تشير إحصائيات إلى أن 5 بالمئة تقريبا من البالغين يعانون من الكوابيس، والتي تتنوّع بين مشاهد مفزعة مثل القتل أو السقوط أو محاولة الهروب من شخص ما، وأن حوالي 2 إلى 8 بالمئة مصابون بالكوابيس بشكل منتظم ومتكرر. وتنتشر الأحلام المرعبة عند النساء أكثر من الرجال. كما أن الأطفال أكثر من البالغين تعرّضا للكوابيس، بحيث تجعل قلوبهم تقفز من شدة الخوف والرعب، ويقل حدوثها كلما اقترب الطفل من مرحلة البلوغ. وكشفت دراسة كندية أن الرجل تنتابه كوابيس عن اشتعال حرائق وحدوث فيضانات واندلاع حروب وغيرها من الكوارث، والمرأة تحلم بالشجارات مع زوجها وبالأكاذيب والخيانات الزوجية.
وتصدرت مشاهد الاعتداء الجسدي، بما في ذلك جرائم الخطف والقتل، موضوعات الكوابيس، فيما جاءت في المركز الثاني مشاهد الشجارات والمعارك والخيانات الزوجية وغيرها من أشكال النزاع بين الجنسين. ومن الموضوعات التي تكثر مشاهدها في الأحلام المزعجة أيضا التأخر عن مواعيد مهمة أو الضياع، وكذلك الكوابيس التي يمرض أو يموت فيها الشخص الحالم من الجنسين على السواء. كما يستيقظ كثيرون فزعين ظنا منهم بأنهم رأوا أو شعروا بوجود قوة شريرة ربما تكون شبحا أو مصاص دماء أو مخلوقا من خارج الأرض.
قالت الدراسة إن عدد الرجال الذين تنتابهم كوابيس أو أحلام مزعجة عن وقوع كوارث مثل الحروب والحرائق يزيد مرتين على عدد النساء اللواتي يحلمن بمثل هذه الكوارث. وأوضحت الدراسة أن أحلام النزاعات بين الرجل والمرأة، يمكن أن تثير رد فعل أشد عاطفية لدى المرأة، مؤديا إلى نسبة أعلى من الكوابيس التي توقظها في منتصف الليل.
كما توصلت دراسة إلى أن النساء يرين أحلاما وبصفة خاصة كوابيس أثناء النوم أكثر من الرجال. وأشارت الدراسة إلى أنه قد تكون الهرمونات النسائية وتغير درجة حرارة الجسم نتيجة الدورة الشهرية، كلها عوامل مؤثرة في رؤيتهن للأحلام والكوابيس بشكل واضح.
كما توصل باحثون من فنلندا إلى وجود صلة وثيقة بين صحة الإنسان والكوابيس، وأن أعراض الاكتئاب والأرق هي أقوى تنبؤ بإمكانية التعرض لكوابيس متكررة.
ولوحظ أن الأشخاص الذين يعانون من كوابيس متكررة كانوا الأكثر عرضة بنسبة 4.28 بالمئة للمعاناة من الاكتئاب، و1.17 بالمئة من الذين يعانون من الأرق المتكرر. إلا أن دراسة أميركية أكدت أن الكوابيس التي تصيب الإنسان بحالة عميقة من الذعر والخوف تحافظ على صحته العقلية والنفسية. وقالت إن الأحلام السيئة تعتبر شكلا من أشكال الانفراج العاطفي، التي تسمح لنا بالتخلي عن الضغوط والقلق النفسي عند الاستيقاظ، كما أنها تقوم بتذكير الشخص بالأشياء التي تحتاج إلى انتباهه وتركيزه وتنشط عقله. ودعا الباحثون الأشخاص إلى عدم القلق كثيراً من الكوابيس، مشيرين إلى أنها مجرد وسيلة يتبعها المخ لوضع المخاوف جانبا.
وعن كيفية حدوث الكوابيس، يقول الدكتور بيتر غلانسمان، عالم النفس الألماني: أثناء النهار يتركز تفكير الإنسان على أمور الحياة، وأثناء النوم يغيب عن الوعي، إلا أن جهاز الإدراك يستمر في العمل، ويعكس النظام العصبي خلال النوم ما يعيشه الإنسان أثناء اليقظة، ليؤكد أن الانشغال بالحياة مستمر حتى أثناء النوم، موضحاً أن الأحلام تعبّر عما يجول في اللاوعي.
ويوضح علماء نفس أن القلق والحزن والتعرّض للضغوط، من أكثر الأسباب شيوعاً لتعرّض المرء لأضغاث الأحلام والكوابيس المزعجة، بالإضافة إلى عوامل أخرى، منها الآثار الجانبية لبعض العقاقير، وتأثير تناول الكحوليات، واضطرابات النوم، وضيق التنفّس أثناء النوم، والتفكير السلبي قبل الذهاب إلى السرير، كذلك تناول الوجبات الدسمة قبل النوم مباشرة، ووضعية النوم الخاطئة، كالنوم على الظهر، أو النوم على البطن، أو النوم على الجانب الأيسر.
معرفة أسباب الكوابيس والأحلام المزعجة مهمة قبل البحث عن العلاج المناسب، فإذا كان الشخص يعاني من ضغوط حادة وتوتر عصبي، ينبغي التحدّث عما يدور بداخله وعما يؤرقه لأن ذلك قد يساعده على التخفيف من حدة التوتر، وهو بمثابة العلاج النفسي. فالأحلام ليست سوى تنفيس لضغوط ومكبوتات داخلية لم يتم تفريغها في اليقظة.
أيضا ممارسة الرياضة تساعد على إخراج الطاقة السلبية والانفعالات، مما يساهم في النوم المريح، ومن الطرق التي ينصح بها الأخصائيون النفسيون، تعلّم بعض الأساليب التي تساعد على إرخاء العضلات لتقليل توترها، وهذا بدوره سيقلّل من القلق، ثم الاعتياد على نظام النوم الصحي، وذلك بعدم استخدام أي مهدئات أو مواد منبهة مثل الكافيين.
كذلك يساعد الالتزام بإقامة العبادات والصلاة والحرص الكامل على الأذكار عند النوم، حيث تساعد على الراحة النفسية والهدوء قبل الخلود إلى النوم.
ومن الأمور الأخرى التي ينصح بها مختصون، تجنّب مشاهدة أفلام الرعب أو أخبار آخر الليل، وترتيب الغرفة من إضاءة ودرجة حرارة ما يساعد على نوم هادئ ومطمئن، وتجنّب الأطعمة الدسمة الدهنية أو التي تحتوي على توابل، حيث أ نها تسبّب الغازات التي بدورها تسبّب الكوابيس، هذا بجانب التهيؤ للنوم بممارسة أحد أساليب الاسترخاء، مثل أخذ أنفاس عميقة بهدوء وانتظام، مع الالتزام بوقت محدّد للنوم والاستيقاظ يومياً، ما يساعد على تجنّب الكوابيس.
ويحذر الدكتور ياسر توفيق، أستاذ علم النفس بجامعة الأزهر، من مشاهدة الأطفال لأفلام الرعب والاستعاضة عنها بمشاهد تجلب لهم السعادة والطمأنينة، كذلك عدم تناول الطعام مباشرة قبل الخلود للنوم.