الدبلوماسية المغربية تعد العدة لوضع خطة جديدة في تدبير ملف الصحراء . ذلك ما يتم تدارس خطوطه العريضة منذ يوم أمس الجمعة ويومه السبت وغدا الأحد بمقر وزارة الشؤون الخارجية والتعاون بالعاصمة الرباط، حيث التأم سفراء المملكة بكل العواصم .العالمية لوضع خطة عمل جديدة وتفادي تعثرات السنة المنصرمة. ملف اجتاز السنة المنصرمة لحظات عصيبة، كانت أولاها بعد الزيارة المفاجئة التي قام بها كريستوفر روس المبعوث الأممي إلى الصحراء وتقديمه تقريرا غير محايد إلى مجلس الأمن الدولي، وثانيا بعد تحركات اللوبي الداعم للانفصاليين في العاصمة الأمريكيةواشنطن لفرض توصية تقضي بتوسيع مهام المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان. فخلال شهر أبريل من السنة المنصرمة حاول المبعوث الأممي كريستوفر روس الانفراد باتخاذ قرار حول الصحراء، وتبين بعدها أنه بدأ الانحراف عن قواعد الحياد والشرعية الدولية بمحاولته تسييس المهمة الأصلية لبعثة المينورسو واعتبار مبادرة الحكم الذاتي بأنها ليست الأساس الوحيد للتفاوض. وبينما كانت الدبلوماسية المغربية تحاول الضغط للتراجع عن مضمون التقرير الأولي، أبدى روس إصرارا على مواقفه. وأمام ذلك الإصرار، وفي شهر ماي صدر قرار ملكي إلى وزارة الشؤون الخارجية والتعاون وبدون تردد بسحب الثقة من المبعوث الأممي. قرار سحب الثقة زاد من تعقيد الملف، لكنه كان رسالة لخصوم الوحدة الترابية بأن ملف الصحراء خط أحمر لايقبل فيه المغرب أي مرونة تمس سيادته على ترابه، ولولا التحرك الصارم والحاسم بعد أيام من المشاورات الديبلوماسية والمكالمة الهاتفية بين جلالة الملك والأمين العام للأمم المتحدة بتاريخ 25 غشت 2012، لاتخذ مسار الملف منحى آخر. التدخل الملكي مكن من التراجع عن توجهات وانحرافات كريستوفر روس، ومن جهة ثانية ضمانات قدمها الأمين العام الأممي للملك بشأن سير مسار المفاوضات. تلك المكالمة سمحت بإعادة تأطير الوساطة الأممية وأعطت نفسا جديدا للمسلسل السياسي خاصة فيما يخص احترام مهمة المينورسو، والتمسك بالمحددات والضوابط التي وضعها مجلس الأمن، وطبيعة وحدود مهمة المبعوث الشخصي، وحينها فقط سمح المغرب لروس بالعودة إلى مباشرة مهامه في الوساطة على أساس من التوجيهات والضوابط المتفق عليها بين جلالة الملك وبان كي مون. لم تمر غير أشهر حتى دخل الملف منعطفا أخطر حين وضعت ممثلة الولاياتالمتحدة لمسودة قرار أمام مجلس الأمن يقضي بتوسيع مهمة المينورسو. وكان الرد المغربي حاسما، حيث جمع جلالة الملك على الفور قادة الأحزاب السياسية بمستشاري جلالته للتشاور حول الرد المغربي، وسيعلن بلاغ صادر عن الديوان الملكي رفض المبادرة الأمريكية، كما قرر القائد الأعلى للقوات المسلحة وقف المناورات العسكرية المشتركة بين القوات المسلحة وقوات المارينز الأمريكية في الأقاليم الجنوبية المعروفة ب «الأسد الإفريقي». وبعد تكثيف الاتصالات في عدد من العواصم المؤثرة وتشكيل خلية أزمة تضم كلا من المستشار الملكي الطيب الفاسي الفهري ووزير الشؤون الخارجية والتعاون سعد الدين العثماني وياسين المنصوري مدير الدراسات والمستندات، تم إنقاذ الموقف في اللحظات الأخيرة خاصة بعد الاتصال الهاتفي بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما وجلالة الملك التي أعادت القاطرة إلى سكتها بإعلان واشنطن قرارها بتغيير توصيتها الأولى وتبني أخرى أشادت بمقترح الحكم الذاتي، وبمبادرات المغرب في مجال حماية حقوق الإنسان، بل ودعوة الجزائر لأول مرة إلى إحصاء المحتجزين في مخيمات تندوف