العدالة والتنمية يصادق على تشكيلة الأمانة العامة الجديدة.. وهذه الأسماء الممثلة لجهة الشمال    ابن مدينة شفشاون نوفل البعمري رئيسًا جديدًا للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان    فريق نهضة بركان يتأهل لنهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم    أزروال يهنئ لقجع إثر تعيينه نائبا أولا لرئيس الكاف: "إنجاز مشرف ويعكس الكفاءة العالية والعمل المتواصل"    الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب يختتم فعالياته على وقع النجاح    عزيز أخنوش يختتم فعاليات المعرض الدولي للفلاحة بزيارة ميدانية    الطالبي العلمي: "الأحرار" الحزب واعٍ بالضغوط السياسية والهجمات التي تستهدفه ويقود الحكومة بثقة    السلطات المغربية تطرد صحافيين إيطاليين حاولا "التسلل" إلى العيون    درجات الحرارة تسجل ارتفاعا ملحوظا غدا الإثنين    الكلية متعددة التخصصات بالناظور تحتضن ندوة دولية حول الذكاء الاصطناعي وسلاسل الإمداد    الحسيمة تحتفي باليوم العالمي للهيموفيليا لسنة 2025 بتنظيم يوم دراسي وتحسيسي الحسيمة - فكري ولد علي    الفلاحة المغربية: من مخطط المغرب الأخضر إلى الجيل الأخضر .. مسار يتجدد باستمرار    الجديدة: الدورة 17 لملتقى شاعر دكالة بصيغة المؤنث    مشروع أنبوب الغاز المغربي-النيجيري يستقطب اهتمام الولايات المتحدة    اجتماع تنسيقي لتفعيل مخطط عمل استباقي للحد من حرائق الغابات بجهة الشمال    والد لامين يامال: كنت مدريديًا… لكن برشلونة وفر لي لقمة العيش    الملك يهنئ رئيس الطوغو بعيد بلاده    طنجة تحتضن اجتماع المجلس الإقليمي للاتحاد الاشتراكي استعدادًا للمؤتمر المقبل    منصة رقمية تواكب منتجي الحبوب    الأوغندي أبيل شيلانغات والمغربية رحمة الطاهري يتوجان بلقب ماراطون الرباط    الحسين رحيمي يثير اهتمام أندية عربية مع اقتراب نهاية عقده مع الرجاء    الرئيس الفرنسي يشيد بإعطاء جلالة الملك انطلاقة أشغال إنجاز الخط السككي فائق السرعة القنيطرة- مراكش    المغرب يصدّر 1.7 مليون كتكوت .. ويحقق طفرة في إنتاج لحوم الدواجن    حقيقة هجوم على حافلة بالمحمدية    كندا: 9 قتلى في حادث دهس بمهرجان    25 قتيلا جراء انفجار بميناء إيراني    غاييل فاي يفوز بجائزة "غونكور اختيار المغرب" عن رواية "جاكاراندا"    صدور "إفريقيا المدهشة" للوزاني.. 23 حوارا مع أبرز الأصوات الأدبية الإفريقية    غزة: إضافة 697 شهيدا بعد التحقق    وفد اقتصادي مغربي من جهة سوس يزور الأندلس غدا الاثنين لتعزيز الشراكة المغربية الإسبانية    بعد ارتفاع حالات الإصابة به .. السل القادم عبر «حليب لعبار» وباقي المشتقات غير المبسترة يقلق الأطباء    البيجيدي يتجه نحو تصويت كاسح على بنكيران وانتخابه على رأس المصباح    استثمارات عقارية متزايدة لشقيقات الملك محمد السادس في فرنسا    إصابات متفاوتة لأعضاء فريق حسنية جرسيف للدراجات في حادثة سير    جريمة بن أحمد.. الأمن يوقف شخصا جديدا    ماراطون الرباط: المغربية رحمة الطاهيري تتوج باللقب والإثيوبية كالكيدان فينتي ديبيب بنصفه    فرنسا.. مقتل