“المواطن احتج احتج.. باركا متتفرج”.. “لاصحة لا تطبيب.. لا درهم عندي في الجيب”.. “الله الله على سبيطار.. الحالة ماهي حالة.. القتلى في الولادة والنعاس في الزبالة”.. “هذا صراع طبي، شي يدوي أو شي باقي”. شعارات تم ترديدها خلال الوقفة الاحتجاجية التي نظمها المركز المغربي لحقوق الإنسان بآسفي مساء أول أمس الإثنين عند المدخل الرئيسي لمستشفى محمد الخامس بآسفي. وقفة جاءت بعلى إثر ارتفاع عدد النساء الحوامل اللواتي شاءت الأقدار أن يلتحقن بالرفيق الأعلى بعدما تعرضن للإهمال واللامبالاة داخل قسم الولادة بمستشفى محمد الخامس بآسفي. أشهر أفراد عائلات النساء الضحايا صورهن في الوقفة الاحتجاجية،يحملون لافتات كتبت عليها عبارات “عائلات ضحايا الإهمال الطبي بمستشفى محمد الخامس تطالب بإيفاد لجن وزارية مشتركة من أجل فتح تحقيق في الاستخفاف بأرواح المواطنين” أو “المطالبة بالمعالجة الفورية لجميع الملفات المعروضة على القضاء”. وقد أتت الوقفة الاحتجاجية بعد ارتفاع عدد الوفيات بقسم الولادة، سواء في صفوف النساء أو في صفوف المواليد. وهو ما جعل المركز المغربي لحقوق الإنسان يدق ناقوس الخطر من خلال شكاية وجهها إلى وزير العدل والحريات حول ما يجري بقسم الولادة بالمستشفى المذكور. أشار المركز في شكايته إلى أن معاناة مواطني إقليمآسفي مازالت مستمرة من جراء الإهمال والاستخفاف بالأرواح بعدما أصبح الولوج إلى ذلك المستشفى محفوفا بالمخاطر، نظرا للتراجع الخطير في الخدمات الصحية على مستوى الصحة الإنجابية؛ وأن الكل أصبح يرسم صورة قاتمة عن هذا المستشفى، خصوصا قسم الولادة، لأنه عوض أن يكون مكانا للرحمة والأمان بالنسبة للنساء الحوامل، صار قسما للابتزاز والإهانة والأخطاء الطبية والاستهتار بالأرواح. وزاد المركز في شكايته مشيرا إلى أنه وجه مراسلات بخصوص حالة الفوضى والخروقات التي يعرفها قسم الولادة، جراء تحطيم رقم قياسي في عدد الوفيات في السنين الأخيرة. ولم يفته أن يوضح أن لجنا وزارية حلت بالمستشفى من أجل فتح تحقيق في موضوع الاختلالات التي يعرفها قسم الولادة، وأنه تم تنقيل المندوب الإقليمي ومدير المستشفى، وبقيت دار لقمان على حالها. تطرق المركز بعدها إلى مجموعة من حالات الوفيات المسجلة في صفوف النساء الحوامل، حصرها في كنزة مونصيف التي توفيت رفقة جنينها نهاية هذا الشهر، ورشيدة وارطي التي لقيت حتفها يوم 14 أبريل 2008، وكريمة الفكاهي التي عانت من آلام المخاض وعند وصولها إلى قسم الولادة لوضع مولودها انهالت عليها ممرضة بالضرب بمنطقة البطن وكسرت يدها اليمنى بواسطة قضيب حديدي حسب ما أثبتته شهادتها الطبية. أضاف المركز إلى اللائحة سيدة أخرى تبلغ من العمر 30 سنة، دخلت إلى هذا القسم في يناير 2009 قادمة من دوار تابع لجمعة اسحيم، أجريت لها عملية قيصرية، لكنها باءت بالفشل لتسلم الروح إلى باريها رفقة ابنها، وفاطمة لمزوضي التي دخلت هي الأخرى من أجل الإنجاب حيث تعرضت للإهمال مما تسبب لها في الوفاة لتترك وراءها ثمانية أبناء. هناك أيضا الضحية فاطمة كنزاز التي وصلت إلى قسم الولادة في صحة جيدة بتاريخ 23 أكتوبر 2010 لتغادره جثة هامدة على إثر خضوعها لعمليتين جراحيتين متتاليتين في أقل من ساعتين بعدما عانت آلاما على مستوى بطنها، ليخبروا زوجها بعد ذلك بضرورة إحضار الدم من مدينة مراكش بدعوى أنه غير متوفر بالمستشفى، وقد تنقل بالفعل إلى مدينة مراكش لإحضار الدم لكن عندما عاد إلى آسفي وجد زوجته قد لفظت أنفاسها الأخيرة، ليتبين له فيما بعد أن فصيلة الدم كانت متوفرة بالمستشفى وأن عملية إرساله إلى مراكش هي عملية تمويه لأن زوجته كانت قد توفيت. ضمت لائحة المركز أيضا لمياء التي لم تنج في عامها الثاني والعشرين من الالتحاق بمقبرة قسم الولادة، وعيدة الحلاوي، وفاطمة دادة التي دخلت هي الأخرى قسم الولادة لتضع مولودها خلال شهر يناير 2010 لتخرج منه جثة هامدة، وربيعة أبوزنديل التي توفيت بسبب خطأ طبي أثناء مرحلة الولادة، والتي رفضت عائلتها دفنها إلى حين الاطلاع على تقرير التشريح الطبي. والتمس المركز من وزير العدل والحريات التدخل من أجل تعميق البحث في جميع الملفات التي طالها الإهمال من أجل الوقوف على مجمل الخروقات التي عرفها مستشفى محمد الخامس بآسفي في السنوات الأخيرة بدء من سنة 2008 إلى سنة 2013.