بأيي شئ خرجنا من الربيع العربي الذي مر عليه الآن حوالي 3 سنوات؟ بدستور جديد متقدم في النصوص على دساتير 1962، 1971، 1992 و1996، لكنه دستور لا يطبق لخص قيدوم الصحافيين المغاربة ووزير الاتصال السابق، الأستاذ العربي المساري، الكثير من الكلام حول الربيع المغربي وتطورات ما بعد 20 فبراير في جملة قصيرة ومعبرة. قال المساري في ندوة بالرباط يوم أمس: «حين لاح الربيع العربي في الأفق، اندلع حراك قوي في المغرب، وخرجت 54 مدينة وعمالة وإقليما دفعة واحدة تطالب بالإصلاح، لكن بعد ثلاث سنوات رجعنا إلى نقطة الصفر…». ما العمل يا أستاذنا؟ «على الأحزاب، يمينها ويسارها وإسلامييها، أن تتوحد حول هدف الانتقال، وذلك عبر التفاوض». هكذا يلخص مناضل استقلالي كبير وأحد كبار مثقفي المملكة أوضاع بلاده بعيدا عن لغة الخشب والتحريض، فلا هو الآن في المعارضة ولا في الحكومة. إنه صحافي وشاهد على حوالي نصف قرن من تاريخ بلاده، ولهذا وجب أن نصيخ السمع لما يقوله، اتفقنا أو اختلفنا معه. بماذا خرجنا من الربيع العربي الذي مر عليه الآن حوالي 3 سنوات؟ بدستور جديد متقدم في النصوص على دساتير 1962، 1971، 1992 و1996، لكنه دستور لا يطبق، حتى إن محمد الساسي، المناضل اليساري الشهير، قال عنه بحس التهكم والسخرية المعروفين عنه: «إن بنكيران يطبق جيدا دستور 1996»، بمعنى أننا لم نخرج إلى الآن من عباءة دستور الحسن الثاني، وأن دستور محمد السادس، الذي فرضه سياق الربيع العربي، «عُلق العمل به» إلى إشعار آخر… بماذا خرجنا أيضا من الربيع العربي؟ بحكومة جديدة منبثقة عن أغلبية جديدة… هذه أيضا تحتاج إلى مناقشة. الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية وعدت المغاربة بحزمة من الوعود، وهي محاربة الفساد والاستبداد، وتأويل الدستور تأويلا ديمقراطيا، والقيام بإصلاحات اقتصادية واجتماعية حقيقية تعيد بعض التوازن المختل إلى بنية المجتمع المغربي… بعد سنتين، جل هذه الوعود مازال معلقا في الهواء… ليس لأن بنكيران غير جلده، ولا لأنه باع ثقة الناس مقابل الكرسي. أبدا، هذا لم يقع إلى الآن. ما وقع أن بنكيران لم يعرف أين يجد المفتاح لحل الأبواب المغلقة، فلا هو ربح ثقة القصر ومر إلى السرعة القياسية لإنجاز الإصلاحات الكبرى على متن التوافق مع القصر، ولا هو تشبث بالدستور وصلاحيات الحكومة والمؤسسات، وخارطة الديمقراطية الحقيقية وأبقى أوراق الثقة الشعبية في يديه للضغط على السلطة (وأوقف البيضة في الطاس). بنكيران وقف في وسط الطريق، فلم يأخذ لا بهذه ولا بتلك، ولم يجد الوصفة بعد لما يسميه الإصلاح في ظل الاستقرار، ومن يقول غير هذا فهو كاذب أو واهم، رئيس الحكومة الآن يمشي بلا بوصلة، وباستثناء نظافة يده وحسن نيته، لا مشروع لديه لتحويل المغرب إلى بلد في طور النهضة والتقدم والديمقراطية، وعوض أن يدفع السلطة إلى التكيف مع أجندة الإصلاح، يحاول هو أن يتكيف مع أجندة «السلطوية الناعمة»، غافلا أن الناس صوتوا لصالحه ليس فقط لأن يده نظيفة، ولكن لأنه صاحب إرادة ومشروع ورؤية للعبور بالمغرب سالما من منطقة الزوابع السياسية التي ضربت المنطقة، إلى مغرب آخر يستحق أن يعيش فيه المغاربة بحرية وكرامة وبلا خوف من الرجوع إلى الوراء. بنكيران يعرف هذا ويعرف أكثر، لكنه يظن أن الزمن في صالحه، وأن القوى المنافسة له ضعيفة، وبالتالي فإن الانحناء للعاصفة بدون خطة بديلة يكفي في هذه المرحلة… طبعا خصومه في المعارضة ليس لهم أي حساب عنده، فهم أيضا فشلوا في اختراق السلطوية وخططها عندما وصلوا إلى الحكومة وتركوا (المخزن) يتكيف مع الظروف ويمتص روح الإصلاحات ويرجع إلى حاله عند أول مناسبة، لكن حساب بنكيران وحزبه ليس أمام هذه الأحزاب التي صارت معاقة اليوم.. حسابه أمام التاريخ والشعب الذي راهن عليه، وها هو يرى المغرب يرجع إلى نقطة الصفر، كما قال المساري