من المحتمل أن يختار بنكيران خيار «ترقيع» حكومته، وليس أمامه الآن سوى التجمع الوطني للأحرار. ولفظة ترقيع هنا، قد تصلح للإستعمال، بالنظر إلى الحرب الكلامية التي دارت بين زعيم البيجيدي وزعيم الأحرار، وهي حرب استعمل فيها كلام يصعب نسيانه بسهولة، ومن ثمة هضم قيام تحالف حكومي بعده. لكن في السياسة المغربية، على كل حال، لا يمكن التنبوء بأي شيء لأن كل الإحتمالات واردة. قد يكون بنكيران مجبرا على التحالف مع الأحرار لتفادي تكلفة الإنتخابات السابقة لأوانها، لكن هل سيستفيد رئيس الحكومة وحزبه من تجربة «تمرد» شباط أم سيستغل الأمر أكثر للهيمنة على التحالف الحكومي بالشكل الذي كان يرغب فيه ورفضه حزب الإستقلال؟ الجواب طبعا ستقدمه الأيام القادمة، لكن لابد من الوقوف عند بعض الجزئيات. فحزب الإستقلال،مهما كانت نوايا قيادته، لم يكن على خطإ بشكل كلي ومطلق وهو يصفق الباب الحكومي في وجه بنكيران، بل كانت هناك جوانب في تعامل بنكيران وحزبه في الحكومة تكشف رغبة في الهيمنة والتحكم،بل والتعالي في بعض الأحيان و التفاخر برقم 107 عدد نواب البيجيدي في البرلمان. فالمتتبع لحكومة بنكيران في السنة والنصف التي مضت من عمرها، يقف بالملموس على كيف أن التحالف الحكومي يذوب ،في الكثير من الأحيان، في «تكبر» «الحزب الحاكم». وقد برز هذا الأمر من خلال مواقف اتخذها رئيس الحكومة أو وزراء حزبه دون الرجوع إلى باقي مكونات الحكومة. شاهدنا ذلك في دفاتر تحملات الخلفي وفي الحديث عن إصلاح صندوق المقاصة وفي الزيادة في أسعار المحروقات وغيرها. بل هناك مشاريع تعرقلت فقط لأن مكونا في الأغلبية اكتشف أنه لا علم له بالموضوع... المغزى من هذا الكلام ليس كبح جماح «العدالة والتنمية» في الرغبة في الإصلاح، لكنه طلب موجه لهذا الحزب وقيادته من أجل التحلي بنوع من التواضع وارتداء معطف مسؤول الدولة،الذي يتسم بالكفاءة والعقلانية والمسؤولية ورحابة الصدر . كما أن الحزب الذي يقود الحكومة ،مطلوب فيه أن يعمل على أن يوفر لهذه الحكومة مشروعا اجتماعيا واقتصاديا تشتغل على أساسه، وليس الركون إلى الشعبوية والشعارات الإنتخابية التي لا تقدم ولا تؤخر.