الصبيحي.. المدن العتيقة بالمغرب مجال خصب لتلاقح الحضارات والحفاظ على الذاكرة أكد وزير الثقافة محمد الأمين الصبيحي، الخميس الماضي بتطوان، أن الاهتمام الخاص الذي يوليه المغرب للمدن العتيقة نابع من كون هذه المدن « تعد مجالا خصبا لتلاقح الحضارات والحفاظ على المكاسب التاريخية والإنسانية وتحقيق التنمية المستدامة المندمجة». وأضاف الصبيحي٬ في كلمة له خلال افتتاح المنتدى الدولي الثاني للمدن العتيقة بتطوان الذي تنظمه الشبكة المتوسطية للمدن العتيقة بحضور شخصيات دولية ووطنية٬ أن المغرب أولى اهتماما خاصا للمدن العتيقة عبر برنامج مندمج أعطى انطلاقته جلالة الملك محمد السادس قبل أسابيع قليلة٬ يروم ترميم المعالم التاريخية والبنيات الآيلة للسقوط وتعزيز النسيج الحضري والتقليدي وتحسين ظروف معيشة ساكنة المدن العتيقة وكذا تطوير البنيات التحتية والمنشآت الدينية والمراكز الثقافية. وأوضح أن هذا البرنامج يهدف أيضا إلى تثمين المعالم التاريخية والمواقع الأثرية وإعادة الاعتبار للنسيج الحضاري المتميز وتقوية جاذبية المدن العتيقة ٬ إضافة إلى تأهيل المدارات السياحية بها ٬ لجعل هذا الإرث التاريخي قطبا للتنمية المستدامة وعنصرا أساسيا لمد الجسور بين الماضي والحاضر والحفاظ على المكاسب الحضارية والتاريخية . وأشار الوزير إلى أن المغرب يضم 31 مدينة عتيقة منها سبع مدن عتيقة مصنفة ضمن قائمة التراث العالمي لليونيسكو٬ وهي فاس سنة 1981 ومراكش سنة 1985 ومكناس سنة 1996 وتطوان سنة 1997 والصويرة سنة 2001 والجديدة منذ سنة 2004 والرباط منذ سنة 2012 ٬ معتبرا أن هذا التصنيف يعد اعترافا دوليا بالرصيد التراثي الهام الذي يتوفر عليه المغرب وبالقيمة التاريخية والمعمارية لهذه المدن٬ وكذا بمستوى تأهيلها من جهة ٬ والتزاما من جهة أخرى من قبل المغرب بالاعتناء بهذه المدن العتيقة وصيانتها وتثمينها. ورأى الصبيحي أن المنتدى الدولي الثاني للمدن العتيقة٬ الذي ينعقد تحت شعار «المدن العتيقة٬ فضاء لتلاقح الحضارات «٬ سيسمح بتبادل الخبرات بين مختلف الفاعلين والمتدخلين الدوليين والوطنيين والمحليين وتطوير المقاربات من أجل المضي قدما في المحافظة على المكاسب الحضارية والإنسانية التي حققها المغرب من خلال تأهيل هذه المدن وإيلائها الاهتمام المؤسساتي والمادي الذي تستحقه. من جانبها،أكدت الشبكة المتوسطية للمدن العتيقة ٬المنظمة للمنتدى أن الهدف من تنظيم المنتدى الدولي الثاني للمدن العتيقة٬ الذي يؤطر بشراكة مع المديرية العامة للجماعات المحلية بوزارة الداخلية٬ هو تقديم تجارب المدن التاريخية وتمكين مختلف الفاعلين من تقاسم الخبرات والاستفادة من التجارب في مجال التنمية المحلية في علاقتها بالتراث الثقافي. وقال رئيس الشبكة محمد السفياني إن المنتدى يؤسس للعمل الجماعي التضامني بين الشركاء المتوسطيين٬ في أفق انجاز برامج جماعاتية في ميدان التنمية المستدامة للتراث الثقافي المتوسطي٬ مبرزا أن الاستراتيجية المشتركة تنبني على مقاربة العمل التشاركي في إطار مبادئ التضامن والتعاضد والتعاون والتكامل . وفي كلمة له،أكد الوالي