلاف أكثر من 500 كيلوغرام في تطوان من المواد غير الصالحة للاستهلاك منذ بداية رمضان    بودشيش يدعو إلى تأطير المحتوى الرقمي    المجلس العلمي يحدد قيمة زكاة الفطر بالمغرب    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفلا قرآنيا لتكريم الفائزين بالمسابقة القرآنية المحلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هدم قصبة مولاي الحسن بفاس.. عدوان على هوية المغرب التراثية
نشر في اليوم 24 يوم 23 - 03 - 2025

الدكتوة سكينة السكاك، جامعة محمد الاول وجدة

في ليلة مظلمة من شهر فبراير 2025، وبينما كانت مدينة فاس تغفو على أمجادها العريقة، استفاقت على وقع جريمة ثقافية تمثلت في هدم جزء من السور الدفاعي لقصبة مولاي الحسن بدار دبيبغ.
لم يكن الأمر مجرد إزالة لجدار حجري، بل كان اعتداءً على الذاكرة الجمعية لمدينة فاس وعلى إرث معماري يمتد لقرون، تم تحت غطاء الليل، ودون إعلان مسبق أو استشارة مع الجهات المختصة، بذريعة توسعة الطريق.
كيف يمكن لمدينة مصنفة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو!! أن تشهد تدميرًا لأحد معالمها العريقة؟ وأين هي الجهات المسؤولة عن حماية هذا التراث قبل أن نفقد المزيد من كنوزنا التاريخية؟.
قصبة مولاي الحسن، التي شُيِّدت عام 1729م في عهد السلطان المولى عبد الله بن إسماعيل، كانت شاهدة على تحولات كبرى في تاريخ فاس. فقد خضعت لأعمال ترميم في عهد المولى عبد الرحمن والحسن الأول، ما يعكس دورها الحيوي كحصن دفاعي يحمي المدينة.
وتميزت القصبة بطرازها الفريد، خاصة البروج خماسية الأضلاع، التي تعد من العناصر النادرة في المعمار العسكري المغربي.
ورغم هذه القيمة التاريخية، تعرضت القصبة لتهميش ممنهج، حيث ظلت لعقود تعاني من الإهمال والتوسع العمراني العشوائي، حتى وصل الأمر إلى هدم جزء من سورها، في خطوة تزيد من تعريض هذا المعلم التاريخي لخطر الاندثار.
هذا الفعل لم يمر دون استنكار، حيث اعتبرت جمعية خريجي المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، أن ما حدث هو انتهاك صارخ للقوانين الوطنية والمواثيق الدولية المتعلقة بحماية التراث، مثل اتفاقية اليونسكو لحماية التراث العالمي.
وأكدت الجمعية أن المشاريع العمرانية يجب أن تكون متوافقة مع الطابع التاريخي للمدن العتيقة، لا أن تكون سببًا في طمس هويتها، مطالبةً بإعادة ترميم الأجزاء المهدمة بالمواد الأصلية، وتعزيز الحماية القانونية للمعالم التاريخية في فاس وغيرها من المدن العتيقة.
إن خطورة هذه الواقعة لا تتوقف عند قصبة مولاي الحسن وحدها، بل تعكس تهديدًا أوسع يطال التراث المغربي بمختلف مكوناته. فالمغرب، الذي يزخر بإرث معماري وحضاري متنوع، يجمع بين التأثيرات العربية والأمازيغية والأندلسية والأوروبية، يواجه تحديات كبرى في الحفاظ على هذا التراث أمام زحف الإسمنت والتوسع العمراني غير المنضبط. لقد أصبحت العديد من المعالم التاريخية مهددة، إما بالإهمال أو بالإزالة لصالح مشاريع « تنموية » لا تأخذ بعين الاعتبار القيمة الثقافية والحضارية لهذه المواقع.
والمفارقة الكبرى أن المغرب، رغم التزامه بالاتفاقيات الدولية لحماية التراث، لا يزال يشهد تدميرًا ممنهجًا لموروثه التاريخي، في ظل غياب سياسات واضحة وصارمة لحمايته.
في ضوء هذا الحدث، يصبح من الضروري اتخاذ إجراءات حاسمة لضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات.
يجب أولًا فتح تحقيق رسمي حول ملابسات هدم سور القصبة، ومحاسبة الجهات المسؤولة عن اتخاذ هذا القرار دون احترام الإجراءات القانونية. كما يتعين إدراج القصبة ضمن المخططات الرسمية لحماية فاس العتيقة، والتأكد من أن المشاريع المستقبلية لا تؤثر سلبًا على المعالم التراثية. ومن الضروري أيضًا إعادة بناء الأجزاء المهدمة بنفس المواد والتقنيات التقليدية، حتى لا تفقد القصبة أصالتها المعمارية، مع إزالة أي بنايات حديثة شوهت طابعها التاريخي.
إن هدم جزء من قصبة مولاي الحسن ليس مجرد حادث عرضي، بل هو مؤشر خطير على غياب رؤية واضحة لحماية التراث المغربي.
إذا استمرت مثل هذه التجاوزات، فقد نجد أنفسنا أمام مدن عتيقة بلا ذاكرة، ومعالم تاريخية بلا روح.
إن حماية هذا الإرث مسؤولية مشتركة، تقع على عاتق السلطات، والمؤرخين، والفاعلين المدنيين، وكل مواطن يؤمن بأن التراث هو صلة الوصل بين الماضي والمستقبل. فالتاريخ لا يُمحى بجرافة، لكنه يُطمس بصمتنا وتخاذلنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.