لزم كل مسافر مكانه ، الساعة تشير إلى العاشرة والنصف من ليلة السبت 8 دجنبر الجاري، الحافلة تستعد للمغادرة ، أجواء باردة تسود المحطة الطرقية بوجدة في تلك اللحظة، سكون وهدوء يخيمان على المكان، أصوات “الكورتية” تكسر جدار الصمت “الدارالبيضاءالدارالبيضاء” الحركة تبدو خفيفة المحطة بدأت تلفظ روادها، وتستعد لاستقبال أفواج أخرى من المتشردين والمتسكعين الذين يتخذونها كفضاء آمن لقضاء لياليهم، الحافلة تنطلق في اتجاهها المعهود نحو العاصمة الاقتصادية للملكة، نغمات موسيقية هادئة تنبعث من مذياعها. لم تمر سوى 15 دقيقة الحافلة تتوقف عند حاجز لرجال الجمارك، ترجلا السائق ومساعده ونزلا من الحافلة لفتح صندوق الأمتعة لإتاحة الفرصة للجمركيين بتفتيشه في إطار عملهم الروتيني لعلهم يعثرون على أشياء مهربة. تسلل أحد الركاب نحو مكان السائق، أطلق العنان لمحرك الحافلة بسرعة جنونية، تسمر رجال الجمارك في مكانهم مشدوهين وغير مصدقين ما يحصل ويحدث ، لم يجرؤوا على ملاحقة ومطاردة الحافلة، لا لشيئ وإنما لسبب واحد هو الحرص على سلامة المسافرين وكذا مستعملي الطريق أيضا وخصوصا أن الوقت ليل ، فأي مغامرة أو مجازفة من هذا النوع ستؤدي لا محال إلى ما يحمد عقباه. المسافرون يصرخون ويستنجدون ويتوسلون من السائق أن يتوقف، الخوف والفزع ينتابهم ، السائق غير عابئ ولا مكترت لصيحاتهم، يبدو أنه سائق بارع وماهر ، الحافلة تطوي المسافات طيا، تغادر الطريق الوطنية وتتجه نحو الطريق السيار، اعتقد الجميع أن السائق سيتوقف في محطة الآداء ليؤدي ثمن التعريفة كما جرت العادة، السائق غيب تلك الفكرة من مخيلته ، اقتحم الحاجز كسره تكسيرا، زاد في سرعة الحافلة ، المسافرون يصرخون ويولولون ، يبكون حظهم التعيس، ينتظرون حذفهم ، يلعنون اللحظة التي ركبوا فيها هذه الحافلة”المنحوسة” ترجلا شابين من بين الركاب واتجها نحو السائق الغاضب، حولا إقناعه بالتوقف رفض فكرتهما، حولا معه مرارا وتكرارا دون جدوى ودون أن يكترث لطلبهما ،فلم يبق أمامهما سوى نهج خطة أخرى مجدية تمكنهما من توقيفه دون أن تحدث كارثة تؤدي بحياة المسافرين ، فكرا الشابين مليا في القضية، قبل أن ينقضا عليه وأمسكا بمقود الحافلة وقام أحدهما بسحب مفتاح المحرك من مكانه، فجأة انعرجت الحافلة لتصطدم الحافلة بسياج حديدي موجود بالطريق السيار لتتوقف ، حينها تنفس المسافرون الصعداء، قبل أن تتوقف سيارة من نوع رونو “19″ ويقوم ركابها بحمل أشياء من الصندوق الخاص بالأمتعة وأقلوا معهم السائق وانطلقوا بسرعة البرق في اتجاه مجهول. بقيت الحافلة رابضة في مكانها حتى وصول رجال الجمارك والدرك الملكي حيث قاموا بإنجاز محضر قانوني في النازلة ليتضح للجميع من بعد أن الشخص الذي قام باختطاف المسافرين كان يشتغل في وقت سابق لدى الشركة التي الحافلة “المختطفة” ، هكذا روى أحد الركاب الحادثة لجريدة الأحداث المغربية من قلب العاصمة الاقتصادية عبر مكالمة هاتفية. وللتأكد من صحة الخبر اتصلنا بالجهات المعنية التي زكت بدورها ما رواه لنا هذا المسافر المذعور. لا شك أن هذه الرحلة الملعونة ستبقى موشومة وراسخة في ذهن ومخيلة المسافرين عبر هذه الحافلة. وجذير ذكره فالحافلة التي تم اختطافها تعود ملكيتها لشركة تسمى”إيفيريست” تؤمن نقل المسافرين من مدينة وجدة في اتجاه الدارالبيضاء.