تعهدت مصر بمواصلة حربها ضد "الارهاب حتى اقتلاعه من جذروه" غداة هجمات غير مسبوقة اسفرت عن مقتل العشرات بينهم جنود في شمال سيناء وفي مواجهة تنامي قوة جهاديي تنظيم "الدولة الاسلامية". ويعتبر العنف المتنامي في البلاد بمثابة اختبار للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قائد القوات المسلحة سابقا، الذي تعهد باستئصال هؤلاء المسلحين المتشددين. واستخدم الجيش المصري الاربعاء طائرات اف 16 لقصف مواقع مقاتلي "الدولة الاسلامية" الذين نقلوا المواجهات مع القوات الامنية الى شوارع مدينة الشيخ زويد في شمال سيناء بعدما شنوا هجمات مباغتة على حواجز للجيش ومنشآت امنية اخرى. واعلن الجيش عن مقتل 17 جنديا ومئة مسلح، فيما تحدثت مصادر طبية وامنية عن مقتل 70 شخصا على الاقل، غالبيتهم من الجنود، الى جانب عشرات الجهاديين. وحتى الآن لم يوضح السبب خلف هذا الفرق الشاسع في الحصيلة. واكد الجيش المصري في بيان ان "القوات المسلحة تقود حربا شرسة ضد الارهاب دون هوادة"، مضيفا "نؤكد لشعبنا العظيم اننا لدينا الارادة والاصرار لاقتلاع جذور هذا الارهاب الاسود، ولن نتوقف حتى يتم تطهير سيناء من جميع البؤر الارهابية". ودان البيت الابيض في بيان تلك الهجمات غير المسبوقة، والتي تأتي بعد يومين على اغتيال النائب العام المصري هشام بركات في تفجير سيارة في القاهرة، وقبل يومين من الذكرى الثانية لعزل الرئيس الاسلامي محمد مرسي على يد الجيش في الثالث من تموز/يوليو 2013. وبركات ارفع مسؤول حكومي يقتل منذ بدء الهجمات التي تعلن منظمات اسلامية متطرفة تنفيذها ردا على الاعتقالات والاحكام التي صدرت بحق اسلاميين منذ الاطاحة بمرسي. ونددت الولاياتالمتحدة بموجة الهجمات غير المسبوقة ضد الجيش المصري. وجاء في بيان لمجلس الامن القومي الاميركي ان "الولاياتالمتحدة تقف بتصميم الى جانب مصر وسط موجة الهجمات الارهابية (…) وستواصل دعمها لمصر لمواجهة تلك التهديدات التي تمس أمنها". واظهرت الصحف المصرية والحكومية خاصة دعما للجيش، اذ كتبت صحيفة الجمهورية على صفتها الاولى "النصر او الشهادة"، كما عنونت صحيفة الاخبار "الانتقام". ونشر المتحدث العسكري صورا على صفحته على موقع فيسبوك لقتلى الجهاديين. وهجمات سيناء الاخيرة هي الاكثر تنظيما وقوة منذ بداية الاضطرابات اثر عزل مرسي. واعتلى مسلحون اسطح البنايات واطلقوا النيران من مدافع الار بي جي على قسم شرطة الشيخ زويد بعدما لغموا الطريق المؤدي له لمنع وصول اي امدادات للقسم، حسب ما قال عقيد في الشرطة. وروى ايمن محسن، احد سكان الشيخ زويد، لوكالة فرانس برس ان "الارهابيين استمروا بالتحرك لساعات في الشوارع الملغمة واطلقوا النار باتجاه القسم (مركز الشرطة) وصواريخ باتجاه معسكر الجيش في الزهور". وتابع "انتشر عناصر في قلب المدينة وسيطروا عليها حتى العصر واطلقوا النار من وسط بيوت المدنيين باتجاه قسم الشيخ (زويد) الواقع في قلب المدينة". ومن جهته قال مسؤول كبير في الجيش لفرانس برس في وقت سابق "انها حرب (…) لم نشهد مثل هذا العدد من الارهابيين ونوعية الاسلحة المستخدمة من قبل". اما فرع تنظيم الدولة الاسلامية في مصر "ولاية سيناء" فاعلن انه "تمكن اسود الخلافة في ولاية سيناء من الهجوم المتزامن على اكثر من 15 موقعا عسكريا لجيش الردة المصري". وطالما تُستهدف القوات المصرية في سيناء حتى ان مئات الشرطيين والجنود قتلوا في هجمات شن القسم الاكبر منها الجهاديون في شمال سيناء منذ الاطاحة بمرسي. وقتل في بعض الهجمات ايضا شرطيون وجنود في القاهرة. وهجمات الاربعاء مشابهة لاخرى في الثاني من نيسان/ابريل ضد حواجز للجيش قتل خلالها 15 جنديا. وفي كانون الثاني/يناير، استهدف هجوم بالصواريخ فضلا عن سيارة مفخخة قاعدة عسكرية ومراكز للشرطة ومجمعا سكنيا للقوات المسلحة والشرطة. وقتل وقتها 24 شخصاً غالبيتهم من الجنود. وتحدث هذه الاعتداءات برغم اتخاذ الجيش المصري اجراءات امنية للحد من هذه الهجمات منها اقامة منطقة عازلة بعمق كيلومتر على الحدود مع قطاع غزة كذلك فرض حالة الطوارىء وحظر التجوال في قطاعات كبيرة من شمال سيناء. ويقول خبراء ان الجيش المصري يفتقد الخبرة اللازمة لمحاربة المقاتلين المسلحين. وفي هذا الصدد اعتبر ماثيو غيديري الخبير في المجموعات الجهادية في جامعة تولوز الفرنسية ان الجيش المصري "لا ينشر الوحدات المناسبة، فيجدر ان تلاحق تلك المجموعات قوات خاصة، اما ما يقوم به الجيش فهو مجرد نشر افواج من الجنود. كما لن ينفع اللجوء الى طائرات اف 16". وعلى ضوء هذه الهجمات، اقرت الحكومة المصرية الاربعاء مشروع قانون جديد لمكافحة الارهاب كما طالبت بتسريع اجراءات الاستئناف. وتعهد الرئيس السيسي بتشديد القوانين لتنفيذ العقوبات الجنائية ضد المتشددين الاسلاميين بشكل اسرع في اول رد فعل على اغتيال النائب العام. وصنفت الحكومة المصرية جماعة الاخوان المسلمين ب"الارهابية" في كانون الاول/يناير 2013 في اطار حملة امنية ضد مؤيدي مرسي اسفرت عن مقتل المئات واعتقال الآلاف. وصدرت احكام بالاعدام بحق المئات من بينهم مرسي نفسه اذ ادين في ما يعرف بقضية "اقتحام السجون" بارتكاب عدة جرائم بينها "الاعتداء على المنشآت الأمنية".