قادتني الأقدار البارحة 20 يناير 2014 لنقل جار لي إلى قسم المستعجلات بمستشفى الحسن الثاني بمدينة أكادير. فرأيت بأم عيني ما يشيب له الولدان، صفوف مكدسة أو موج بشري أمام قسم واحد للفحص في غياب شبه تام للممرضات والممرضين والأطباء باستثناء طبيب وحيد يتنقل هنا وهناك تائه كمن يبحث عن شيء، أظنه حديث العهد بهذا القسم أو متدرب . الفوضى تعم المكان و الذين يتحكمون في كل شيء ويصولون ويجولون هن عاملات النظافة. ومن الأحداث التي رأيتها وأفقدتني صوابي هو وقوف امرأة قروية تحمل بين ذراعيها طفلا لا يتجاوز عمره 4 شهور أفقدته الحمى المفرطة ( السخانة) وعيه، شاردة بين عشرات المرضى في صف طويل غارقة في بكاء ممزوج بمرارة وحسرة وهي ترى فلذة كبدها بدأ يهمد شيئا فشيئا إلى أن فارق الحياة بين يديها وهي تنتظر دورها لتنقذ رضيعها والله أعلم كم قطعت به من جبال الى أن أوصلته إلى هذا القسم الذي لم يقدم لها شيئا باستثناء التعجيل بموته الذي كان لن يكلف إنقاذه جهدا طبيا، فقطرات من الأدوية المخفضة للحرارة كافية لتجنب فقدان رضيع لا ذنب له سوى مغربيته عن أي وطن نتحدث؟ عن أي خدمة عمومية نتحدث وأي قسم مستعجلات نرجو؟ ماذا قدمنا لهاته الفئة العريضة من سكان البوادي والجبال المقهورين والذين يتولون وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون؟ كفانا صمتا وخنوعا وجهلا وخوفا واستهتارا ؟