وجوه قضائية بارزة ساهمت، مؤخرا، بمداخلاتها في الندوة التي نظمتها المحكمة الابتدائية بآسفي بشراكة مع هيئة المحامين في موضوع «قراءة في مدونة الأسرة بعد مرور تسع سنوات من التطبيق: الحصيلة والآفاق» يتقدمها رئيس المحكمة وكيل الملك بها مصطفى اليرتاوي الذي ألقى عرضا في موضوع «الحماية الجنائية للأسرة في النظام القانوني المغربي» وعبداللطيف عبيد رئيس المحكمة في موضوع «أحكام التعدد في مدونة الأسرة» والمصطفى الشوكي نقيب هيئة المحامين بآسفي بمداخلة في موضوع «الإشكالات المرتبطة بقضايا التطليق للشقاق» ووكيلة الملك بابتدائية الدارالبيضاء ونائبا الوكيل محمد فتوح ونورالدين العسري الذي ألقى عرضا في موضوع «آفاق تدخل النيابة العامة في مجال قضايا الأسرة»، ود. أحمد قيلش أستاذ التعليم العالي بالكلية المتعددة التخصصات في موضوع «مقاربة اجتماعية لأحكام مدونة الأسرة» وعبد الرفيع بوحمرية رئيس قسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بآسفي في موضوع «إشكالية توثيق الزواج بين الأصل والاستثناء»، ود. محمد الأزهر أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بالمحمدية في موضوع «أحكام الحضانة بين النص القانوني والعمل القضائي»، ود.عبدالرزاق الوزكيتي رئيس المجلس العلمي لآسفي في موضوع «إصلاح ذات البين في قضايا الطلاق والتطليق» ومحمد زنون رئيس كتابة النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بإيمنتانون في موضوع «عوارض عمل كتابة الضبط في أقسام قضاء الأسرة»، والأستاذين القاضيين سمير أيت أرجدال وعبد الشافي لخليفي، ونائب وكيل الملك عبدالإله حجوج والمحامية جميلة إسرا. وأكد رئيس المحكمة الابتدائة بآسفي عبد اللطيف عبيد في الكلمة الافتتاحية للندوة على أن هذه الأخيرة تندرج في إطار تفعيل البرنامج الثقافي للمحكمة الابتدائية بآسفي، الذي يهدف إلى التحسيس بالمستجدات التشريعية التي أتت بها مدونة الأسرة الجديدة، التي مر على تطبيقها مدة تسع سنوات. وأن هذا الحفل العلمي يعتبر مناسبة للتكوين والتأطير لفائدة جميع الفاعلين والعاملين في الحقل القضائي، وتبادل وجهات النظر في أفق تحقيق النجاعة القضائية، مهنئا في كلمته النساء القاضيات وموظفات كتابة الضبط والمحاميات وكل مساعدات القضاء وجميع نساء المجتمع المدني باليوم العالمي للمرأة ب «أثر رجعي»، معتبرا «الثامن مارس من كل عام محطة سنوية للوقوف على حصيلة المكتسبات على امتداد سنة كاملة من الحضور الفاعل والنضال المتواصل للمرأة داخل المنابر المجتمعية للشعوب عبر أنحاء العالم، حيث ترتفع الحناجر النسائية عبر المنابر الكونية إما بالاحتجاج أو التأييد للتقدم اللائي أحرزنه في المجالات الحقوقية». إلا أن «هذه الطقوس الاحتفالية يضيف المتدخل سواء بالتأييد أو بالاحتجاج تبقى مناسبة مهمة للوقوف على الانجازات النسائية ومناسبة مواتية لقياس حجم المجهودات التي بذلتها النساء في التأكيد على مطالبهن المشروعة والدفع في اتجاه رفع الضرر والحيف المضروب عليهن بمختلف بقاع العالم»، مشيرا إلى أن اليوم العالمي للمرأة يعتبر مناسبة لإسماع صوت النساء وفرصة لتوحيد كلمتهن وإبراز مواطن القوة التي تحركهن للمطالبة بحقوقهن السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية. كما أن المرأة المغربية كأخواتها على المستوى الدولي احتفلت بطريقتها المغربية في التعبير عن قضاياها ومشاغلها الوطنية، وأن الرجال المغاربة لا يسعهم إلا أن يتمنوا لكل القاضيات والمحاميات وموظفات كتابة الضبط وكل النساء مساعدات القضاء وكل نساء العالم مزيدا من النجاحات والإنجازات، مضيفا أن مدونة الأسرة الجديدة باستعمالها لصياغة حديثة تلغي كل المصطلحات التي تحط