مصل طعنا داخل مسجد    الصين تخطو بثبات نحو الاستقلال التكنولوجي: تصنيع شرائح 3 نانومتر دون الاعتماد على معدات غربية    الرباط: تتويج التلاميذ الفائزين بالدورة السادسة لجائزة 'ألوان القدس'    9 صحفيين يحصدون الجائزة الكبرى للصحافة في المجال الفلاحي والقروي    الجزائر.. انهيار أرضي يودي بحياة عدة أشخاص    انفجار مرفأ في إيران يودي بعشرات القتلى    منصف السلاوي خبير اللقاحات يقدم سيرته بمعرض الكتاب: علينا أن نستعد للحروب ضد الأوبئة    هذا موعد والقنوات الناقلة لمباراة نهضة بركان وشباب قسنطينة    نهضة بركان يبحث بكل ثقة وهدوء عن تأكيد تأهله إلى النهائي من قلب الجزائر    تصاعد التوتر بين الهند وباكستان بعد قرار قطع المياه    مشروع ورش الدار البيضاء البحري يرعب إسبانيا: المغرب يواصل رسم ملامح قوته الصناعية    "العدل" تستعدّ لإصدار نصّ تنظيمي بشأن تطبيق قانون العقوبات البديلة    المديني: روايتي الجديدة مجنونة .. فرانسيس بابا المُبادين في غزة    "المرأة البامبارية" تُبرز قهر تندوف    الأمن يصيب جانحا بالرصاص بالسمارة    أدوار جزيئات "المسلات" تبقى مجهولة في جسم الإنسان    البشر يواظبون على مضغ العلكة منذ قرابة 10 آلاف سنة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثروة تاريخية تحت وطأة النسيان بمنطقة دكالة

في إطار تخليد المغرب لليوم العالمي للمعالم والمآثر التاريخية، الذي قررته اليونسكو منذ 1983، ويعتبر إرثا ثقافيا وحضاريا غنيا، ساهم فيه العديد من المهندسين المعماريين الأجانب والملوك والسلاطين المغاربة والأجانب ، الذين برعوا في وضع تصاميمه، والتي ظلت تقاوم الزمن على مدى عقود من الزمن، اختارت جريدة الاتحاد الاشتراكي ، إعادة فتح ملف الإهمال الذي تعرفه العديد من الآثار التاريخية بمنطقة دكالة في غياب شبه تام للمسؤولين المفروض فيهم الاهتمام بآثار مصنف تراثا عالميا وآخر لا ينتظر سوى التفاتة بسيطة تقوده حتما الى التصنيف العالمي .
فمنطقة دكالة تتوفر على العديد من المآثر التاريخية التي تعتبر من بين الأهم على الصعيد الوطني كالحي البرتغالي بالجديدة وازمور، قصبة بولعوان ، مدينة المجاهدين ،عين الفطر أو تيط الغربية ومغارات الخنزيرة، تلكم أهم وأبرز المآثر التاريخية التي تزخر بها منطقة دكالة التي تضم اليوم كلا من عمالتي الجديدة وسيدي بنور إلا أنها تعرف وضعية مزرية جراء الإهمال المقصود من طرف الجهات المفروض فيها الصيانة والإصلاح، مما أدى ببعضها الى التلاشي والاندثار فيما ما زال بعضها صامدا في وجه التعرية البشرية والطبيعية.
المسؤولون بمختلف رتبهم ومسؤولياتهم، يتذرعون بغياب الإمكانيات المادية، للقيام بالواجب، فوزارات الثقافة والسياحة والداخلية جميعها تشكو ضيق ذات اليد وغياب الموارد المالية والبشرية للقيام بعمليات الترميم والإصلاح فيما الجماعات المحلية لا تخصص أي مبلغ مالي للصيانة رغم أن بعضا منها هو من تقدم بتصنيف هذه المآثر التاريخية .وبالتالي تشكو أغلب المواقع الأثرية والسياحية بمنطقة دكالة، من إهمال وإقصاء وتهميش صارخ يشكل القاسم المشترك بينها.