المدير العام للجماعات المحلية بوزارة الداخلية علال السكروحي بالمناسبة أن تأهيل المدن العتيقة٬ الذي قطع فيه المغرب أشواطا مهمة٬ يقتضي وضع مقاربات مندمجة من مختلف الهيئات الرسمية والمدنية والمنتخبة باعتبار أن هذه المدن تشكل ليس فقط إرثا حضاريا وثقافيا وإنسانيا بل وأيضا قطبا أساسيا من أقطاب التنمية المستدامة والمندمجة . ودعاالسكروحي إلى ضرورة إنشاء مؤسسة وطنية تعنى بالمدن العتيقة لها صلاحيات قانونية ومادية تمكنها من إنجاز المشاريع الهيكلية والبنيوية لتأهيل المدن المعنية والتمكن من دمجها في محيطها العام مع مراعاة خصوصياتها٬ وتجميع الموارد والإمكانيات والبرامج٬ مبرزا أن المدن العتيقة للمغرب تعد رمزا حضاريا وإنسانيا إذ تعزز موقع المملكة في خريطة التراث العالمي الإنساني وتعطي النموذج الأمثل للمغرب كبلد تتلاقح فيه كل الحضارات وفضاء للحوار بين مختلف الأديان والأجناس . ومن جهته٬ أكد عبد العزيز بنعثمان التويجري المدير العام لمنظمة الايسيسكو٬ في كلمة تليت نيابة عنه٬ أن اختيار موضوع المنتدى الذي يهم المدن العتيقة ٬هو اختيار موفق على اعتبار انه يعزز الاهتمام الدولي بهذه الفضاءات ويكرس مبادئ التسامح والتلاقي الحضاري ويعكس انخراط المغرب الحضاري الدائم في كل المجالات الإنسانية٬ كما يبرز مظهر الأصالة والعراقة والوفاء للقيم الإنسانية التي تتميز بها المملكة٬ معتبرا ان اهتمام المغرب بتراثه المادي واللامادي يعد نموذجا إنسانيا ناضجا واحتفاء بالمنجزات التي حققها المغرب على أكثر من صعيد . وتم خلال الجلسة الافتتاحية التوقيع على اتفاقيات شراكة بين الشبكة المتوسطية للمدن العتيقة ووزارة الثقافة ووكالة تنمية أقاليم الشمال ومجلس جهة طنجةتطوان وجامعة عبد المالك السعدي ومدينة أوييم الغابونية٬ تروم جميعها المحافظة ورد الاعتبار للتراث الثقافي المادي واللامادي وتبادل التجارب وتوفير الدعم البشري والمالي للمدن العتيقة المعنية . كما تم خلال الجلسة الافتتاحية تكريم كل من الباحث والمؤرخ المغربي عبد الهادي التازي والفنان التشكيلي أحمد بنيسف والشاعر عبد الكريم الطبال ومربي الأجيال عبد السلام الصفار . ويتناول المنتدى الذي سيختتم يومه السبت، ويحضره منتخبون ومسؤولون جماعيون وخبراء من الغابون واسبانيا وتونس وإيطاليا وسويسرا وفلسطين والأردن والولايات المتحدة، عدة مواضيع منها «دور المؤسسات المنتخبة والدولة والمؤسسات الدولية في حماية وإنقاذ وتثمين المدن التاريخية والمحافظة عليها «٬ و» أهمية التعاون الدولي والمجتمع المدني في حماية وإنقاذ وتثمين المدن التاريخية»٬ وكذا «دور الجامعة والبحث العلمي في حماية وتثمين المدن التاريخية . وتعتبر الشبكة المتوسطية للمدن العتيقة٬التي تأسست سنة 2011 ٬ وتتكون من رؤساء ومسؤولي الجماعات المحلية من المغرب واسبانيا والبرتغال٬ أداة تهدف إلى «الإسهام الفعال في تحقيق التنمية المحلية على المستويات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية٬ وإلى خلق جسور التعاون والتنسيق والشراكة بين مدن ضفتي المتوسط ومدن أخرى في مجال التجارب المشتركة»