فتحت لجنة من المفتشية العامة للمالية أبحاثا موسعة في شأن تعثر صفقات عمومية تابعة لمؤسسات ومقاولات عمومية، بسبب مشاكل في تدبير طلبات العروض. وأوضحت المصادر ذاتها أن مفتشي المالية فتحوا ملفات الصفقات المعنية بعد تفويتها لمقاولات قدمت "أسعارا منخفضة بشكل مبالغ فيه" دون التثبت من جديتها وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها، ما أدى إلى تعثرها في غضون أشهر قليلة. ويأتي هذا بعد توصل مصالح التفتيش التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية بشكايات واردة عن متنافسين في صفقات عمومية، بشأن خرق مبدأ اختيار العروض الأفضل اقتصاديا بدل الأقل سعرا، بما ينسجم مع إجراءات الحكامة في تدبير هذا النوع من الصفقات، وهي الشكايات التي تم توجيهها أيضا إلى اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية. وأكدت المصادر نفسها أن مفتشي المالية أخضعوا محاضر تتبع أشغال هذه الصفقات للافتحاص، حيث رصدوا مجموعة من الاختلالات على مستوى المراقبة ومعاينة الأشغال والسلع والتجهيزات التي جرى توريدها للجهات أصحاب المشاريع. وإلى جانب ذلك، رصد ذات المفتشين قفز مسؤولين عن تدبير طلبات عروض في مؤسسات ومقاولات عمومية على إجراءات مهمة عند اختيار العروض المقدمة من قبل الشركات التي ثبت تسببها في تعثر الصفقات العمومية. ومن جهة أخرى، تم إهمال طلب تبريرات للشركات المعنية بخصوص الأسعار المنخفضة المقترحة من قبلها، معززة بوثائق ومستندات، خصوصا ما يتعلق بتكاليف المواد الأولية والتجهيزات المطلوبة، وكذا عدد اليد العاملة والأطر الموظفة لإنجاز الأشغال. وأبرزت نفس المصادر أن افتحاص معاملات سابقة للشركات المتعثرة في الصفقات العمومية أظهر مجموعة من الاختلالات على مستوى القدرات المالية لدى بعضها وعدم تسويتها لمعاملات مع مزودين وزبائن وملاحقتها بمستحقات جبائية في سياق مراجعات ضريبية حديثة. وأوضحت المصادر سالفة الذكر أن التدقيق في عروض أسعار منخفضة مقدمة من قبل هذه الشركات كشف عن إسقاط بعضها تكاليف مرتبطة بتتبع الأشغال والنفقات الطارئة المتعلقة بطبيعة المشاريع وتعويضات الخبرة الخارجية المطلوبة لإنجاز هذه المشاريع، كاشفة أن ضعف صياغة طلبات العروض ظهر من خلال عروض الأثمان المقدمة من قبل متنافسين، حيث وقع عدد منهم ضحية غموض بعض بنود الأشغال. هذا، وقد امتدت ملاحظات المفتشين إلى قصور في عمل المسؤولين المعنيين بتتبع الصفقات المتعثرة، خصوصا في مقارنة الأثمان المقترحة من قبل الشركات مع البيانات التفصيلية للأسعار المقدرة في الصفقات.