أبو القاسم الشبري المختص في التراث والباحث التاريخي يؤكد بشكل مستمر وفي كافة تدخلاته إن على المستوى المحلي أو المركزي ، أن تراث دكالة غني ومتنوع ومواكب لكل مراحل تاريخ المغرب من عهود ما قبل التاريخ إلى اليوم. فالمواقع الأثرية والمآثر التاريخية، عديدة ومتنوعة، وتتوزع بين مدن ورباطات وقلاع وحصون وأبراج وزوايا ومساجد ومغارات وكلها تشمل المدينة كما القرية، وهذا الغنى والتنوع لم تواكبه بما يلزم من عناية، الدراسات والأبحاث، إذ يسجل أن هناك شحا في الدراسات والتوثيق كلما كان الإمر يتعلق بدراسة تراث دكالة، ولا تتوفر أية مدينة بالإقليم على متحف ولا على خزانة متخصصة تعنى بتاريخ وتراث وأعلام المنطقة.
وقد عمل الاستعمار الفرنسي على تصنيف غالبية المباني التاريخية والمواقع ضمن التراث الوطني بنصوص قانونية. كما عرفت فترة الحماية بعض الحفريات الأثرية وأوراش ترميم المباني التاريخية وكما هائلا من الدراسات والنشريات. وفي مغرب الاستقلال تجمدت تلك الحركية بشكل أقرب إلى الشلل. ويؤكد أبو القاسم الشبري، في تصريح للاتحاد الاشتراكي، أن حالة التراث المغربي بدكالة اليوم، لا تشذ عن القاعدة الوطنية فيما يتهدد التراث من نسيان وإهمال وغياب كلي لأية استراتيجية لكل الأجهزة المعنية الحكومية والمنتخبة، لأن كل مشاريع الترميم التي عرفها الحي البرتغالي من 1994 إلى حدود أشغال 2008 أنجزت بدون استراتيجية. وإذا كانت قد أعطت نتائج حسنة تقنيا، فإنها لم تنعكس على إشعاع القلعة البرتغالية وعلى حياة ساكنتها ، اللهم حدوث تغيير طفيف في الوضعية العقارية الذي انعكس إيجابا على بعض العائلات، لكنه ينعكس سلبا على النسيج السوسيولوجي لهذا الحي ذي الميزات الخاصة والمتفردة، وهو ما سيمس من دون شك الخصوصيات المعمارية والعمرانية للحي البرتغالي، ولم يشفع للقلعة تصنيفها في لائحة التراث العالمي .
الحي البرتغالي المصنف جدارها تراث عالمي
تحت ضغط المقاومة الشرسة لأهل البلد، غادر البرتغال مدينة مازغان مجبرين وقد ابتدأت أولى المحاولات من طرف السلطان مولاي عبد الله السعدي، وصولا إلى المجاهد العياشي الذي عمل على تجميع وتأطير السكان الأصليين، ليهاجم بعد ذلك القلعة سنة 1639م، انطلاقا من حصن الفحص الجنوبي وحصن تكني الشمالي، إلا أن ساعة الحسم لم تكن إلا على يد السلطان محمد بن عبد الله سنة 1769م . و أمام الحصار المفروض على ملك البرتغال ، أمر بإخلاء المدينة، والتوجه إلى البرتغال قصد البحث عن آفاق آمنة، فقرر أن يمارس سياسة الأرض المحروقة بعده وهو ما جعله يدفن 25 برميلا من البارود في السور الموالي للمدينة أي قرب برج سانت أنطوان وغادروها عبر باب البحر قرب برج الملائكة، فهدموا البنايات الداخلية وأتلفوا ما بقي من المؤونة وذبحوا القطيع وكسروا أرجل الخيول، وتركوا رجلا مسنا كلفوه بإشعال فتيل البراميل، وما كاد الجنود المسلمون، يلجون البوابة الرئيسية، حتى دوى انفجار هائل، أتى على جزء كبير من السور وتسبب في قتل العديد منهم قدر آنذاك بحوالي 5000 فرد، توفي أغلبهم تحت الأنقاض، حيث ظلت المدينة شبه خالية، أسوارها مهدمة وأزقتها مهجورة إلى حدود 1820م/1240ه، حيث يشير الناصري في كتاب الاستقصاء، إلى أن، سيدي محمد بن الطيب، أمر بإعادة إعمارها، وعمل على استقدام اليهود الذين كانوا مقيمين بمدينة آزمور، خاصة أنهم كانوا يتقنون التجارة والحرف اليدوية. منذ مغادرتهم لمزاغان، ظلت المدينة/الحي البرتغالي تتعرض يوما عن يوم لتآكل المباني والمنازل. ولم يفلح تسجيله في 30 يونيو 2004 ضمن التراث
العالمي في رد الاعتبار إليه.
