أكوام من الآجور، التي شكلت جدران منذ سنوات لمباني أوت عشرات من الأسر، تناثرت في الأزقة. حيطان لازالت تحتفظ بطلائها من الصباغات التي وضعت عليها، حسب ما رتضاه قاطنوها. وحركة غير عادية تسري وسط هذا التجمع السكني الذي طالت بعض منازله جرافات الهدم بعد قرار التنقيل الذي طال انتظاره، وعندما حل أوانه لم تكن العملية لتمر دون أن تثير بعض الاحتجاجات. “ما نطالب به هو الشفافية”… كهذا اختار بعض شباب «حي اشنيدر»، الواقع بمقاطعة الحي الحسني، رفع أصواتهم بالاحتجاج عندما التقتهم «الأحداث المغربية» في زيارة إلى هذا الحي الذي شيدت أغلب مساكنه عشوائيا، على «الرسم العقاري 9008 س على مساحة تقدر ب 3 هكتارات 16 آر و93 سنتيار». وقد صنف الحي في إطار التجزئات غير القانونية والعشوائية ، لكونه لم يخضع لأي تصميم أو ضوابط هندسية ومعمارية ، ما جعله لا يستفيد من التجهيزات الأساسية . بعدما كان في الأصل تجمعا للسكان يضم عشرات فقط من المباني التي تعود إلى العشرينيات من القرن الماضي. لكن عددها تضاعف، وارتفع معه عدد الأسر، سواء التي قطن آباؤها بحي اشنيدر، أو من وجدوا فيه ملاذا من ارتفاع أثمنة الكراء بمدينة الدارالبيضاء. انطلقت عملية إعادة إيواء سكان حي اشنيدر من طرف شركة إدماج سكن في إطار البرنامج الوطني «مدن بدون صفيح». ومع انطلاق هذه المبادرة عمد بعض فعاليات الحي إلى تأسيس إطار جمعوي،«جمعية سكان حي اشنيدر» للعمل من خلاله على «بلورة إطار تشاوري»، حيث تمت مراسلة وزير الداخلية سنة 2010، وتقديم سؤال كتابي عبر ممثل الدائرة بالمؤسسة التشريعية. احتجاجات السكان حملتها رسالة من وصفوا أنفسهم ب «المتضررين» الذي «تم إقصاؤهم من أبناء الحي الأصليين»، وجهوها إلى وزير العدل والحريات، مشيرين إلى ما قالوا إنها «تجاوزات من قبل السلطات» عددوها على الشكل التالي: «إقامة عملية الإحصاء بطريقة سريعة، أبناء الحي تم إقصاؤهم وحصرهم في ذوي المشاكل، إقصاء العزاب والمتزوجين حديثا من الاستفادة»، كما أشارت الرسالة إلى أن «شهادة السكنى أصبحت تجارة تدر دخلا مهما بالنسبة لأعوان السلطة». ولم تقف انتقادات المحتجين عند عملية الإحصاء وطريقة تدبيرها، بل إن اتهاماتهم طالت كذلك الجمعية التي قالوا إن «بعض أعضائها استغلوا موقعهم في الجمعية لتمكين عائلاتهم من الاستفادة، رغم أن بعضهم لا يقطن أساسا في المغرب». لكن مع انطلاق المشاورات حول إعادة الإيواء حسب أعضاء من مكتب الجمعية تم التنسيق مع السلطات المحلية، وشركة إدماج سكن التي «قامت بدراسة سوسيواجتماعية لتحيين اللوائح بناء على إحصاء سنة 2006 ، منحت على إثره التزاما للمستفيدين بالهدم وتصريح بالشرف وفق شروطها للإستفادة من المشروع، والالتزام بالشراكة بين مستفيدين في البقعة الأرضية مناصفة بعد أداء مبلغ 20 ألف درهم لكل أسرة كيفما كانت نوعية البقعة». وحسب أعضاء من الجمعية، ومصدر من السلطة المحلية، فإن «العملية تمت في شفافية تامة»، حيث توجت ب «القرعة رقم 1 بتاريخ 10 يناير 2013 ، والقرعة رقم 2 يوم الثلاثاء 15يناير». لكن الجمعية تعترف أن هناك بعض المشاكل العالقة التي تعمل الجهات المسؤولة على تدبيرها ومنها «مشكلة مالكي الأراضي والمنازل، الذين يتوفرون على عقود البيع من طرف المالك الأصلي، وعملية إخلاء المكترين وهدم المنازل، الذي سيضر بمصالح الملاكين، والقاطنين الذين طالهم الإغفال، والعزاب الذين يقطنون بمحلات مستقلة…». فهل تجد مشاكل سكان حي اشنيدر طريقها إلى الحل لإنجاح إعادة الإيواء؟؟..