قال السفير الأميركي في الرباط دوايت بوش، إن المغرب أصبح نموذجا عالميا في استثمار الطاقات المتجددة، ويمكن للدول الراغبة في الحد من تبعيتها لواردات الطاقة الاستفادة من تجربة المملكة، ورأى السفير أن المغرب نجح في رهانه على الطاقات المتجددة لتقليص فاتورة الواردات النفطية، وأن الاستقرار السياسي والاجتماعي جعل البلاد قبلة للاستثمارات الأجنبية. ورأت واشنطن أن الرباط قطعت شوطا طويلا في مجال تقليص تبعيتها لواردات الطاقة، من خلال ضخها لاستثمارات كبيرة في قطاع الطاقة المتجددة. ويستورد المغرب حاليا أكثر من 90 بالمئة من احتياجاته النفطية، وتصل تكلفة فاتورة واردات الطاقة إلى أكثر من 3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. ويرى صناع القرار الاقتصادي في المغرب أن الاعتماد شبه الكلي على استيراد حاجات البلاد من النفط، أصبح يشكل عبئا كبيرا ومتزايدا على الخزينة العامة للدولة. انخفضت واردات المغرب النفطية العام الماضي بنحو 3.1 بالمائة، مقارنة بعام 2013، لتصل إلى نحو 13 مليار دولار، ما يعادل نحو 20 بالمئة من إجمالي الواردات، فيما فاقم عجز الميزان التجاري، وأدى لارتفاع فاتورة دعم الوقود التي تكلف سنويا نحو 3 مليار دولار. وقال مراقبون إن المغرب يراهن على الاستثمار في الطاقات المتجددة النظيفة، لتغطية جزء من احتياجاته، ولضمان سلامة البيئة وصحة المواطن، معتمدا أيضا على اقتصاد يشمل الزراعة والسياحة لتنويع مصادر الدخل. ولا تبدو السلطات المغربية متحمسة للتنقيب عن النفط في هذه المرحلة بالنظر إلى النتائج غير المضمونة، مفضلة الاستثمار في الطاقات المتجددة الصديقة للبيئة، وفي مجالات اقتصادية متنوعة، كفيلة بتوفير مزيد من فرص العمل، مستفيدة من الاستقرار السياسي والاجتماعي.
ويقول وزير الطاقة المغربي عبدالقادر عمارة “إن بلاده انتهجت خيارا استراتيجيا بتطوير الطاقات المتجددة، بدلا من التبعية للوقود الأحفوري، لكسب الرهانات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية الأساسية”. وأضاف “أن هذا الخيار يسير في اتجاه تحقيق أكبر قدر من الاستقلالية في مجال الطاقة، وضمان نمو متوازن لجميع جهات البلاد، والوصول إلى تنمية اقتصادية قوية ومستدامة وشاملة، مع التحكم في تكلفتها” وأكد أن الموقع المتميز الذي يحتله المغرب في مجال الطاقات المتجددة يثير اهتمام العديد من الشركات العالمية، التي تعتزم بحث فرص الاستثمار التي تتيحها بلاده في المجال. وكان مصطفى الباكوري، رئيس الوكالة المغربية للطاقة الشمسية، أكد في نهاية العام الماضي أن المغرب أصبح يحتل المرتبة الثانية عالميا في مجال جاذبية الاستثمار في الطاقات المتجددة بعد الولاياتالمتحدة. وأشار إلى أن بلاده وضعت إطارا جيدا لدعم وتشجيع الاستثمارات في هذا المجال، ضمن مشاريع بناء محطات لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، أولاها محطة ورززات عند أبواب الصحراء والتي تقدر طاقتها بنحو 500 ميغاواط، إضافة الى محطات نور 2 ونور 3. والمغرب الذي لا يتمتع باحتياطات كبيرة من المحروقاتن حدد لنفسه هدفا يكمن في تغطية 42 بالمئة من حاجاته بواسطة الطاقات المتجددة بحلول 2020. وإضافة إلى الطاقة الشمسية، يراهن الرباط على تطوير طاقة الرياح ويجري بناء أكبر مزرعة رياح في قارة أفريقيا في طرفاية جنوب غرب البلاد. ويؤكد وزير الطاقة المغربي أن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح واصلت نموها المطرد خلال السنوات الأخيرة، رغم الأزمة المالية والركود الذي عرفه النشاط الاقتصادي العالمي. وقال إن ذلك يؤكد النمو الاستثنائي للطاقات المتجددة التي تقدر استثماراتها في المغرب بنحو 10 مليار دولار لإنتاج نصف الحاجة من الكهرباء وتقليص فاتورة الطاقة بحلول عام 2020.
وأشار إلى أن المغرب حدد هدفا لإنتاج ألفي ميغاوات عبر استغلال الرياح، وتمكن حتى الآن من إنجاز 380 ميغاوات، وهنالك 550 ميغاوات في طور الإنشاء، و200 ميغاوات في طور التطوير. ولا يبدي المغرب اهتماما كبيرا بمشاريع التنقيب عن الغاز الصخري، مفضلا عليها مشاريع الطاقات المتجددة خاصة طاقات الشمس والرياح، على عكس بعض البلدان المجاورة مثل الجزائر. وخصصت الرباط نحو 36 مليار دولار من الاستثمارات خلال السنوات المقبلة لقطاع الطاقات المتجددة، بينما خصصت القيادة الجزائرية 70 مليار دولار للتنقيب عن النفط الصخري المثير للجدل. وكان المغرب قد حاول في فترات متقطعة في سبعينات القرن الماضي، استغلال النفط الصخري، لكن كلفته المرتفعة ومخاطره على البيئة كانت تدفع الحكومات المتعاقبة إلى البحث عن بدائل أفضل. ويؤكد الخبير الفرنسي في العلوم الجيولوجية رولان فيالي عضو المعهد الفرنسي للبترول والطاقات المتجددة، أن الزيوت الصخرية النفطية طاقة من نوع رديء. وتصل تكلفة إنتاج برميل من النفط الصخري إلى 6 أضعاف تكلفة النفط التقليدي. ويعتمد الاقتصاد المغربي على الزراعة والسياحة، فيما تضاعف القيادة المغربية جهودها من أجل حماية البيئة، وجعل البلاد أكثر جذبا للسياح، لذلك تبدو المراهنة على الطاقات الصديقة للبيئة أفضل خيار لضمان تحقيق هذه الأهداف. وسجل المغرب ارتفاعا في عدد السياح بنسبة 4 بالمئة خلال العام الماضي ليقارب عددهم 10 مليون سائح بإيرادات بلغت نحو 6.6 مليار دولار. وتخطط وزارة السياحية لجذب 20 مليون سائح سنويا في السنوات المقبلة. ويمثل قطاع السياحة المغربي 10 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.