مرة أخرى يطرح الفصل 475 من القانون الجنائي للنقاش، لكن هذه المرة في مناظرة عقدت بأكادير، نظمها المكتب الجهوي للمنتدى المتوسطي للشباب بأكادير بتعاون مع اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان السبت الأخير، في إطار برنامج صوت الشباب المغربي الذي تشرف عليه مؤسسة «أنا ليند» لحوار الثقافات والمجلس الثقافي البريطاني، الهادف لتقوية مهارات الحوار والتواصل لدى الشباب. «مراجعة المادة 475 من القانون الجنائي المغربي، حل حقيقي لحماية القاصر من الاغتصاب والإغراء»، عنوان المناظرة التي ناقش خلالها الشباب وجمعيات المجتمع المدني ورجال القضاء، الإضافة التي جاءت بها المراجعة لفصل يتكون من شقين، أولهما عقابي ويتطرق إلى جريمتين فقط على سبيل الحصر وهما: جريمة التغرير ثم الاختطاف، أما الشق الثاني فيتعلق بإمكانية عدم متابعة الجاني في حالة زواجه بالقاصر. هذه الفقرة طرحت جدلا قويا اعتبرها البعض إتاحة للفرصة للمعتدي للإفلات من العقوبة الحبسبة، وأثارت الخوف في عيون بعض الفاعلات الجمعويات. الفقرة الثانية من الفصل 475 طرحت علامات استفهام بعض المتدخلات، من داعية لحذف الفصل أو إعادة النظر في فقرته الثانية، خاصة بعد أن خلق الفصل ضجة وطنيا ودوليا بعد انتحار أمينة الفيلالي، التي أرغمت على الزواج من شاب سبق له أن اغتصبها وافتض بكارتها، لتصبح مأساتها قضية رأي عام. محجوبة إدبوش، رئيسة جمعية أحضان، اعتبرت أنه من الضروري الإبقاء على المادة 475 باعتبارها حلا وسطا يصون كرامة المغتصبة، مع ضرورة إعادة النظر في معنى «الاغتصاب»، مؤكدة استمرار انتشار زواج الفاتحة وتزويج العديد من القاصرين عن طريق العائلة خاصة في البوادي، وهو أصل المشكل في قضية أمينة الفيلالي. عدة أسئلة طرحت حول إن كانت أمينة مسؤولة عن وفاتها؟ أم عائلتها؟ أم القاضي؟؟؟.. بعض الجمعيات النسائية أقرت بأن المغرب تأخر في تغيير القانون، وأن الجميع مسؤول عن وفاة أمينة الفيلالي، فتزويج المغتصبة من مغتصبها إعدام يومي للمغتصبة. كل التدخلات والتساؤلات اتهمت «العقلية» السائدة داخل الأسر المغربية، بتكرس ظاهرة «زواج القاصرات والطفلات وضرورة معاقبة المغتصب وعدم إفلاته بمجرد تزوجه من المغتصبة». عائشة سدماسي عن جمعية «صوت المرأة» اعتبرت أن هناك تناقضا في المواقف ومع نضالات الحركة النسائية الداعية إلى صون كرامة المرأة وحقوقها، عوضا عن ذلك تتعرض المرأة للاعتداء على حريتها ومستقبلها الأسري في حضن رجل أهان كرامتها باغتصابها، وما قضية أمينة الفيلالي سوى شجرة تخفي غابة. انتقادات وجهت للفصل 475 من القانون الجنائي، لغموضه وعدم دقة صياغته لاسيما الفقرة الثانية منه، فزهيرة عمارين عن جمعية «المرأة للتنمية والثقافة» اعتبرت القانون غير واضح المعالم بخصوص إمكانية تزويج المغتصب بالضحية للإفلات من العقاب، وتساءلت: «ما الفرق بين التغرير والتدليس، الذي يظل من عيوب الرضا حسب ما ينص عليه القانون في العقود المدنية والتجارية». مؤكدة غياب الدقة والأمانة القضائية، وأن الفقرة الثانية من الفصل 475 تتضمن خللا لصعوبة الفصل بين قاعدة الإدانة المالية والحبسية في جريمة التغرير والإختطاف. مجموعة من التساؤلات طرحت حول: «هل يجب تغيير القانون أو تغيير العقليات.. ؟ أم هما معا ؟»، و«ماذا قدم القانون للمغتصبة؟»، و«هل أخذ القانون بعين الاعتبار وضعية المغتصبة بعد اغتصابها وكيف تعيش بعد الصدمة؟»، فمراجعة الفصل يجب أن تساعد المغتصبة لا أن تمكن المغتصب من الإفلات من العقاب. القاضي آيت كاغو، أدلى بدلوه خلال المناظرة، حول الفصل المختلف في صياغته وفقرتيه. فبخصوص زواج القاصر، خاصة المادة 20 اعتبر أن القضاة يحترسون عند تطبيقهم هذه المادة، فلا يلجؤون للإذن إلا عند الاستماع إلى الأبوين، بعد بيان المصلحة والبحث الاجتماعي… وعندما يكون في «الزواج» مصلحة للفتاة سواء كان القاصر ذكرا أو أنثى. وقد أصدرت الوزارة دوريات وعقدت اجتماعات للاحتراز في هذه النقطة، ودفع القاضي للاجتهاد، فهو لا يتعامل مع النصوص بجمود، خاصة أن هناك قرارات المجلس الأعلى. وبخصوص أثناء علنية الجلسة أكد آيت كاغو أن القاضي تحكمه قواعد مسطرية، في حالة عدم طلب عقد جلسة سرية، حسب قواعد المسطرة الجنائية. ودافع آيت كاغو عن الفصل 475 من قانون الجنائي، مؤكدا بأن غموضا في النص، خاصة الشق الثاني منه، فهو يتحدث عن الاختطاف والتغرير، وهي جريمة مستقلة لم يمارس عليها العنف ولا الجنس والشرط أن تكون القاصر المغرر بها المختطفة بالغة وهذا البلوغ تقرره الخبرة، فالمشرع يتحدث عن هتك العرض.