على غير العادة فاجأ الوالي علال السكروحي رئيس مديرية الجماعات المحلية، الحاضرين في افتتاح الدورة الثانية للمنتدى الدولي للمدن العتيقة بتطوان، الرجل الذي خرج عن “بروتوكول” حفلات الإفتتاح وكلمات الشكر المنمقة، ليعلن بكلام الرجل المسؤول أمورا خطيرة في ما يخص تدبير المدن العتيقة ببلادنا. “حنا في المغرب عندنا مشكل كبير إسمه المدن العتيقة، فشلنا في تدخلاتنا في المدن العتيقة..” بهاته الصراحة تحدث الرجل أمام جمع مهم من المشاركين في هذا المنتدى، من داخل المغرب ومن دول مختلفة من شمال وجنوب الضفة المتوسطية. “الإشكالية المطروحة، هل نحن في إطار منهج تجديد حضري أو منهج استدراك فقط أي نكتفي بالتزويق والتنميق فقط” يزيد علال السكروحي متسائلا عما يحدث بمدننا العتيقة، التي لا تعرف في رأيه إصلاحات وترميمات حقيقية بل مجرد “استدراكات” فقط، قبل أن يوجه “نصيحة” للمشاركين وغالبيتهم من رؤساء الجماعات المحلية ومستشارون وخبراء ومهندسين، ليقول لهم أنه لا يمكن عزل المدينة العتيقة عن إشكالية المدينة ككل. مطالبا أن يكون التدخل جماعيا كل في مجال اختصاصه، حيث لا يمكن تدخل كل قطاع لوحده داخل المدينة العتيقة طلا بد ان يكون هناك تدخل جماعي متكامل كل حسب اختصاصاته” يوضح. الدارجة التي كانت تغلب على كلام السكروحي، جعلت صخب القاعة الممتلئة يقل، وأن ترتفع نسبة المنصتين لكلماته أو لنقذه ذاك لكيفية تدبير موضوع المدن العتيقة بالمغرب ككل، وفي كل مرة “يفجر قنبلة” بعيارات مختلفة، تكون ثقيلة فعلا عندما يقولها مسؤول ف يموقع كوالي مدير مديرية الجماعات المحلية بوزارة الداخلية، الرجل الذي نظر في لحظة من اللحظات للصفوف الاولى من الجالسين أمامه وقال “هاهما معانا برلمانيين، ومعانا رئيس لجنة المالية بمجلس النواب، شحال كتخصص ميزانية الدولة للمدن العتيقة بالمغرب؟” ابتسم الجالسون ونظر بعضهم لبعض قبل أن يجيب على سؤاله بنفسه “زيرو درهم، معندنا حتى سنتم في الميزانية العامة للمدن العتيقة، والجماعات المحلية معندهاش الميزانية الكافية للقيام بتلك الأشغالن باراكا عليها غير الموظفين وجمع الازبال”. أهم ما طالب به السكروحي وهو يخطب في هذا المحفل، هي مأسسة التدخل داخل المدن العتيقة، حاثا البرلمانيين لتقديم مقترح قانون ينظم هاته العملية وينشئ مؤسسة عمومية وطنية تهتم بالمدن العتيقة، تكون لها صلاحيات تحديد مجالات التدخل ونزع الملكية وتوفير الإمكانيات المادية لأي عمل يستهدف المدن العتيقة، معتبرا أن الخير والشر يأتيان من المدينة العتيقة، حسب طريقة التعامل معها… كل ذلك قبل أن يختم بانتقاد لاذع حينما تحدث عن مشكل التكوين، وقال “ليس لدينا أشخاص لهم الكفاءة للتدخل في المدن العتيقة، وحتى المقاولات ليس لها أدنى معرفة بذلك…” ليكون بذلك قد طرح الموضوع من كل جوانبه، لكن بطريقته الخاصة. باقي المداخلات ومن بينها كلمة وزير الثقافة، رئيس مجلس الجهة، رئيس الجماعة الحضرية ورئيس المنتدى، تراوحت بين التذكير ببعض المشاريع التي همت المدن العتيقة، وبين تقديم الدعم لهذا المشروع أو ذاك وكلمات الشكر الطويلة التي تداولها غالبية المتدخلين فيما بينهم، فقد كان الوزير أول المتحدثين ليذكر بمشاريع وبرامج وزارته والحكومة ككل في هذا الجانب، فيما عبر رئيس الجهة رشيد الطالبي العلمي من تخوفاته لمستوى تراجع المدن العتيقة معبرا عن استعداد الجهة تمويل ودعم المشاريع لكن بتصور واضح ومتكامل، فيما لم تختلف كلمة رئيس الجماعة الحضرية لتطوان عن كلمة رئيس المنتدى، في الترحيب بالمشاركين وشكر المدعمين، بصفتهما الجهتين المحتضنتين للمنتدى الذي ينظم بمدينة تطوان في الفترة بين 14 و 16 مارس الجاري تحت الرعاية الملكية. مصطفى العباسي