وتتعايش داخل القلعة البرتغالية إلى حدود اليوم، معالم الثقافة المغربية والبرتغالية والإيطالية والإسبانية منذ القرن السادس عشر، كما تعايش فيها المسلمون واليهود المغاربة منذ بدايات القرن التاسع عشر، وتعايش معهم الأوربيون الوافدون من كل دول أوربا من أجل التجارة والأعمال في مدينة الجديدة ومينائها النشيط.
ويؤكد أبو القاسم الشبري أنّ قلعة «مازاكان» شكلت أول تمظهر لتلاقي البرتغال وأوربا - النهضة مع إفريقيا، وأول تطبيق لفلسفة النهضة في المعمار في إفريقيا.. ولهذه الاعتبارات التاريخية والعلمية والثقافية والعمرانية أقدمت منظمة «يونسكو»، في دورة سوزهو في الصين، يوم 30 يونيو 2004، على إدراج «مازاغان» ضمن لائحة التراث العالمي.
تفويت للأجانب يضر بالتراث العالمي
تحتضن «القلعة البرتغالية» بين أسوارها حوالي 400 منزل، منها حوالي 40 منزلا صار يمتلكها أجانب أو تحولت إلى «رياضات»، منها المصرح به كفندق قانونيّ ومنها التي تمارس أنشطتها في استقبال السياح بطريقة سرية .ويضمّ الحي البرتغالي، كذلك، أزيدَ من 50 بزارا و أربع زوايا دينية ومسجدا واحدا وخمسة معابد، إضافة إلى عدد من الفضاءات الأخرى..
الا ان الحي البرتغالي منذ سنوات، يعرف ركودا في عدد الزوار، وحتى من يزورونه بشكل دائم أصبحوا مع مرور الأيام من سكان الحي، بعد أن اشتروا منازل من أصحابها بأثمنة بخسة وحوّلوها إلى «رياضات» يستقبلون فيها أصدقاءهم من حين إلى آخر، وعلى طول السنة دون أن يستفيد منهم الحي أي شيء..
وقد جلبت القلعة البرتغالية ، منذ تصنيفها كتراث عالمي، العديدَ من المستثمرين الذين اقتنوا مجموعة من الدور لاستغلاها في مشاريعهم السياحية أو للاستقرار فيها بشكل نهائي. وأكد بعض سكان الحي البرتغالي أنهم استبشروا خيرا بمبادرة أشغال الترميم التي كانت السلطات المحلية قد بدأتها في فضاءات الحي البرتغالي، وراهنوا على إمكانية إعطائها دفعة جديدة للحي، إلا أنهم فوجئوا بتوقفها دون أن يعرفوا الأسباب.. وكانت ساكنة الحي تعتقد أنّ تلك الترميمات ستشمل واجهات منازلهم بالنظر إلى كون أغلب ساكنة الحي هم من بسطاء القوم.
مولاي بوشعيب السارية وتراث أزمور
لم تسلم مدينة ازمور بدورها من آفة الإهمال والاندثار والتي تعتبر من بين أقدم المدن المغربية على الأطلاق ،حيث استفادت من كل الثقافات الخارجية من الثقافة الفينيقية والرومانية والبرتغالية واليهودية و الإسلامية ، و يؤكد العديد من الباحثين في تاريخ المدن العتيقة، أن ذلك يتجلى من خلال مواد البناء والأدوات المستعملة فيه وكذلك الأقواس والأسوار، التي ما زالت تحتفظ بالخصائص الفنية والعمرانية، وتتكون المدينة العتيقة من بنايات مسورة بجدران كبيرة مفتوحة عبر أبواب كبيرة، أهمها الباب الفوقاني وباب سيدي المخفي، ويتحكم فيها ساكنوها من خلال مجموعة من الأبراج موصلة بممر دائري، إضافة إلى القصبة التي مازالت هي الأخرى تحتفظ بالزخارف والخطوط والأقواس.