من شأن المرأة وجعلت منها شريكا كاملا للرجال في الحقوق والإلتزامات، مكرسة بذلك المساواة بين الزوجين في الحقوق والواجبات، وأدخلت العديد من المقتضيات الجديدة التي تنص بالخصوص على أن العائلة أصبحت توجد تحت المسؤولية المشتركة للزوجين، وألغت قاعدة الولاية في عقد الزواج بالنسبة للراشدة. من جهته أكد وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بآسفي، مصطفى اليرتاوي، في كلمته على أن مدونة الأسرة«شكلت حدثا حقوقيا بامتياز ومكسبا وطنيا ناضلت من أجله المرأة المغربية للنهوض بحقوقها والرقي بوضعها القانوني من المنظومة القانونية المغربية»، مضيفا أن الدستور المغربي «قد أولى عناية خاصة للأسرة عندما نص في تصديره على أن المملكة المغربية وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون تواصل بعزم مسيرة إرساء دعائم مجتمع متضامن يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية». و«في الفصل 32 منه حث على أن الأسرة القائمة على علاقة الزواج الشرعي هي الخلية الأساسية للمجتمع وتعمل الدولة على ضمان حمايتها الحقوقية والاقتصادية والاجتماعية بمقتضى القانون بما يضمن وحدثها واستقرارها والمحافظة عليها، كما أنها تسعى لتوفير الحماية القانونية والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال بكيفية متساوية بصرف النظر عن النظر عن وضعيتهم العائلية، وبأن التعليم الأساسي حق للطفل وواجب على الأسرة والدولة، وأن التطليق والطلاق في يد كل من الزوج والزوجة تحت المراقبة القضائية، كما عززت حماية حقوق الأطفال». مشيرا إلى أن هذا هو التأسيس الدستوري لحقوق الأسرة ووضعها الذي أراده الدستور في المنظومة القانونية، إضافة إلى جهود المملكة من أجل تدعيم كل مكونات الأسرة لاسيما ما يتعلق بملاءمة التشريعات الوطنية واستكمال انخراط المغرب في منظومة حقوق الإنسان الدولية وفاء بالتزامه على الصعيد الدولي خاصة المصادقة على البروتوكول الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ورفع عدد في التحفظات على مجموعة في بنود هذه الاتفاقية، وأن المدونة تبقى من حيث التطبيق العملي والقضائي تطرح بنودها كثيرا من الجدل والنقاش والتأويلات القضائية والقانونية طرحت منذ دخولها حيز التنفيذ وتمت المناداة منذ الوهلة الأولى بإدخال عدة تعديلات على بعض فصولها، الشيء الذي يعيد إلى الاهتمام ضرورة عناية المشرع بجودة النص القانوني والقاعدة القانونية، موضحا أن جودة إعداد النص القانوني مسألة جوهرية من حيث هيكلته ولغته وطريقة صياغته ووضوحه وبعده عن الغموض، وهو الذي يسهل ولوج المواطن إلى القضاء ويبعد التأويلات القانونية المغلوطة، لأن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان كرست قاعدة تقول: «لكي يكون النص القانوني ممكن الولوج يجب أن يتوخي 03 أهداف أساسية: الوضوح، سهولة الفهم، قابلية التطبيق»، مبرزا أنه إذا كانت مدونة الأسرة جيدة في حمولتها القانونية والحقوقية فإن صياغتها تنقصها الكثير من المعايير المنصوص عليها في قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، مقدما ملاحظته بخصوص تباين الاجتهادات القضائية واختلافها بين المحاكم أو حتى داخل المحكمة الواحدة الشيء الذي يؤثر على الحقوق، مشيرا من جهة أخرى إلى مسألة تكوين العاملين في مجال القضاء الأسري والتي من المفروض أن يتوفروا على شخصية قضائية رفيعة تتميز بالحس الأسري والدفء العائلي والاطلاع الواسع على الفقه والشريعة الإسلامية، ما أصبح يطرح معه السؤال التالي: هل قضاؤنا الأسري يتوفر على عنصر بشري يتميز بالخصوصية والتكوين المتميز لمعالجة قضايا الأسرة التي تفرضها طبيعة القضايا المعروضة على هذا القضاء؟