عددّ فاعلون منتخبون ومدنيون ما خلّفته وستخلفه عمليات الهدم الجارية ببعض أحياء مدينة الرباط، في إطار تنفيذ مضامين مخطط التهيئة الحضرية للمدينة، مفيدين بأنها "اضطرت بعض التلاميذ في حي المحيط أساسا للتنقل مسافة 30 كيلومترا، من المناطق حيث سكنت أسرهم بعد 'الترحيل' إلى المؤسسات حيث كانوا يتابعون دراستهم، وما زالوا، بسبب عدم منحهم شواهد المغادرة". الفاعلون الذين كانوا يتحدثون ضمن ندوة عن بعد قاربت "التعليم في ظل الأزمات.. ترحيل الأسر وأثره على التعلمات-مدينة الرباط نموذجا"، ليل الاثنين، أشاروا إلى أن "إشكالية التنقل تواجه كذلك التلاميذ الذين كانوا يقطنون بدوار العسكر بحي العكاري"، محذرين "من إمكانية مواجهة جميع الأطفال المتضررين من عمليات الهدم صعوبات في الاندماج وفي مواصلة التحصيل الدراسي الجيد، فضلا عن قلة مواكبة الأسر". وخلال الندوة التي نظمها الائتلاف المغربي للتعليم للجميع، أجملت خديجة اليملاحي، رئيسة الائتلاف مسيّرة اللقاء، بأن "الأسر تواجه معاناة كبيرة من حيث تأمين نقل أطفالها صوب المدارس، في ظل كونها أساسا في وضع صعب بفعل غلاء الأسعار الذي ينهك قدرتها الشرائية كما جميع المواطنين". تنقل و"تجارب مستحضرة" فاروق مهداوي، عضو مجلس جماعة الرباط عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، أشار إلى تأثر "الحياة المدرسية بيعقوب المنصور والمحيط جراء عمليات الهدم الجارية"، كاشفا أنه "جرى بالحي الأخير أساسا تسجيل إغلاق العديد من المدارس، فيما تمّ إبلاغ أخرى بأنها ستقفل أبوابها انطلاقا من السنة المقبلة". وأفاد مهداوي، في مداخلته ضمن الندوة ذاتها، ب"وجود تلاميذ بالجملة تم ترحيلهم إلى مناطق تبعد ب30 كيلومترا دون أن يتم منحهم شواهد المغادرة من مدارسهم"، موردا أن "ذلك جعلهم مضطرين إلى الانتقال يوميا من المناطق التي رحلوا إليها إلى هذه المدارس". واستحضر المستشار الجماعي أن "الأمر ذاته طرأ في تجربة تلاميذ دواري صحراوة وجامايكا بتمارة حين تم ترحيل أسرهم إلى الصخيرات، وجرى منعهم من حق الاستفادة من الانتقال إلى مدارس هذه الأخيرة، على اعتبار أنها غير مهيأة من حيث الطاقة الاستيعابية لاستقبال الوفود الجديدة". وشدد على أن "عمليات الهدم التي تعرفها مدينة الرباط جاءت في وسط الموسم الدراسي و'موسم العمل'، ما دفعنا إلى تقديم الكثير من المطالبات بأن يتم على الأقل تجويد تعامل السلطات مع السكان، مع ضرورة تمكين جميع المواطنين المعنيين من الاستفادة، خصوصا فئة المكترين، وتجويد التعويض الممنوح للملاكين". وأوصى عضو مجلس جماعة الرباط ب"إشراك وزارات أخرى في تدبير ملف عمليات الترحيل، خصوصا التربية الوطنية والصحة، إلى جانب وزارة الداخلية، فضلا عن المجتمع المدني والساكنة المعنية". تأثيرات تربوية وبلغة الأرقام، ذكر محمد النحيلي، فاعل نقابي رئيس منظمة بدائل للطفولة والشباب، أن "28 تلميذا وتلميذة معنيين بعملية الترحيل، ثلثاهم (17) يضطرون للانتقال يوميا من تامسنا إلى المؤسسة حيث يدرسون بالرباط، بينما التسعة المتبقون (الثلث) انتقلوا إلى مدارس أخرى في نفس مكان سكناهم". واستحضر النحيلي، وهو رئيس اتحاد آباء وأمهات وأولياء تلاميذ وتلميذات قطاع التعليم الخصوصي، في مداخلته خلال الندوة ذاتها، أن "عددا من هؤلاء التلاميذ يتابعون دراستهم بالمراحل النهائية في طور الثانوي التأهيلي، خصوصا بمؤسسة المالقي"، مضيفا أن "الترحيل سوف يؤثر على تحصيلهم الدراسي واستقرارهم النفسي". وأشار الفاعل الجمعوي والتربوي نفسه إلى أن "هدير الجرافات بحي المحيط إلى جانب مشاهد المنازل المهدمة، سيخلف تأثيرا واضحا على نفسية أطفال الحي"، مبينا أن "التلاميذ المعنيين، عند انتقالهم إلى مؤسسة تعليمية أخرى، سيفقدون إمكانية الاندماج، ويلاقون صعوبات في تكوين صداقات جديدة، فضلا عن الضعف في الشعور بالانتماء وفقدان الثقة بالنفس، لا سيما أن الانتقال من محيط إلى آخر جاء بطريقة مفاجئة". وحذر من "تأثير عمليات الترحيل على تمدرس الأطفال المعنيين؛ ففي ظل ظروف كهذه قد تصبح المدرسة ثانوية بالنسبة للأسرة التي تنشغل أساسا بإيجاد سكن ملائم"، مبينا من جانب آخر أنه "لدى انتقال هؤلاء التلاميذ سيجدون تفاوتا بالمقارنة مع زملائهم على صعيد التقدم في المناهج الدراسية". وشدد على "ضرورة أن يتم اختيار الزمن المناسب لعمليات الترحيل المماثلة، والنأي بها عن العشوائية؛ ففي حالة الطفل المتمدرس، فإن مصلحته الفضلى كامنة في بقائه بمدرسته حتى نهاية الموسم الدراسي"، معتبرا أنه "بالتاريخ المختار لعمليات المحيط، ودوار العسكر، تم ضرب هذه المصلحة". وأكد النحيلي، في هذا الإطار، "ضرورة تبسيط وتشجيع النقل المدرسي للأطفال المعنيين، مع إشراك أسرهم في متابعة ومواكبة استقرارهم في محيطهم الدراسي الجديد"، مصرا على ضرورة أن "تدفع هذه التجربة في اتجاه العمل مستقبلا على إشعار مسبق للعائلات المعنية بسنة، تبدأ منذ بداية عطلة نهاية الموسم دراسي حتى بداية عطلة نهاية الموسم الآخر".