تبادر إلى ذهني طرح هذا السؤال؛ لأن تلك الخطابات تمثل وثائق رسمية شاهدة على تصور المؤسسة الملكية المغربية لمختلف القضايا الوطنية والإقليمية والدولية. لذا، فمن المنتظر أن يُحافظ على كل الخطابات ذات الصلة بمؤسسات الدولة، ولا ينبغي التصرف فيها. طرحت هذا السؤال منذ فترة طويلة، والآن أريد أن أطرحه لمشاركة القراء. نعم، طرحته عندما كنت أبحث في موضوع: « الخطاب الدبلوماسي المغربي في سياق أزمة الإرهاب الدولية»، حينها تطلب الأمر مني الحصول على مختلف البرقيات التي يبعثها العاهل المغربي إلى ملوك ورؤساء الدول الذين تعرضت بلدانهم إلى هجمات. عانيت الكثير في الحصول على تلك البرقيات، خصوصا، أنها غير واردة في المواقع الإلكترونية التابعة للدولة، وحتى إن وُجد البعض منها، فإنه لا يمثل إلا مقتطفات لا تفيد الباحث في شيء. دفعني ذلك الأمر التوجه إلى وزارة الاتصال، حيث تمكنت من الحصول على عدد من خطب وندوات العاهل المغربي الواردة في المنشورات التابعة للوزارة (خطب وندوات صاحب الجلالة الملك محمد السادس/محمد السادس..ملك المغرب، انبعاث أمة). رغم كل ذلك، فقد واجهت الحقيقة نفسها، كل تلك الكتب تتضمن برقيات مبتورة، رغم أن عددها وافر وجدير بالبحث، لكن تقديماتها غير مكتملة قلل من أهميتها، فالباحث يحتاج إلى وثائق مكتملة للتحليل وللتأويل وللمقارنة وللتنبؤ، ولا يتحقق ذلك في ظل متن غير مكتمل؛ لأنه ستغيب عنه النتائج الموضوعية المرجوة في كل بحث أكاديمي. إنني أطرح هذا الموضوع ليس لوضع الأسئلة المتعلقة بالأسباب الداعية إلى هذا التصرف في الوثائق الرسمية للدولة؛ لأن ذلك لا يثير شهية الكتابة لدي، وإنما أريد، فقط، إشعار المسؤولين بأهمية الحفاظ على تلك الوثائق كاملة ونشرها في المواقع الإلكترونية التابعة للدولة، لما تمثله من متن جدير بالبحث الذي يفيد، بلا شك، المؤسسات في تطوير آلياتها انطلاقا من الوقوف عند النتائج التي يتوصل إليها الباحث.