ليس من منظر أفظع ولا أقسى على النفس من مشاهدة امرأة مُسنة أفنت عمرها في خدمة الآخرين لا تجد من يخدمها وهي في أرذل عمرها ، و لا من يرأف لحالتها وهي في شيبتها ، فكيف بعجوز تهرأ لحمها وانسلخ ، ونزف جرحها وانتفخ، فبات بدنها العليل مرتعا للديدان، فتحولت إلى شبح إنسان. هي سيدة بلغت من العمر عتيا، 79 عاما وفق الأوراق الثبوتية، اشتغلت مستخدمة سنوات عدة في القصر الملكي بمراكش، "دار المخزن" كما يسميه المغاربة، غير أنها لم تحظ قط بتغطية صحية، إلى أن انتهى بها "غدر الزمان" لتقطن في بيت من تراب بدوار "كراوة" بمراكش، قبل أن يتهدم بيتها لتجد نفسها فجأة في العراء. أرملة مُسنة بلا أبناء توسدت الأرض فراشا والسماء سقفا مدة من الزمن، تحت حرارة الشمس وصقيع البرد سيان، تعيش على مساعدات المحسنين في قعر دارها المتهدمة، وتجلس على كرسي لا تفارقه إلى أن أصيب بنتوءات وتقرحات في جسدها الضعيف. محمد يسرد، في اتصال هاتفي حكاية عمته العجوز التي تنكر لها الجميع، فباتت حبيسة غطائها البلاستيكي الذي آوت إليه، تقضي فيه يومها، وتقضي فيه حاجتها إلى أن تأزمت وضعيتها الصحية، وتعفنت جروحها. يقول محمد "عندما أتينا لحملها إلى بيتي وجدنا أن "ركبتها هزات لحم الركبة الثانية"، وصار لحمها "كيطيح"، ليقوم الشاب بحملها على عجل إلى مستشفى ابن طفيل بمراكش، لتحصل المفاجأة المحزنة..المستشفى رفض استقبال العجوز الذي تقرح لحمها وصار الدود يخرج من جرحها بدعوى عدم الاختصاص. انتقل محمد بالسيدة العجوز، وفق روايته للجريدة، إلى المستشفى العسكري الذي قدم لها بعض الإسعافات، غير أنهم طلبوا منه أن يعتني بها في البيت إلى أن يحين أجل وفاتها، بعد أن أضحت روائح كريهة تنبعث من جرحها المتعفن إلى درجة شديدة. " بنت دار المخزن" التي أفنت زهرة شبابها في خدمة "المخزن"، لم تجد من مستشفيات الدولة من يراعي شيبتها، ويرأف لحال ضعفها وعجزها، ويأويها لعلاجها والأخذ بيدها في هذه السن المتقدمة.. يقول محمد إنه لم يترك بابا إلا طرقه من أجل الرعاية الصحية لعمته، لكن بدون جدوى، فهو لا يطلب مالا، بل يطلب عناية صحية لائقة لحالة عمته السيدة العجوز"، حتى أنه صار هو الآخر يعيش معاناة اجتماعية وصحية جراء إيوائها لها في بيته، بعد أن أصبحت صحة أبنائه الصغار مهددة بسبب استنشاقهم للروائح المنبعثة من تلك الجروح المتعفنة، واحتكاكهم اليومي بالجراثيم الناتجة عن وضعيتها الصحية المتردية. فهل من آذان صاغية..وهل من مسؤولين يتحملون مسؤولياتهم في العناية بهذه السيدة العجوز على المستوى الصحي.."فيا الله أغثنا برحمتك " يصرخ محمد في ألم. العنوان الذي توجد فيه السيدة العجوز المصابة: 2048 حي سوكوما 1 مراكش 0667359069