ليس العيب في أن يختار عزيز أخنوش أسماء الوزراء وكتّاب الدولة من دائرته المقربة. هذا حق دستوري منحه له الناخبون عبر صناديق الاقتراع، ومن حقه، كأي رئيس حكومة منتخب، أن يعتمد على أشخاص يثق بهم لتنفيذ برنامجه. فهذا جزء من قواعد اللعبة السياسية. لكن العيب يكمن في أن تقتصر هذه الكفاءة السياسية على دائرة ضيقة من الأسماء المكررة التي لا تقدم جديدًا، مما يعكس فهمًا محدودًا لمفهوم الكفاءة. يبدو أن حزب الأحرار يعتقد أن هذه هي "أفضل" الكفاءات المتاحة، وأن الولاء الشخصي يتفوق على الكفاءة الحقيقية. السياسة لا تُبنى على الثقة الشخصية وحدها، بل تحتاج إلى تنوع في الأفكار والخبرات. ما يزيد الوضع تعقيدًا هو انحدار مستوى الحوار السياسي، حيث يُنظر إلى كل نقد موجه للحزب أو سياساته على أنه عداء، ويُوصف بأنه "نباح". هذا الأسلوب في الرد لا يتماشى مع دولة تتطلع إلى بناء ديمقراطية حقيقية؛ بل إنه يُضعف ثقة المواطنين في العملية السياسية ويشوه صورة الأحزاب أمام الرأي العام. والأدهى من ذلك، أن بعض الأحزاب التي كانت تنتقد أخنوش بالأمس قد انضمت إليه اليوم، متناسية وعودها الانتخابية ومعارضتها السابقة. هذه الازدواجية تخلق مشهدًا سياسيًا غير مستقر، حيث تتبدل التحالفات بسرعة وفقًا للمصالح الحزبية. لقد سئم المواطنون من هذا المشهد المتكرر؛ نفس الوجوه ونفس السياسات ونفس الوعود تُعاد دون أي تغيير حقيقي. السياسة في المغرب تبدو وكأنها تدور في دائرة مغلقة، حيث يتم إعادة تدوير نفس النخب دون تقديم حلول ملموسة للتحديات التي يواجهها المواطنون في مجالات التعليم والصحة والشغل. والغريب أن حزب الأحرار يقدم اقتراحاته على أنها قمة الكفاءة. لكن، هل الكفاءة تُقاس بمدى القرب من دوائر صنع القرار؟ السياسة الحقيقية تحتاج إلى وجوه جديدة قادرة على مواجهة التحديات وتقديم الحلول، وليس مجرد إعادة إنتاج نفس الأسماء. إن محاربة النقد والتضييق على الرأي المخالف لا يخدم الديمقراطية؛ بل يعوق تطورها. في مغرب الألفية الثالثة، نحن بحاجة إلى أحزاب تدرك أن الديمقراطية تعني احتضان التعددية واحترام النقد، وليس القضاء على الأصوات المخالفة. إذا استمر الوضع كما هو، فسنظل ندور في نفس الدائرة المغلقة التي تُغلق فيها الأبواب أمام التغيير، ويُستبدل الحوار السياسي بالتصنيفات السلبية والتخوين. مغرب الألفية الثالثة يستحق ديمقراطية حقيقية، حيث تُقدَّر الكفاءة من خلال الإنجازات والنتائج، وليس عبر الولاء الشخصي والانتماءات الضيقة. عبد الله بن عيسى