آزمور الآن تشكو سوء حالها، وتبكي على ماضيها ، الأسوار تناثرت أحجارها وآخر حادث شهدته سقوط جزء كبير من جدارها ومحاولة إحدى الشركات الخاصة طمس معالم الجدار من خلال إعادة ترميمه بمواد بناء ستطمس كل معالمه في الوقت الذي يتذرع المسؤولون بانعدام السيولة المالية قصد إصلاحه وهو العذر الأكبر من الزلة خاصة أن التصنيف يشمل الجدران التاريخية فقط، نظرا لتغيير معالم المدينة البرتغالية ، كما أن الأبواب كسرت أخشابها. الحي البرتغالي بمدينة آزمور في حاجة إلى إعادة الاعتبار وترميم مرافقها، فمسؤولو المدينة تعبوا من رفع الشكاوى وتدبيج التقارير إلى الجهات المسؤولة دون أدنى التفاتة.
« تيط « ... و رباطها التاريخي المنسي
مدينة تيط هي «مولاي عبد الله» الحالية. لا يعرف للمدينة تاريخ مضبوط، وهو ما جعل الآراء تتضارب حول تاريخ إنشائها وزمن تأسيسها، فمنهم من يرجع تسميتها إلى طوت حفيد نوح عليه السلام الذي استقدم إلى موريتانيا الشعوب المسماة بالطيطيين، ويرى البعض الآخر أن مؤسسها هو حانون الذي كان القرطاجيون قد بعثوه على رأس ستين سفينة من ذوات الخمسين مجدافا بقصد احتلال المدن الليبية الفينيقية، بينما يؤكد ابن فضل الله العمري في مسالك الأبصار، على أن تيط كانت تعتبر إحدى كبريات مدن المغرب التي حصر عددها في اثنتين وأربعين مدينة. (تاريخ مدينة تيط، محمد الشياظمي الحاجي السباعي). ومعلوم أن لفظة تيطنفطر هي لفظة بربرية تعني العين الجارية وتعني أيضا عين الفطر، ومعناها أيضا الطعام ، وتذهب القراءات مذاهب عديدة، لعل أقربها إلى الصواب، ما يفيد أن عينا كانت توجد هناك. تقع مدينة تيط على بعد 10 كيلومترات، جنوب مدينة الجديدة، أطلالها ما زالت بادية للعيان، تيط أو المنبع الذي توقف عنده مولاي إسماعيل أمغار في منتصف القرن الحادي عشر وهو أحد النساك المهاجرين القادم من المدينة المنورة صحبة إخوته الثلاثة، استقروا بمدينة تيط التي سميت بعد ذلك بعين الفطر شيدوا بها زاوية ومسجدا وتم تحصينها بالطريقة القديمة التي كانت تبنى بها المدن الموجودة على الساحل بغية اتقاء هجمات الغزاة. مدينة تيط البائدة في حاجة إلى نفض الغبارعنها والبحث في خفاياها للوصول إلى حقيقتها التي لا يزال أغلبها غير معروف خاصة أن الأشغال التي أجريت مؤخرا لربطها بالتطهير السائل قادت الى اكتشاف أعمدة مدينة أثرية دون أن يتم الإعتناء بهذا الإكتشاف أو الإعلان عن نتائجه خاصة وأن كل الدلائل تؤكد أن تيط مدينة تاريخية تستوجب الإعتناء بها من اجل تصنيف مآثرها تراثا إنسانيا لا موسما عابرا لتحقيق متعة عابرة.
قصبة بولعوان يلفها الإهمال
تعتبر قصبة بولعوان أو قصر السلطان «لكحل» ، أحد أهم المراكز الأثرية المغربية، إلا أنها هي الاخرى عرفت إهمالا وتهميشا لا حدود له ، حيث أضحت نموذجا صارخا لما تعانيه العشرات من المآثر التاريخية بالمغرب من إهمال، إذ تعرضت أجزاء كبيرة من معالمها
للإتلاف، كان بالإمكان تداركها من خلال فتح أوراش إصلاح تعيد الاعتبار لهذه القصبة التاريخية باستثناء بعض الإصلاحات الخجولة التي شملتها خلال فترة الثمانينات ، إضافة إلى بعض الترميمات التي سبق القيام بها باستعمال الاسمنت ما أدى إلى طمس عدد من معالم هذا البناء التاريخي الذي يستوجب ترميمه أن يرتبط بخصائص معمارية و عمرانية من طرف مختصين في الهندسة المعمارية الأثرية.
