روح عمر بنجلون ترفرف في سماء المؤتمر التاسع للاتحاد الاشتراكي. فتيمنا بالشهيد الذي اختطفته يدر الغدر ذات عام 1975، وهو يهم بامتطاء سيارته، تقرر عقد المؤتمر المرتقب أيام14، 15 و16 من شهر دجنبر القادم. قبل37 سنة من الآن كان عمر بنجلون أبرز مهندسي المؤتمر الاستثنائي الذي مثل محطة تاريخية فاصلة في حياة الحزب، فهل سيكون الاتحاديون هذه المرة في الموعد وهم يستحضرون ذكراه، ودخول مرحلة جديدة ب وضع إجراءات غير مسبوقة لانتخاب كاتبهم الأول؟ «سننجح .. و نحن مقبلون على مرحلة جديدة » تؤكد النبرة الصوتية المتفائلة عبر الهاتف لأحد أعضاء المجلس الوطني للحزب. فحتى الأصوات الغاضبة حضرت أول أمس ، يضيف هذا المصدر في إشارة إلى حضور كل من علي بوعبيد، والعربي عجول ومحمد الأشعري، بل إن هذا الأخير تدخل واقترح، كباقي إخوانه في الحزب. في الوقت الذي لم يحسم في مقررات اللجان الستة المتفرعة عن اللجنة التحضيرية، إلا أن حضور أعضاء المجلس الوطني أول أمس إلى مقر الحزب بالرباط، تمكن مع ذلك في الحسم في بعض النقاط، بل إنه تم الاتفاق حول إجراءات غير مسبوقة. فكما لو أن الأمر يتعلق باستقراء لما اتسمت به الحملة الانتخابية لكل من حميد شباط وعبد الواحد الفاسي في سباقهما نحو الأمانة العامة للاستقلال، حيث كان كل واحد يستفرد بمناضلي الحزب لاستمالة الناخبين، اهتدى الاتحاديون إلى وصفة جديدة، قوامها إشراف الحزب على تنظيم لقاءات مشتركة للمرشحين للكتابة الأولى مع مختلف الجهات بمواضيع محدد وفي جدولة زمنية مدققة، فيما يشبه انتخابات أولية، على حد قول المصدر. في اجتماع أول أمس لم يجد الاتحاديون أدنى عنت في تحديد موعد المؤتمر، إذ أجمع أعضاء المجلس الوطني على عقده في تاريخ 14 و15 و16 دجنبر،دون الحسم في مكان انعقاده، يبرز المصدر مبرزا إلى أن الاتجاه العام يتأرجح ما بين الرباط وأكادير، فيما تم تكليف المكتب السياسي للحزب بتدبير البطائق وانتخاب المؤتمر وذلك بالتشاور مع اللجنة التحضرية للمؤتمر، يقول المصدر، مؤكدا أن الحزب يتجه بدوره نحو اعتماد البطائق الإلكترونية خلال انتخاب أجهزته. أمور رغم أهميتها على المستوى التنظيمي، إلا أنها لم تتثر حولها خلافات قوية، ومرت بسلام، وذلك عكس مواضيع أخرى، نظير انتخاب الأجهزة القيادية للحزب بما فيها الكاتب الأول، والتي استأثرت أكثر من غيرها بالنقاش بين أعضاء المجلس الوطني للحزب. فهناك الآن تباين بين طرحين، أولهما يرى ضرورة انتخاب الكاتب الأول في دورتين ضمان لجرعة ديمقراطية أكبر، فيما يرى آخرون الاقتصار على دورة واحدة، فيما آخرون ومنهم عبد القادر باينة يرى التخلي عن ذلك والاستعاضة عنه بانتخاب الكاتب الأول من قبل المجلس الوطني أول اللجنة الإدارية وليس المؤتمر وذلك لتفادي ما حصل خلال مؤتمرات سابقة. نفس الشئ بالنسبة للمكتب السياسي للحزب، حيث هناك خلاف بين من يطرح اقتراح بأن يتكلف الكاتب الأول المنتخب باختيارهم وعرضهم على اللجنة الإدارية للمصادقة، الجهاز الوسيط، الذي سيتم إحداثه ليكون همزة الوصل بين الكتابة الأولى وكافة الاتحاديين. لكن انتخاب أعضاء هذه الأخيرة أثار بدوره خلافات، حيث طالب بعض أعضاء المجلس الوطني بإعطاء الجهات صلاحيات انتخاب أعضائها وفق حصص يتم الاتفاق حولها، يشير المصدر موضحا أن اللجنة الإدارية جهاز تقرير سيتم إحداثه للحسم في كل الأمور الحزبية الداخلية، فيما ستترك القضايا الاستراتيجية للمجلس الوطني ليحسم فيها نظير الدعوة إلى مؤتمر استثنائي على سبيل المثال. خلافات عالقة والمناقشات حولها ليست إلا «عملا تمهيديا» لأن الفصل بيد المؤتمر، كما جاء في كلمة عبد الواحد الراضي. كما أن الدولة المدنية، لارجعة فيه بالنسبة للاتحاد الاشتراكي. فانطلاقا من هويته و مرجعيته كحزب ديمقراطي واشتراكي، من المرتقب أن يكرس ذلك بشكل واضح خلال المؤتمر القادم للحزب. فرغم الوسط المحافظ ورغم تصادف ذلك مع حكومة بضلعين محافظين، فإن ذلك لن يثني الاتحاد الاشتراكي إلى الدعوة إلى «علمانية بسمات مغربية» قوامها الفصل بين الدين والسياسة، و كذلك الفصل بشكل تام بين السلط مع التشديد على عدم استغلال المقدس كيفما كان سقفه من أجل تحقيق أغراض سياسية أو تبرير ممارسات معينة.