ويؤكد عباس مهادي، الذي يحفظ عن ظهر قلب الكتابات المتواجدة بداخلها (النصر و التمكين، و الفتح المبين للمولى إسماعيل المجاهد في سبيل رب العالمين، أيده الله و نصره على يد وصيفه بالله سعيد بلخياط عام 1122 هجرية الموافق لعام 1710 ميلادية.) أن مؤسس القصبة هو السلطان عبد المومن بن علي الموحدي وقد سكنها كثير من الأشراف المحترفين لكسب الماشية والزراعة، كما عرفت أحداثا دامية خلال العهد الوطاسي حيث كانت خلال سنة 1514 مسرحا لمعركة بين المغاربة ومعتدين برتغاليين أتوا من مدينة أسفي و أزمور الأمر الذي دفع سكان بولعوان إلى إخلائها نظرا لعدم إحساسهم بالأمان، فقام المولى إسماعيل والذي رغب في إقرار الأمن بالمنطقة في أواخر حكمه ،بتشييد قصبة عسكرية لحراسة الطرق التي كانت تربط العاصمة مكناس بمختلف نواحي المملكة على اعتبار موقعها الذي يتحكم في أحد الممرات الرئيسية بين مراكش وفاس على نهر أم الربيع، ويجهل السبب الذي جعل القصبة مهجورة و خالية من السكان ،غير أنه أعطى تفسيرا مرتبطا بمحاولة المولى إسماعيل تأبيد ذكرى وفاة زوجته المفضلة (حليمة) التي حزن لموتها حزنا شديدا فأغلق القصبة ولم يعد إليها أبدا وبعد سنوات من ذلك أمر بإخلائها نهائيا، و أضاف أن الموقع الإستراتيجي للقصبة و تواجدها على الحدود المشتركة بين ثلاث قبائل كبرى هي دكالة، و الشاوية و الرحامنة، خول لها أن تكون مركزا للمراقبة و إن اختفت أهميتها الإستراتيجية اليوم فإن أهميتها التاريخية مازالت شاهدة على عصر مجيد برع فيه الأجداد في تشييدها بكل مهارة.و لعل ما يميز القصبة هو سماكة جدرانها كما أن بها برجا كبيرا يناهز علوه العشرة أمتار، إضافة إلى مسجد و قبة رجل صالح يدعى سيدي منصور و بقايا مسبح في الأسفل
سر طازوطا المدفون ...؟
تتعدد المواقع الأثرية والسياحية بمنطقة دكالة وتتنوع كما تتعدد مظاهر الإهمال والإقصاء التي تتعرض لها مغارات الخنزيرة، التي لم يبق منها سوى الاسم، ومدينة الغربية بأعمدتها المزخرفة وأروقتها البديعة وآبارها وشهرة الصديكيين بها ، دخلت تاريخ النسيان والوليدية التي بناها السعديون واستكملها العلويون ، تنحدر إلى مستنقع الإهمال ضدا على التاريخ والرموز. وبناءات الطازوطا المتفردة، التي لم تكشف بعد عن أسرارها ولم تحظ بعناية وهي تصلح لاستثمار كبير خاصة في المجال السياحي الذي أضحى مزدهرا بالجديدة ومناطقها التي يبدو ان الزيارات التي تتم لحد الآن مجرد سياحة خصوصية جدا تقوم بها جهات غير معروفة ومن بينهم أجانب حيث لن تفيد البلاد ما لم يتم تطوير آليات التسويق وتأهيل التراث المحلي وتحسين البنيات التحتية.
إنه غيض من فيض لما تعرفه ذاكرة وطن بأكمله من إهمال لذكرياته الجميلة، بل إن بعضا من مسؤولينا يريدونها فقط مواسم لحصد كل جميل وجدرانا للتشكي والبكاء من غياب الوسائل المادية واللوجستيكية في الوقت الذي تصرف مبالغ ضخمة على الهراء الذي لن يعود بالنفع على مدننا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.